طلال سلمان

حيث يتلاقى حكوميون معارضون

الأكثرية الساحقة من المرشحين (الذين على صلة بالقراءة والكتابة) يقولون إن قانون الانتخاب الذي سيجعلهم، كلهم أو بعضهم، نوابا هو قانون رديء وغير عادل ومفصل على مقاس أصحاب الحظوة، وأنه لن ينتج مجلسا نيابيا يمثل الارادة الشعبية ويثبّت دعائم الوحدة الوطنية.
هنا يتلاقى الرؤساء والوزراء والنواب المرشحون مع منافسيهم، بل أن بعضهم يزايد على بعض في التشهير بهذا القانون الذي وضعه مجلس الوزراء مجتمعا وأقره المجلس النيابي بكامله، وهو الذي »سيفرّخ« لنا نوابنا الجدد،
والأكثرية الساحقة من المرشحين، حكوميين ومعارضين، يقرون بأن الوضع في البلاد خطير، فالاقتصاد في حالة جمود »تبشر« بكارثة وطنية: المؤسسات إلى إفلاس، والشباب إلى هجرة نحو أي منفى مفتوح بابه، والعجز في الموازنة إلى تفاقم، وفرص العمل معدومة، والمدارس الخاصة تعجز عن تحصيل أقساطها، أما المدارس الرسمية فلا يجد طلابها من يدفع عنهم رسوم التسجيل الخ..
والأكثرية الساحقة من المرشحين، رسميين ومعارضين، يوجهون أصابع الاتهام بالتدخل إلى السلطة، مرة تحت اسم »الأشباح« ومرة تحت اسم »الأجهزة«، ونادرا تحت اسم »القصر«، ومن تجرأ على الإفصاح سمى »وزير الداخلية«.
والأكثرية الساحقة من المرشحين، حكوميين ومعترضين، يتخوفون من عدم إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، فيندفعون الى الترويج والى الإغراء وصولاً الى اللجوء الى »التكليف الشرعي«… هذا حيث لا ينفع الدولار أو الهدايا العينية أو الإعفاء من الديون وفوائدها المتراكمة لدى المصارف.
والأكثرية الساحقة من المرشحين، الحكوميين وجماعة القطاع الخاص، يشكون من البوسطات والمحادل، والأعلى صوتا هم من توفرت لهم المقاعد وعزّت على غيرهم، ومن أسقطوا بالمظلات على اللوائح المصنّفة ممتازة وأخرج منها غيرهم ممن أمضى أربع سنوات سعيدة يعصر فكره ليعصرن التشريع في لبنان.
والأكثرية الساحقة من المرشحين، رؤساء ووزراء ونوابا ما زالت تخطر بهم في جولاتهم الانتخابية سياراتهم ذات اللوحات السوداء والزرقاء وما زال رجال اجهزة الدولة، وباللباس الرسمي، يواكبونهم فيفتحون لهم الابواب والبيوت والنوافذ وطاقات الأمل، وبأموال المكلف اللبناني التي ينالونها كتعويضات وطرقات وخدمات ليس أقلها الزفت، يدفعون »النفقات« ويوفرون لماكيناتهم الانتخابية »الفيول« اللازم، فإذا ما وقفوا للخطابة تبدوا فصحاء في وصف الضائقة المعيشية، وذل المواطن أمام حاجته، وفي خراب الدولة ومؤسساتها جميعا، حكومة وادارة ومجلس نواب واجهزة ومؤسسات مدنية وأمنية..
لعل هؤلاء جميعا من الصادقين.
لعل هؤلاء، وفيهم أبناء الصف الاول من أهل الحكم القائم أو أهل الحكم القادم، يعرفون حقيقة أحوالنا ويصارحون »شعبهم« بها، في »لحظة الحقيقة«!
لعلهم لا ينطقون عن الهوى، ولا يستدرون عواطف الناخبين.
لكن السؤال يبقى هو هو: لماذا رشح هؤلاء أنفسهم، ولماذا يخوضون معركة بهذه الضراوة ضد ظروف بكل هذه القسوة، بحيث يستحيل معها الإنجاز ناهيك بالإنقاذ؟!
لو انهم صادقون فعلا لما رشحوا أنفسهم.
إذن فالأرجح أنهم يبيعون الاوهام، ويستدرجون الناخبين الى فخ منصوب، أم أن الكذب في الانتخابات حلال؟!
وماذا بعد الانتخابات أيها الذين يحاولون غسل دماغه ألف مرة في اليوم؟
في أي حال حاذر من ضربة شمس، يوم الاقتراع، تذهب بالبقية الباقية من دماغك، أيها الشعب العظيم!

Exit mobile version