طلال سلمان

ديموقراطية دبابات قتل

تجدد »الديموقراطية الإسرائيلية شبابها بدماء الفلسطينيين: من يقتل أكثر فهو »زعيم الأغلبية«، وهو »القائد« المفوض باستكمال »حرب الاستقلال« حتى تصير فلسطين أثراً بعد عين..
من شيمون بيريز الى بنيامين نتنياهو إلى إيهودا باراك انتهاءً بأرييل شارون: تصاعد الخط البياني للأصوات الإسرائيلية متسقاً مع عدد الضحايا من الفلسطينيين. عملة »المزاد« هي الجثث، الشبان بالأفضلية، وبعدهم الفتية اليافعون ثم الصبية… ولا بأس من بعض الأطفال والنساء تدليلاً على ترفع الإسرائيليين عن التمييز على قاعدة الجنس أو العمر.
من يستطيع التشكيك بأن إبادة الفلسطينيين لا تتم وفق الأصول الديموقراطية الإسرائيلية: ها هي »الإرادة الشعبية« قد أدّبت المهادنين والمتخاذلين والقائلين »بالسلام« ولو نفاقاً، وبالشروط التي لا يمكن قبولها، فأنزلتهم من أعلى عليين إلى أسفل سافلين.. بل إنها فرضت على القلة القليلة من الجديين في مناداتهم بالتعايش بين »شعبين« و»دولتين« على أرض فلسطين الواحدة، أن يرموا بأنفسهم مع شعاراتهم »اليسارية« في مزبلة التاريخ؟
كيف يكون العنصري ديموقراطياً؟!
من هو هذا »المفتري« الذي يتهم العنصري باليسارية واحترام حق الآخرين بالحياة، مجرد الحياة؟!
ها هي دبابات زعيم الديموقراطية الإسرائيلية، في طبعتها الأخيرة، أرييل شارون، تخرج من صناديق الاقتراع لتباشر مهمتها النبيلة في إزالة المدن القديمة والمتخلفة، الضيقة الطرقات، المتراصفة بيوتها العتيقة بصلة القربى الممتدة أجيالاً، قروناً، الفية، الفيتين، أو يزيد..
تتقدم الجرافات، والدبابات من خلفها: تبقر بطون البيوت، تهدم سقوفها والجدران وتسحق صور الزفاف والآباء والأجداد المعلقة فوقها، تلتهم صور الأطفال في أعياد ميلادهم، والشباب في حفلات تخرجهم، والصبايا في النزهات المولدة للأحلام..
تسحق الدبابات »بسطات« الفواكه والخضار، والدكاكين التي تبيع الأرز والزيت والسكر والطحين وماء الورد، وتطارد الباعة والمشترين و»ستات البيوت« الآتيات لشراء ما يسد جوع الأسرة، برجالها العاطلين عن العمل وفتيتها الممنوعين من الذهاب الى المدرسة أو إلى الجامعة خصوصاً.. ما لهم والعلم هؤلاء كتبت عليهم الديموقراطية الإسرائيلية »الذلة والمسكنة الى يوم الدين«..
تتقدم الدبابات من خان يونس وغزة وطولكرم وجنين والخليل فإذا هي على أبواب بغداد، والناصرية، وكربلاء والنجف والبصرة والموصل وسائر أرض بابل،
ها قد بدلت الديموقراطية راية النجمة السداسية بتلك ذات الخمسين نجمة، لكن الهدف واحد.
لكم تتشابه وجوه جنود الديموقراطية المدججين بالسلاح ذاته؛ الدبابة هي الدبابة مع شيء من التعديل، والطائرة هي الطائرة بغير تعديل، والهدف هو الهدف بغير تبديل.
في فلسطين تسحق الدبابة الديموقراطية الشعب الذي يرفض ان يخلي المكان لرسل الحضارة،
وفي العراق تحتشد الدبابات الديموقراطية لكي تحرر هذا الشعب الذي يرفض ان يترك نفطه لأهل التقدم والعلم، ويعود الى الصحراء الفسيحة حيث يمكن تعليمه الديموقراطية بغير معوقات.
»النبي النووي« و»السفاح النووي« يتناوبان الآن على قيادة الدبابات الديموقراطية، كما على اطلاق الصواريخ الديموقراطية، وعلى توجيه قذائف الاعماق الديموقراطية.
لديموقراطية القتل الكلام، فليخرس عبيد الألفية الثالثة، أبناء الصحراء والعطش، الجهلة، المتوحشون الذين يرفضهم العصر لأنهم أبناء الماضي الذي لن يعود!

Exit mobile version