طلال سلمان

دستور انسان في لبنان

أثبت النظام اللبناني، الديموقراطي البرلماني نظريù، الليبرالي طائفيù، الرأسمالي المتوحش اقتصاديù، انه عريق في »ماركسيته« من خلال ايمانه بان »الانسان اعظم رأسمال في الوجود«!
فمن أجل صنف معين من الانسان تتهاوى قيمة الدستور وتتلاشى »قداسته« ويصبح التمسك بنصوصه دليل تخلف فكري وأمية سياسية،
ومن أجل صنف معين من الانسان تمكن صياغة قوانين »تفصيل«، او »على المقاس« وتسلم »غب الطلب«، يستوي في ذلك قانون الانتخاب او التقسيم الاداري او تعيين قاض في المحكمة الشرعية،
من أجل صنف معين من الانسان يمكن إسقاط نظرية تداول السلطة، وتُبتدع المسوّغات لتبرير الثبات والاستقرار والديمومة باعتبارها ادلة لا تدحض على بلوغ مرحلة النضج والتخلي عن الافكار المراهقة التي تربط الخير والعدل والتقدم بالتغيير وبدعة الصراع الديموقراطي.
الانسان هو البداية والنهاية،
ان كان طويلا فلا بأس من اضافة بعض المواد الى الدستور،
اما ان كان قصيرù فلن يضير الدستور تعديل هنا او تقصير من ثناياه هناك لكي يصير على »الموضة« في عصر السرعة والاختزال.
الدستور في خدمة الانسان. الانسان هو مبتدع الدستور وليس العكس. الدستور كلمات اما القيمة فلمن يبدع الكلمات ويجعلها ملبية للطموح البشري الى التقدم والحداثة ومجاراة العصر.
المجلس النيابي مهم جدù كمؤسسة ذات دور استثنائي وهو سيد نفسه، لكنه ينحني أمام صنف معين من الانسان، ويترك له السيادة ويتخلى له عن القرار، بوصفه سيد الكائنات جميعù،
اما الحكومة فواجبها ان تسهر على تنفيذ الارادة الشعبية كما يجسدها المجلس النيابي، وهكذا فهي تبادر مع ظهور ذلك الصنف من الانسان الى العمل فورù كجسر عبور من الظلمات الى النور، موفرة للمنقذ العتيد وسيلة انتقال مريحة وفعالة، متحملة نيابة عنه الحملات الظالمة والسهام المغرضة والنصال التي تتكسر على النصال!
الانسان؟!
من حقك ان تسأل: كم »انسانù« في لبنان تنطبق عليه هذه المواصفات؟!
لكن الجواب لا يعرفه الا مثل عدد موضوع السؤال!
اذاً، يمكنك ان تريح نفسك من عناء السؤال ومن مشقة البحث عن الجواب، منصرفù الى الاستمتاع بمباذل حياتك اليومية من فائض الدخل، الى ترف السكن، الى مباهج الضمانات الاجتماعية، الى ارتفاع مستوى التعليم ومجانيته، الى رمزية ما تدفعه للنثريات الاخرى كالطبابة والاستشفاء والرسوم وتكاليف الكهرباء التي تصل فاتورتها قبل تيارها بسنوات.. ضوئية!
على ان كل تلك تفاصيل مملة،
المهم الانسان. البداية الانسان والنهاية الانسان.
ولبنان هو الوطن النموذجي للانسان، بشهادة أهل الارض جميعù.

Exit mobile version