طلال سلمان

خليل الدبس

فجأة انتبه إلى أن كل شيء من حوله يهتز ويتهاوى.
فجأة انتبه إلى أن الأرض قد تزلزلت وإن جدار اليقين الذي يحتمي به ويحميه قد أصابه التصدع فبات مصدراً جديداً لخطر داهم.
ولأن خليل الدبس هادئ بطبعه، كأي مناضل صلب، فقد اختار أن يرحل بهدوء. كان مريضاً فقاوم الداء الخبيث حتى انتصر عليه، وما أن اطمأن إلى انتصاره حتى قرر الرحيل، كان واقفاً فتهاوى ورحل بغير وداع.
مشغرة بعيدة جداً، ولا سبيل إلى الوصول.
و”الحزب” الذي استوطنه خليل الدبس سافر بعيداً، ولما افترض أنه كاد يصل اكتشف أنه في غير العنوان المقصود، ولم يكن من سبيل للعودة، فالعمر قد مضى والتعويض يحتاج عمراً ثانياً، والعمر الأول لم يعد كافياً لا للتقدم ولا للرجوع إلى حيث نقطة البداية الجديدة.
وقمر مشغرة صار أغنية لفيروز، لكن العين لا تراه والقلب لا يستحم بضيائه الموشى بالميجانا والعتابا.
لا مشغرة، لا موسكو، لا براغ، لا بودابست، لا بوخارست، لا برلين ولا حتى عدن.
لكأنه زمن الانصراف.
وداعاً أيها الذي عاش هادئاً وظل هدؤوه أقوى من أحزانه وخيباته وافتقاده لكثير ممن ومما أحب.

Exit mobile version