طلال سلمان

درس اولي في فن تشكيل اتحاد حكومات دولية امم لبنانية

لا أحد يعرف، باليقين، متى سيقرر مجلس الأمن الدولي وضع يده على مسألة الحكومة التي يستعصي تشكيلها في لبنان، بما يهدد الاستقرار الإقليمي والسلم العالمي.ذلك ان هذا الحدث الذي يبدو في ظاهره محلياً ويتصل بحقائب خاوية لحكومة عاجزة في دولة شبه مفلسة، يتجاوز في حقيقته هذه الوقائع الكاريكاتورية يتبدى كواحدة من اخطر مواقع الصدام بين المحاور والمعسكرات المتصارعة حول أدوارها في مستقبل الشرق الأوسط: قلب العالم وخزان نفطه وأرض الميعاد الإسرائيلي!أليس مجلس الأمن، لمن نسي، هو مرجع القضايا السياسية والحدود الجغرافية، بما فيها مزارع شبعا، والمسائل الأمنية ذات الخطورة الاستثنائية بدءاً بسلاح المقاومة مروراً بمكافحة الإرهاب بحراً، بالخافرات الالمانية، وبراً بشبكات التخابر والتنصت والملاحقة، وصولاً الى حوادث التسلل التي ترتكبها <بغال التهريب> على الحدود اللبنانية ـ السورية!. (اما الجو فلا تجوز مراقبته… من يحق له الاعتداء على حصانة السماء والقمر والنجوم غير سلاح الجو الاسرائيلي… وهو هو الاميركي نشأة وتجهيزاً ودوراً!).اذن، فمن باب اولى ان يتولى مجلس الأمن الموقر الاهتمام بتشكيل <اتحاد الحكومات الدولية للأمم اللبنانية> (المقتتلة)، بعدما ثبت عجز الاطراف المحلية عن اجتراح مثل هذه المعجزة غير المسبوقة……خصوصاً ان هذه <الامم اللبنانية> تقر وتعترف علنا بأن للدول، الأقوى فالأغنى فالأقرب، حصصاً في الحكومة الجديدة إلا برأسها، وان اشتد الاختلاف حول نسب التمثيل الاميركية ـ الايرانية ـ الفرنسية ـ السورية ـ السعودية ـ المصرية… القطرية الخ!كتمرين ذهني: حاول ان تقسم ثلاثين مقعداً فيها <السيادي> و<الخدماتي>، وفيها <المذهّب> و<المفضض>، وفيها مجموعة من الوزارات بلا حقائب، فضلاً ان وزارة الطاقة لا طاقة لها على الانفاق لتوليد الكهرباء او تأمين مياه الشفة، وان وزارة المالية لا مال فيها ولا خيل لحمل اثقال الديون، وان وزارة الاتصالات قد سخّرت بعد النهب المنظم ـ لتفجير التواصل الوطني ـ الإنساني بالفتنة، وان وزارة الاقتصاد تهتم اكثر ما تهتم بإنقاص حجم الرغيف مع زيادة سعره مكافحة للسمنة جلاّبة الامراض…كتمرين ذهني آخر: حاول ان تفهم <الحرب> الدائرة على حقيبة الدفاع، التي يقول فيها من يروج لها ان لا قيمة فعلية لها في الشأن العسكري اذ مرجعه العملي هو قيادة الجيش، ومع ذلك فالاصرار على <الشخص> يتجاوز كل ما احاطت به عبقرية الرحابنة في المسرحية التي تحمل العنوان وإن اختلف المضمون وأي اختلاف،كتمرين ذهني ثالث: حاول ان تفك اللغز البسيط المتمثل في ان الكل يريد حفظ هيبة الرئاسة الاولى، لكن على قاعدة ان <ليعْطه غيري، فحصتي لي وحصته لي وله>!هل تريد مزيداً من التمارين الذهينة؟ لك ذلك:اقسم الثلاثين مقعداً على 18 طائفة، ومرة ثانية على سبع دول او ربما عشر، ومرة ثالثة على التكتلات النيابية التي يصعب تفكيكها… وهات النتيجة من دون ان تنسى حصة رئيس الجمهورية، وهي حصة ملتبسة تتقاطع فيها مساحات النفوذ الخارجي مع الطموحات الانتخابية،فليس سراً ان اي نقاش جدي، حول <اتحاد الحكومات الدولية للأمم اللبنانية> ـ المقتتلة لا يرفض بل هو يقر او يسلم بحق <الدول> في المحاصصة، من حيث المبدأ، مع الاعتراض على مبالغة هذه او تلك في زيادة حصتها او في الاعتراض على حصص غيرها…كذلك ليس سراً ان هذا النقاش الجدي يستذكر اسماء مشفوعة بألقاب الجلالة والسيادة والسمو، وكذلك ألقاب الغبطة والسماحة والفضيلة، وأسماء اخرى لا تقبل سوء التأويل من امثال: جورج بوش، كوندليسا رايس، ميركل الالمانية، غول التركي، ساركوزي ومعه كوشنير، الفرنسيين، امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ومعه رئيس حكومته الشيخ حمد بن جاسم، عمرو موسى ومجموعة العشرة من وزراء الخارجية العرب الذين انخرطوا معه في <عملية الدوحة> النموذجية، ولو من موقع الذين رأوا وسمعوا واحتفظوا بنعمة الصمت… لمذكراتهم الشخصية!…ثم اسماء من هم ادنى رتبة وإن لم ينتقص التراتب من خطورة مقامهم او أدوارهم: اللواء عمر سليمان، الأمير بندر، ليفيت، ولش، ابرامز، الأمير مقرن، الشيخ عبد الله، بان كي مون مباشرة او عبر الممثل الشخصي للفتنة تيري رود لارسن.هل بات واضحاً، الآن، لماذا يتعقد امر تشكيل هذه الحكومة التي عمرها شهور والتي مهمتها ـ في حال ولدت ـ تنحصر في الاعداد لانتخابات نيابية اعتمدت لإجرائها القاعدة الأعظم ديموقراطية وتقدمية وحرية عبر التاريخ الإنساني جميعاً: لينحصر التنافس بين الاكثر طائفية في قومه بحيث تنطلق الحرب الاهلية من مبنى البرلمان بالاقتراع العلني المباشر؟!انه تجديد في الفتنة، اذ ستكون الاولى من نوعها: بأصوات الناخبين ثم بدمائهم الزكية!على هذا فإن المهمة الجليلة <لاتحاد الحكومات الدولية للأمم اللبنانية> لا تتصل من قريب او بعيد بالتفاهات المحلية: كالسلم الأهلي، ومعالجة الأزمات المعيشية التي تستهلك مداخيل المواطنين وقدرتهم على الصمود في وطنهم، ولا سيما انهم يضطرون الى دفع تكاليف الخدمات الحيوية (الكهرباء، الماء، الهاتف، النقليات) مرتين على الأقل: للادارة الرسمية المتهالكة وللادارات البديلة التي استولدتها الحاجة.مع الإشارة الى ان <حرب> تشكيل <اتحاد الحكومات الدولية> هذه، الدائرة منذ دهر، قد لعبت دورها في <طرد> شباب لبنان، لا سيما المؤهلين منهم وأصحاب الكفاءات العالية من <جنة الله على أرضه>، حرصاً على حياتهم من جهة، وتعزيزاً للأخوة العربية من جهة ثانية، وتوطيداً لعلاقات وطنهم الصغير بدول العالم الأكثر تقدماً… أليست تلك هي رسالة لبنان؟!…وها هي <الحرب> قد بلغت ذرى صنين بشائعات لا تهم درجة الصدق فيها، ما دامت تخدم الهدف السامي: الديموقراطية بالفتنة!هل ينفع، بعد، ان يقال: لعن الله من ايقظها؟! ام ان علينا ان نضيف الى الملعونين من جعلوا الفتنة جوّالة بين المدن، وعلى الطرق الدولية والأهلية، ثم ارتقوا بها الى القمم اللبنانية من صنين الى ظهر القضيب الذي في ظلاله غابة الأرز الخالد عنـواننا الكوني الأبدي؟!

Exit mobile version