طلال سلمان

دولة… بالقتل!

في العاشر من نيسان 1973 كتبت إسرائيل بدماء «القادة الفلسطينيين الثلاثة» محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، وهو شاعر رقيق، والعديد من «الفدائيين» والمناصرين اللبنانيين، مقدمة الحرب الأهلية التي سوف تحرق نيرانها لبنان والمقاومة الفلسطينية فيه بدءًا من 13 نيسان 1975 وعلى امتداد دهر طويل من الموت والخراب.
في ذلك العاشر من نيسان 1973 عاش اللبنانيون مقدمات الخطر الإسرائيلي الذي توغل في الداخل حتى بلغ العاصمة بيروت – الأميرة التي احترقت ولم ترفع الأعلام البيضاء، واتخذ جنرالات العدو بقيادة ارييل شارون «مكاتب» في أنحاء مختلفة من بعض الضواحي، ما ظهّر الانقسام بين اللبنانيين حول اتخاذ الفدائيين من لبنان «مقراً» في حين كان الافتراض انه «المعبر» إلى الأرض المحتلة فحسب.
ولسوف يمتد شريط الاعتداءات الإسرائيلية حتى بداية حزيران 1982 لتتخذ شكل الاجتياح العسكري الذي فرض الظل الإسرائيلي الأسود على الجنوب والبقاع الغربي والشوف وعاليه وصولاً إلى العاصمة – الأميرة بيروت، عبوراً بالقصر الجمهوري ووزارة الدفاع في بعبدا. وكان بين النتائج السياسية: إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان، وفرض رئيس للجمهورية يعرفه الإسرائيليون جيداً ويطمئنون إليه.
هي دولة لا تقوم إلا بالقتل ولا تبقى إلا به… وبديهي أن الحروب الأهلية التي تعيش بعض الدول العربية على حافتها أو في قلبها تمكن لها في ارض فلسطين كما في القرار السياسي العربي.
ولقد أردنا في هذا العدد من «فلسطين» تكريم طابور الشهداء الذين اغتالهم العدو الإسرائيلي سواء في لبنان او في أنحاء أخرى من العالم، فضلاً عمن قتلهم داخل فلسطين، فخصصنا الجزء الأول منه لهؤلاء الذين وهبوا حياتهم للقضية المقدسة فجعلوها مباركة.
أما الجزء الثاني فقد خصصناه لجبل النار: نابلس التي طالما وُصفت بدمشق الصغرى، ربما لأن بعض عائلاتها الأساسية قد تحدرت من دمشق أو هي امتداد لمن في الشام من أهل… وجميع هذه العائلات بغنى عن التعريف، فمنها المناضلون والشعراء والقادة السياسيون والوجاهات العريقة التي أسهمت في حفظ ما تيسر لها حفظه من الأرض المقدسة. ومن لا يعرف آل طوقان بالوهج المميز لمبدعيهم من الشعراء وآل المصري وآل النمر وآل عبد الهادي… ومن يمكنه أن ينسى الشهيد – الحي بسام الشكعة وعائلته التي لها كما لسائر أبناء «جبل النار» دورها في الجهاد من أجل التحرير.
وكل عام وأنتم بخير، فمع هذا العدد يكمل ملحق «فلسطين» عامه الثالث، ولسوف يتابع مسيرته بعون الله في خدمة هذه القضية المقدسة وشعبها المظلوم والذي يستمر في تقديم طوابير المجاهدين ويكتب بدماء شهدائه سيرة فلسطين، التي لا تغيب عن الوجدان العربي في انتظار أن تعود الأمة إلى وعيها بذاتها وتكمل مسيرة التحرير.

Exit mobile version