÷ لنبدأ الشق المحلي من عند الخطة الأمنية التي أقرّتها الحكومة وبدأت تنفيذها في طرابلس ثم البقاع، وهل كان لزاماً على عاصمة الشمال أن تعيش عشرين جولة من المعارك وأن يسقط مئات الشهداء والجرحى، وماذا يضمن أن المقاربة هذه المرة ستكون مختلفة عن المرات السابقة؟
{ أعتقد أنها ستكون مختلفة هذه المرة. في المرات السابقة، دائماً كانت المشكلة في القرار السياسي. أحد العوامل الأساسية في اتخاذ القرار الكبير لهذه الخطط هو عودة الفريق الآخر إلى السلطة. أنا أعتقد أنهم لو بقوا خارج السلطة لما وافقوا على أي خطط أمنية، بل ربما عطّلوها. هذا ما كان يجري في السابق. مما لا شك فيه أن ما حصل (تغيير الحكومة) كان نافعاً، لأننا ومنذ البداية، وحتى في ظل تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، كنا حريصين جداً على مشاركة الفريق الآخر، ولكنهم أخذوا خياراً آخر.
اما اليوم، فان الحكومة التي شاركت فيها أغلب القوى السياسية، يمكنها بالتأكيد أن تحقق إنجازات أكبر. قد تمشي ببطء ولكن تستطيع أن تحقق إنجازات أكبر.
÷ هل الأمر الملكي السعودي بحظر مجموعة من التنظيمات الإرهابية التي لها امتدادات في لبنان عنصر مساعد؟
{ بالتأكيد هذا الأمر سيساعد كثيراً وهو قد شجع الفريق السياسي الآخر على أن تكون له مشاركة جدية في مواجهة هذا الأمر، وتفعيل عمل بعض الأجهزة الأمنية الرسمية في هذا الاتجاه، أو الموافقة على بعض الخطط الأمنية، أو تقديم الغطاء المناسب للجيش اللبناني. أنا أعتقد أن هذه الخطوات، قد تأثرت بشكل أو بآخر، بالقرار السعودي.
÷ ما هو تقييمكم الأولي للخطوات التي اتخذتها حكومة الرئيس تمام سلام، سواء بالتعيينات، أو بالملفات الأخرى؟
{ بالتأكيد، نحن كنا شركاء في هذه القرارات وقمنا بتقديم كل العون اللازم والتسهيلات المطلوبة.
الاستنابات القضائية غير متوازنة
÷ في موضوع طرابلس، يُتهم الحزب أحياناً برعاية حالات وبتوفير غطاء سياسي لها. ما أنجز حتى الآن، يفيد والى أي مدى؟
{ هو مفيد لمدينة طرابلس وللشمال ولكل لبنان، لأن ما كان يجري في طرابلس كان يؤدي إلى توتير المناخ السياسي والإعلامي والشعبي والنفسي على امتداد ساحة الوطن. أي خطوات تؤدي إلى حقن الدماء، إلى تهدئة النفوس، إلى تهيئة المقدّمات لمصالحات يمكن أن تحصل في المستقبل ويجب أن تحصل، ويمكن أن تشكل مقدمات لخطوات أوسع سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو المعيشي، هي خطوات بالتأكيد مهمة جداً.
في موضوع الشمال أو طرابلس، نؤكد عدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية والقضائية، بل ندعو إلى مقاربة شاملة، سياسية واجتماعية واقتصادية وإنمائية، وندعو إلى إجراء مصالحات حقيقية بين التيارات والاتجاهات المختلفة، وندعو إلى أقصى تعاون ممكن.
÷ وما هو تقييمكم للاستنابات القضائية التي صدرت حتى الآن؟
{ إننا نسجل ملاحظة على الاستنابات القضائية، أنها لم تكن متوازنة كما كنا نتوقع وننتظر.
÷ هذه التحفظات لم تسبب إشكالاً؟
{ عملياً، الآن الجميع متعاون من أجل تسهيل الخطة بكل أبعادها. وإذا كانت هناك من ملاحظات أو تحفظات أو إشكالات فيمكن معالجتها مع الوقت.
÷ حتى لا تبقى المقاربة أمنية، ألا يؤدي فتح حوارات سياسية وخصوصاً بين حزب الله والمستقبل إلى تحصين الخطة الأمنية؟
{ نحن كنا دائماً جاهزين للحوار. عملياً الآن في الحكومة، ومن خلال وجود أغلب القوى السياسية فيها، هذه الحوارات تتم على طاولة مجلس الوزراء. الحكومة الحالية تحاول أن تعالج ملفات كبيرة وأساسية. كذلك الحال عودة الحياة إلى المجلس النيابي وإلى العمل النيابي. كما أن فتح الأبواب أمام مختلف الكتل النيابية لتتواصل وتتناقش في قضايا مهمة وكبيرة يساعد طبعاً، وهناك الكثير من القضايا المؤجلة والتي لم تعد تحتمل أي تأجيل وتمس حياة المواطنين، وبينها موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
÷ عملياً، أنتم اتخذتم قراراً بأن يكون الحوار على المستوى النيابي والوزاري، ولم تقرروا رفع مستوى الحوار مع تيار المستقبل إلى المستوى السياسي.
{ ليست هناك مشكلة لا بالحوار السياسي ولا بفتح القنوات بأي مستوى من المستويات مع تيار المستقبل.
÷ مَن يتحمل مسؤولية انقطاع الحوار في المرحلة الماضية؟
{ لنقل إن انقطاع الحوار كان نتيجة الخلاف الذي حصل حول حكومة الرئيس سعد الحريري. الظروف والأجواء التي تبعت تلك المرحلة هي التي أدت إلى انقطاع الحوار بشكل طبيعي. لا نريد أن نحمّل أي طرف من الأطراف وحده مسؤولية انقطاع الحوار.
لهذه الأسباب قاطعنا الحوار
÷ ألا يتناقض هذا الكلام مع مقاطعة حزب الله لجلسة الحوار الوطني الأخيرة؟ وهل هذا الموقف ينسحب على جلسة الحوار المقبلة؟
{ الأمر يختلف. مقاطعة طاولة الحوار الوطني كانت لها أسباب مختلفة. الآن نحن مثلاً نشارك في جلسات الحكومة بشكل طبيعي، سواء ترأسها رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء.
موضوع طاولة الحوار موضوع مختلف، لأن طاولة الحوار موضوعها الأساسي ـ بل يُقال إنه الوحيد ـ هو موضوع الاستراتيجية الدفاعية، والمواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة… أعتقد أنها أفقدته موقع من يستطيع أن يُدير حواراً وطنياً يتناول قضية بهذه الخطورة والأهمية، أي موضوع الاستراتيجية الدفاعية. غيابنا عن طاولة الحوار لم ينطلق من موقفنا من مبدأ الحوار. نحن دائماً كنا حريصين على مبدأ الحوار وعلى الحوار وعلى الحضور إلى طاولة الحوار، ونحن لم نقاطع سابقاً في الوقت الذي قامت فيه قوى أخرى بتعطيل الحوار لأشهر طويلة.
الحيثية التي دفعتنا إلى هذا الإجراء هي المواقف الحادة التي اتخذها رئيس الجمهورية من مسألة المعادلة الثلاثية والتوصيفات التي أطلقها والمواقف المسبقة التي أعلن عنها بطريقة غير مناسبة.. من وجهة نظرنا.
÷ ما هو تفسيركم للمواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية وهل فاجأتكم؟
{ التبدل في المواقف حصل، خصوصاً في الأشهر الأخيرة. أنا ليس لديّ تفسير واضح. هناك تحليلات كثيرة، لكن أنا لا أريد أن أخوض في هذه التحليلات. النتيجة برأيي غير مناسبة. لو أخذنا الخطابات الأخيرة وقارنّاها مع خطاب القسم لوجدنا تباعداً كبيراً بين الخطابين وبين التوجهين.
في نهاية المطاف نحن علينا أن ننظر إلى الناتج، أما الدوافع والخلفيات فلا نريد أن ندخل فيها.
ننتقد الرئيس.. لا الرئاسة
÷ اتهمكم البعض باستهداف مقام الرئاسة؟
{ نحن في البدايات، لم نعلق على الخطب، ومنها الخطاب الشهير في وزارة الدفاع. لم نعلّق وتجاوزنا هذا الأمر، وبقينا على تواصل، على أمل أن يكون ما قيل قد قيل، أي أنه موقف اتخذ في لحظة وليس مساراً جديداً. تبيّن في ما بعد أنه مسار جديد. التعليق الأول الذي أطلقه حزب الله كان واضحاً ودقيقاً وقال فيه ما معناه: مع احترامنا وتقديرنا الكبير لمقام الرئاسة. فنحن هنا ننتقد الرئيس ولا نتعرّض لمقام الرئاسة، وهذا أيضاً من حقنا الطبيعي، كما أن الكثير من الفرقاء السياسيين في لبنان كانوا ينتقدونه في مواقف مختلفة. ولو راجعنا السنوات الست الماضية لوجدنا أن الأكثر انتقاداً وحدّة في انتقاد الرئيس في السنوات الأولى، كان بعض الأفرقاء في 14 آذار.
÷ الآن لا يوجد حوار ثنائي مع رئيس الجمهورية؟
{ لا، لا يوجد. سوى التواصل الطبيعي على طاولة مجلس الوزراء، لكن لا يوجد تواصل ثنائي مباشر.
÷ بتقديركم هل يرتبط موقف رئيس الجمهورية بإشارات أعطاها حزب الله رفضاً للتمديد؟
{ هذا من الاحتمالات المطروحة. أنا أشرت إلى وجود تحليلات عدة. هذه من التحليلات التي تقال أيضاً. طبعاً، نحن بالرغم من أننا لم نُعلن موقفاً سياسياً علنياً أو إعلامياً من مسألة التمديد، ولكن في سياق البحث حول تشكيل حكومة، منذ أشهر، نحن قلنا رأينا بشفافية وصدق لمن راجعنا، وبعضهم من أصدقاء الرئيس، أنه بالنسبة إلينا التمديد غير وارد. قد يكون هذا الموقف المبكر سبباً للإشكالات التي حصلت، أو للتحولات التي حصلت في موقف الرئيس. ولكن أنا أقول ليس لديّ معلومات خاصة. لا أريد أن أحكم. هذا يبقى من الاحتمالات.
لا موقف مبدئياً من أصل التمديد
÷ لماذا كان موقفكم من التمديد للرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود إيجابياً، فيما اتخذتم موقفاً مبدئياً سلبياً هذه المرة؟
{ نحن لا نتحدث عن موقف مبدئي. حتى مَن راجعنا، سواء في موضوع رئيس الجمهورية أو في مواقع أخرى وحتى في الحوارات التي حصلت بيننا وبين أصدقائنا في التيار الوطني الحر حول التمديد لمجلس النواب، أنا قلت لهم: نحن ليس لدينا موقف من أصل المبدأ، ولذلك نحن في يوم من الأيام وافقنا على التمديد للرئيس الراحل الياس الهراوي، وأيضاً وافقنا على التمديد للرئيس لحود.
إذاً، نحن ليس لدينا مشكلة مع المبدأ، بدليل أننا في السابق صوّتنا لتطبيقات هذا المبدأ، وأيضاً عندما وصلنا إلى موضوع المجلس النيابي، ونتيجة تشخيصنا ورؤيتنا وفهمنا للأوضاع السياسية والأمنية وما يجري في لبنان وفي المحيط، أيّدنا فكرة التمديد للمجلس النيابي في العام الماضي.
إذاً نحن لسنا ضد مبدأ التمديد، سواء لمؤسسة أو لشخص أو لموقع، وهذا واضح، أنا لا أخلط بين الأمور.
نعم، نحن نقول إن التمديد لرئيس الجمهورية، حتى عندما كان يحصل في السابق، كان يخضع لظروف خاصة واستثنائية تحتاج لأن تمدّد لهذا الرئيس أو لذاك الرئيس.
أنا أعتقد أنه لا الظروف تدفع باتجاه التمديد لفخامة الرئيس سليمان، ولا أيضاً أداء الرئيس سليمان يدعو إلى الموافقة على التمديد له.
في الانتخابات الرئاسية.. حسمنا موقفنا
÷ ما تفضلتم به يؤشر إلى أن حزب الله حدّد بشكل أو بآخر موقفه من انتخابات رئاسة الجمهورية؟
{ جوابي من شقين، الأول، يتعلق بإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، أنا أعتقد أن هذا ليس موقف حزب الله وحده. بكركي هي أول من سارع إلى الإعلان عن هذه الضرورة والحاجة الوطنية، وبإلحاح شديد، مؤكدة على أن هذا الأمر يجب أن يحصل. وحتى الأدبيات التي استُخدمت، ركزت على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. كان الكلام واضحاً عن انتخاب رئيس جديد، مما يعني استبعاد أي فرضية للتمديد أو التجديد للرئيس سليمان. وحسب ما أرى فإن المناخ العام في البلد هو إجراء انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس جديد.
الشق الثاني يتعلق بشخص الرئيس الجديد.
نعم، على مستوى قيادة حزب الله، نحن ناقشنا هذا الأمر في ما بيننا. بالنسبة لنا، الشخص الذي نتطلع إليه وندعم ترشيحه ونؤيده ونصوّت له بات محسوماً. هذه الشخصية محددة في قرارنا الضمني، ولكن إعلان هذا الأمر ينتظر الوقت المناسب وكذلك بعض التنسيق الذي نحتاج إليه في ما بيننا، خصوصاً في إطار فريقنا السياسي، وبالأخص مع الشخصية المعنية. لكن، داخلياً، ضمناً، هذا أمر قد حُسم بالنسبة لنا.
÷ هل يمكن الحديث عن المواصفات، إذا كنتم لا تريدون الدخول في الأسماء؟
{ منذ أسابيع هناك تداول في البلد بمواصفات الرئيس، والحديث عن رئيس قوي وعن رئيس له تأثير حقيقي ومقبول على المستوى الشعبي والوطني. كل هذه المواصفات التي أطلقت، وأعتقد أن الجميع يتحدث عنها، هناك إجماع عليها ونحن أيضاً نؤيدها.
العامل الداخلي رئاسياً.. أقوى
÷ هل تنطبق هذه المواصفات على مرشحين مثل سمير جعجع بعد إعلان ترشيحه رسمياً؟
{ بمعزل عن تقييمنا للدكتور سمير جعجع ومواقفه وسيرته ومنطلقاته وأهدافه السياسية، وبمعزل عن تقييمنا لأي مرشح من قوى 14 آذار، أو قد تؤيده قوى 14 آذار، من الطبيعي والمنطقي جداً أن ندعم ونؤيد مرشحنا الذي نعتقد بأن وصوله إلى سدة الرئاسة سيحقق المصلحة الوطنية الكبرى التي نتطلع إليها.
÷ هل هناك هجمة مرشحين رئاسيين من تحت الطاولة في اتجاه حزب الله؟
{ من الطبيعي، في بلد مثل لبنان أن يسعى المرشحون المفترضون للتواصل مع مختلف القوى السياسية، وحزب الله قوة سياسية أساسية في البلد. وهذا الأمر يحصل بشكل أو بآخر.
÷ بتقديركم، هل عناصر الاستحقاق الرئاسي في العام 2014 مختلفة عن سابقاتها؟ العنصر الدولي والعنصر الإقليمي؟ وهل سيكون هذه المرة للعنصر المحلي حضور أكبر؟
{ أتصور أن هذا الاستحقاق سيتأثر أكثر من أي وقت مضى بالعوامل الداخلية.
على المستوى الدولي، ما يظهر حتى الآن من مواقف بعض الدول الكبرى التي تتدخل عادة في الانتخابات الرئاسية يدل أنها لا تؤيد شخصاً معيناً. حتى الآن لم يظهر أن هذه الدول تعمل لإيصال شخصية محددة إلى الرئاسة.
ما نُقل في العديد من الكواليس ومن الأوساط السياسية أن هذه الدول تقول: ما يهمنا في لبنان هو الاستقرار، وهو إنجاز الاستحقاق. أما شخص الرئيس فأنتم كلبنانيين يمكنكم أن تعالجوا هذا الأمر.
وقد لا تتدخل هذه الدول في مرحلة لاحقة بشخص الرئيس لأن ذلك ليس بين أولوياتها الآن. إذ لديها اهتمامات ومشاغل وهموم في دول أخرى.
على المستوى الإقليمي، الدول التي كانت في السابق، بشكل أو بآخر أيضاً، تساهم أو تلعب دوراً ما، مشغولة عنا. على سبيل المثال لا الحصر، مصر. لا أعتقد أن المصريين الآن في وارد أن يتدخلوا.
بالنسبة لسوريا، الرئيس بشار الأسد قال بوضوح: نحن يهمنا خط الرئيس، وهذا صحيح. لا أعتقد أن القيادة السورية في المرحلة الحالية ستتدخل في موضوع شخص الرئيس، بقدر ما يهمها خط الرئيس، لأن سوريا تخوض الآن معركة مصيرية، وبالتالي أولوياتها وأولويات المعركة التي تخوضها تفرض عليها موقفاً من هذا الموضوع. بالنسبة للسعودية، أتصور أنها سوف تدفع باتجاه رئيس معين.
التدخل الدولي.. سيحصل إذا
÷ وماذا عن إيران؟
{ الجمهورية الإسلامية في إيران سابقاً لم تتدخل في انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وأنا أعتقد أنه إذا سئل الإيرانيون عن هذا الأمر سيحيلون القضية إلى اللبنانيين أنفسهم. ما أعرفه أن ايران ليست في وارد التدخل في شخص الرئيس. بالتأكيد يهمها أن يكون هناك رئيس له مواصفات مطلوبة ومقنعة، كما هو حال كل الأصدقاء الذين يحبون لبنان ويتطلعون إليه.
÷ لكأنك ترجح العناصر المحلية؟
{ نعم. أتصور أن العوامل المحلية والداخلية مؤثرة أكثر من أي وقت مضى. أي إذا حصلت أي شخصية مرشحة، أو مفترضة، لرئاسة الجمهورية على الأكثرية المطلوبة، وتوفر المناخ الداخلي الداعم، فإن الأمور ستسير في هذا الاتجاه.
نعم، الذي سوف يفتح الباب على تدخل دولي أو إقليمي، في مرحلة ما، من الاستحقاق الرئاسي، هو اختلاف القوى السياسية اللبنانية حول شخصية الرئيس، وبالتالي انتهاء الوقت المحدد، الطبيعي والقانوني، والدخول في فراغ. ولكن لو افترضنا أن القوى السياسية الآن استطاعت أن تصل إلى تفاهم ما، أو إلى نتيجة معينة، بالتأكيد سوف تكون خياراتها حاسمة وقراراتها حاسمة.
بتعبير آخر، أستطيع القول الآن إننا أمام فرصة حقيقية لصنع رئيس في لبنان، ولإنجاز الاستحقاق الرئاسي بقرار داخلي وطني.
احتمال الفراغ…
÷ هذه المهلة تبقى قائمة حتى 25 أيار 2014؟
{ حتى بعد 25 أيار، لكن الفارق أنه بعد 25 أيار، نعم سوف يفتح الباب أمام تدخل دولي وإقليمي.
÷ بتقديركم، عندما شُكلت هذه الحكومة، بقوة الدفع الدولية والعربية التي صنعتها، ألا يؤشر ذلك إلى أن احتمال الفراغ مطروح وجدي عند «الدول»؟
{ قد تؤشر بهذا الاتجاه، ولكن على كل حال، تشكيل حكومة كان لا بد منه، لأنه من دون تشكيل حكومة، سيكون إنجاز الاستحقاق الرئاسي أصعب. عدم تشكيل الحكومة يشكل تأكيداً على تباعد الأطراف والقوى السياسية عن بعضها البعض، فإذا كانت عاجزة عن تشكيل حكومة تتمثل فيها القوى السياسية بنسب معينة فهي أعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية.
الدفع باتجاه تشكيل حكومة هو أعمّ من أن يكون مقدمة لإنجاز استحقاق انتخاب الرئيس، أو تمهيداً واحتياطاً للفراغ، وإن كانت إشارته إلى الفراغ أقوى. بمعنى آخر، إن تشكيل الحكومة، ودخولها على ملفات وإنجازات وقرارات، وبدء تلاقٍ بين القوى السياسية يعزز فرصة التفاهم على رئيس، وعندما أقول التفاهم على رئيس لا أقصد رئيس تسوية، أو رئيسا وسطيا. قد تكون هناك شخصيات قوية ولها تمثيل حقيقي في البلد، وتتوفر فرصة جدية للتفاهم حولها.
نوافق على رئيس قوي
÷ يأخذ المسيحيون على المسلمين عموماً أن رئيس المجلس (النيابي) يجب أن يمثل الكتلة الشيعية الوازنة، ورئيس الحكومة أيضاً يجب أن يمثّل الكتلة السنية الوازنة. لماذا لا ينطبق هذا الشيء على المسيحيين، وخصوصاً على الموارنة؟
{ نحن نوافق على هذا الأمر، ليس لدينا مشكلة في ذلك.
في الانتخابات السابقة، كان موقفنا معروفاً، إلى جانب من يملك تمثيلاً قوياً في الساحة المسيحية. ولكن التسوية الدولية والإقليمية والداخلية أخذت الأمور في اتجاه آخر.
÷ في استطلاعات الرأي التي أجرتها بكركي، وفي استطلاع رأي أجرته «السفير» وستنشره هذا الأسبوع، احتل العماد عون المرتبة الأولى لبنانيا ومسيحيا.
{ إذا كنا منسجمين مع المبدأ الذي أشرتم إليه قبل قليل.. فيجب احترام هذه النتيجة بكل تأكيد. ولكن المشكلة أن بعض المسيحيين الذين يطرحون هذا الإشكال، وأنا أوافقهم، هم المسؤولون أنفسهم عن هذه النتيجة، عندما يعطّلون وصول الأكثر تمثيلاً من بينهم إلى المواقع الأساسية والمطلوبة، ومنها رئاسة الجمهورية.
الكل قادر على التعطيل
÷ أنتم تملكون الثلث النيابي المعطّل وفريق 14 آذار يملك أيضاً الثلث المعطل، ولكن لا يوجد أي فريق قادر على الحسم، أي عندكم قدرة التعطيل ولكن لا تملكون قدرة الحسم. كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
{ عندما نتحدث عن وصول شخصية لها قدرة تمثيل ومناسبة وتتمتع بالمواصفات المطلوبة، فانها بالتأكيد تحتاج إلى موافقة قوى أساسية من الطرفين، أو موافقة الطرفين، ولكن إذا لم تحصل على إجماع فيمكن أن تحصل على موافقة قوى أساسية من الطرفين.
فريق لوحده لا يستطيع أن يوصل مرشحه إلى رئاسة الجمهورية بمعزل عن الفريق الآخر.
÷ كأنكم تدعون الفريق الآخر لتبني مرشحكم، فيما يدعوكم الفريق الآخر إلى تبني مرشحه.
{ صحيح.
÷ هذا يقود البلد إلى الفراغ.
{ نحن الآن في مرحلة نقاش. هناك نقاش يحصل بشكل أو بآخر في أكثر من مكان، وفي الأعم الأغلب هو نقاش ثنائي. فلننتظر هذه النقاشات، إلى أين ستصل، وبعدها يمكن أن نحكم على الأمور.
÷ ماذا اذا خيّر حزب الله في اللحظة الأخيرة بين الفراغ والتمديد، ولو لسنة واحدة؟
{ بالنسبة الينا، موقفنا من التمديد حاسم ونهائي. التهديد بالفراغ لا يجوز أن يُخيف اللبنانيين. إذا لم تستطع القوى السياسية والكتل النيابية إنجاز هذا الاستحقاق حتى 25 أيار، فبعد 25 أيار كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة ستكون ضاغطة على القوى السياسية من أجل أن تنتخب رئيساً. وبالتالي، يمكن الآن، بين اليوم و25 أيار، أن تشعر القوى السياسية أنها في فسحة، على أساس أنها تملك الوقت، لأننا ما زلنا داخل المدة القانونية، ولكن بعد انتهاء المدة القانونية والدخول في الفراغ، أعتقد أن هذا الأمر لن يكون مخيفاً أو معطلاً لانتخابات الرئاسة، بل سيشكل عنصرا ضاغطاً على الجميع، وخصوصاً أن كل القوى السياسية لا تريد الفراغ.
رئيس ضامن للاستقرار
÷ البعض يتهمكم بأنكم تدفعون باتجاه الفراغ؟
{ البعض في لبنان يسهل عليه توجيه الاتهامات، والقول إن الحزب الفلاني أو التيار الفلاني يريد الفراغ في رئاسة الجمهورية. أنا شخصياً أحسن الظن بالجميع، وأقول: لا أحد في لبنان يريد فراغاً في منصب رئاسة الجمهورية. هذا واضح بالنسبة لي. وبالتالي انتهاء المدة القانونية المحددة سيشكل ضغطاً على الجميع في اتجاه الوصول إلى ملء هذا الفراغ، وخصوصاً أن هناك من يطالب ومن يتابع ومن يضغط لإنجاز هذا الاستحقاق. عدم إنجاز الاستحقاق من الآن إلى 25 أيار بالنسبة لنا ليس مخيفاً وليس مقلقاً.
÷ المواصفات الدولية والإقليمية والعربية تشدد على رئيس ضامن للاستقرار، هل تنطبق هذه المواصفات على مرشحكم؟
{ بالتأكيد
÷ هل حسم حزب الله موقفه من تعديل المادة 49 في الدستور؟
{ نحن لم نناقش هذا الأمر بعد.
الحكومة فرصة جدية
÷ الحكومة يمكن أن تشكل فرصة ويمكن أن تسبب مشكلة في البلد في ضوء أدائها، ما هو تقييمكم في ضوء ما اتخذته من مقررات حتى الآن؟
{ أعتقد أن الفرصة أكبر من المشكلة.
÷ هل يمكن إجراء تعيينات جديدة غير التعيينات التي أنجزت حتى الآن؟
{ هذا هو الاتجاه السائد الآن. المناخ الموجود في مجلس الوزراء هو مناخ إيجابي، والأمور تسير حتى الآن بمستوى عالٍ من الإيجابية والتفاهم والتوافق والتفهّم المتبادل، وأيضاً هناك تفاهم ضمني على ملء الشواغر خلال المرحلة المقبلة، طبعاً ضمن الآلية المعتمدة قانوناً. وأنا أظن أن الجو العام هو جو إيجابي، واحتمالية الفرصة أكبر من احتمالية المشكلة.
÷ بتقديركم، هل نحن نتجه نحو إجراء انتخابات نيابية، أم أن التمديد سيتكرر؟
{ المنطقي والطبيعي جداً هو إجراء انتخابات نيابية في المرحلة المقبلة، والحكومة ـ سواء كان هناك رئيس أو لم يكن هناك رئيس ـ تستطيع أن تجري انتخابات نيابية، لكن قد تتحفظ بعض الجهات في لبنان على إجراء انتخابات نيابية من قبل الحكومة في غياب رئيس للجمهورية.
÷ هناك إشكالية القانون الانتخابي أيضاً، اي قانون الستين؟
{ هذا الإشكال قائم على كل حال، سابقاً وحالياً ومستقبلاً، وأنا لا أعرف إلى أي حد سيمكن التفاهم على قانون جديد للانتخابات.
÷ هل التواصل قائم مع الرئيس تمام سلام؟
{ نعم. التواصل قائم وطبيعي
÷ ما هو تقييمكم لأدائه؟
{ نحن منذ البداية كان اعتقادنا أن الرئيس تمام سلام هو شخص معقول ومنطقي ومنفتح وسيتصرف على هذا الأساس، وهذا ما نجده فعلاً، والعلاقة إيجابية وجيدة وطيبة مع دولة الرئيس.
لا نغطي أحدا حتى نرفع الغطاء عنه
÷ الخطة الأمنية ستستكمل في اتجاه البقاع. إذ طُلب من حزب الله رفع الغطاء السياسي عن الظواهر الشاذة، كعصابات الخطف والسرقة، هل ستكونون مع الحكومة بالزخم نفسه الذي كنتم به في طرابلس؟
{ لقد تداولت بعض وسائل الإعلام أنه تم الطلب من حزب الله وحركة أمل رفع الغطاء. في الأصل، نحن لم نغطّ أحداً لكي نرفع الغطاء عنه. أكثر من ذلك، خلال السنوات الماضية، حزب الله وحركة أمل وفعاليات منطقة البقاع، وخصوصاً البقاع الشمالي، رؤساء البلديات، الاتحادات البلدية، المجالس البلدية، المخاتير، الكل كان يطالب الدولة بأن تنفذ خطة أمنية في البقاع الشمالي، وأن تقوم القوى الأمنية باعتقال المتورطين في أعمال الخطف والسرقة ونصب الكمائن، إلى آخره.
الدولة هي التي كانت تتخلف عن القيام بمسؤولياتها. أولاً لم يمنعها أحد، لم يغطِّ أحد أحداً على الإطلاق خلال كل السنوات الماضية، بل كانت الدولة مطالبة، وهي التي كانت تماطل وتتخلف، وأحياناً تقوم ببعض العمليات المحدودة ثم تتوقف. نحن دائماً كنا نوفر الغطاء السياسي والشعبي لقيام القوى الأمنية الرسمية بمهامها على مستوى المنطقة، وهذا مطلب شعبي كبير جداً في المنطقة.
أيضاً في المرحلة الحالية نحن نؤيد هذا الأمر بقوة، وحاضرون لكل مساعدة ولكل تغطية، ولكل التسهيلات المطلوبة، ونأمل أن تتكلل الخطة بالنجاح، وان كانت إثارة هذا الأمر في الإعلام في الأيام القليلة الماضية، أدت بطبيعة الحال إلى هروب المستهدفين بالإجراءات الأمنية في المنطقة.
لكن في كل الأحوال، أن تبدأ الدولة خطوات جادة على هذا الصعيد فهذا أمر جيد ومهم ويمكن التأسيس عليه، المهم أن تواصل هذا العمل، ولا تتوقف عند مرحلة زمنية محددة.
تعيين محافظين للهرمل ـ بعلبك وعكار
÷ هل تتحملون اللوم بسبب الوضع الإنمائي في البقاع، مع أنكم كنتم جزءاً من الحكومات والمجالس النيابية، لأن النتيجة في البقاع تكاد تكون صفراً؟
{ لا، ليست صفراً. خلال السنوات الماضية تحققت أمور جيدة جداً على مستوى المنطقة، أي على مستوى الطرقات، الهاتف، شبكات الكهرباء، شبكات المياه، شبكات الصرف الصحي.
ومن يذهب إلى البقاع، وخصوصاً إلى بعلبك الهرمل يستطيع أن يجد ببساطة الفارق بين حال المنطقة الآن وحال المنطقة قبل 15 أو 20 سنة.
لكن المشكلة الرئيسية الآن في البقاع هي ليست مشكلة طرقات أو كهرباء أو ماء أو هاتف أو…
المشكلة الحقيقية، كما هو الحال في أكثر المناطق اللبنانية، لكنها في البقاع أكثر حدة، هي موضوع فرص العمل، أي مصدر الرزق بالنسبة لسكان المنطقة. هذه مسألة فيها مشكلة كبيرة على المستوى الوطني ولا يمكن معالجتها بالتقسيط وبشكل محدود، وإنما تحتاج إلى علاج عام.
حزب الله، نوابه ووزراؤه، ومعه حلفاؤه، سعى ويسعى، وهذا ضمن أولوياتنا بالعمل في تلك المنطقة.
في السابق سعينا لانشاء محافظة في المنطقة، لأن هذا أيضاً له نتائج وآثار إنمائية واقتصادية، وهذا أنجز بشكل كبير. الخطوة الأساسية المتوقعة هي تعيين محافظ لمحافظة بعلبك الهرمل، وأعتقد أن هذه الحكومة سوف تنجز هذا الأمر، لأن هناك الآن مسعى ليكون بين الأولويات في التعيينات المقبلة، تعيين محافظ لمحافظة بعلبك ـ الهرمل، وتعيين محافظ لمحافظة عكار.
كل الدعم للجيش
÷ ما هو تقييمكم لموضوع الهبة السعودية للجيش عن طريق الفرنسيين؟
{ من حيث المبدأ، بمعزل عن الجهة الداعمة، نحن مع أي دعم غير مشروط يقدم للجيش اللبناني، وكنا دائماً ندعو الدول والحكومات لتقديم هذه المساعدة والحصول عليها.
في مرحلة من المراحل أيضاً سعينا لدى أصدقائنا، من أجل هذا الهدف، حتى بعد انسحاب سوريا من لبنان. سوريا قدمت مساعدات للجيش اللبناني. الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائماً كانت تعلن استعدادها لذلك. لكن المشكلة كانت هنا، في القرار السياسي اللبناني. يعني، هناك من يرفض، هناك من يتحفظ، وأنا أفهم سبب التحفظ، سبب التحفظ هو الخوف من الأميركيين وبعض الدول العربية.
في كل الأحوال، من حيث المبدأ نحن نؤيد وندعم ونساند، ولا أقول لا نتحفظ، يعني عبارة غير مناسبة، أقول ندعم ونؤيد ونساند أي مساعدة للجيش اللبناني وأي مساهمة في تقوية الجيش اللبناني.
هذا من جهة، من جهة أخرى، إن هذه المساعدة جاءت من السعودية عبر الفرنسيين، نحن لن نعلق على هذا الأمر في وسائل الإعلام، لأننا لا نعرف كل التفاصيل: هل هناك شروط، أم ليس هناك شروط ، ما هي حيثيات هذه الخطوة أو هذه المبادرة؟
لا أريد أن أشير إلى وجود شروط، قد لا يكون هناك شيء، وإنما أقول: لم تتوفر لدينا معلومات كافية لنحكم من خلالها. ومع ذلك نحن تجاوزنا هذا الأمر، يعني مثلاً في البيان الوزاري تمت الإشارة إلى هذه الهبة، ونحن لم نمانع في هذا الأمر. مستقبل هذه الهبة ونتائجها، هذا سيظهر مع الأيام.
البعض قد يمجد النتائج قبل حصولها، والبعض قد يشكك، أنا لا أريد أن أمجد ولا أريد أن أشكك، أنا أقول أنه علينا أن ننتظر نتائج هذه الخطوة، وسيتضح لاحقاً ما هو نوع السلاح والإمكانات والأدوات التي ستقدم للجيش اللبناني، وحينئذ يمكن الحكم على طبيعة هذه الخطوة وماهيتها. لكن أعود وأؤكد على المبدأ: أي دولة، طبعاً باستثناء إسرائيل، أي دولة يمكن أن تقدم مساعدة لتقوية الجيش اللبناني فهذه خطوة جيدة.
عقيدة الجيش ثابتة
÷ هل ثمة خشية من محاولة المس بعقيدة الجيش؟
{ ليس لدينا قلق. هناك أمور قيلت في بعض وسائل الإعلام، أو في بعض الكواليس، في رأينا ليس لها قيمة. لأن موضوع الجيش اللبناني، ليس سلاحه وذخيرته ونوعية السلاح الذي يمتلكه هو الذي يتحكم به، وإنما عقيدته الوطنية والقرار السياسي.
هذه المؤسسة عقيدتها الوطنية واضحة وجلية وأثبتت ذلك من خلال سلوكها وأدائها وتضحياتها خلال كل السنوات الماضية، والقرار السياسي اللبناني، خصوصاً في إطار الحكومة الحالية أو أية حكومة تشكل في المستقبل على قاعدة توافقية وعلى قاعدة مشاركة مختلف القوى، يشكل ضمانة لأن لا تستخدم أي مؤسسة أمنية أو عسكرية من أي طرف. هذه مناسبة أيضاً لنجدد توجيه التحية والتقدير لجهود وتضحيات مؤسسة الجيش اللبناني وللحكمة والشجاعة التي تتمتع بها هذه المؤسسة بالتعاطي مع الأحداث القائمة.
÷ ماذا عن أداء المقاومة وعلاقتها بالجيش في منطقة جنوب الليطاني؟
{ في منطقة جنوب الليطاني هناك التزام كامل، التزام لبناني كامل، سواء على المستوى الرسمي أم من قبل المقاومة بمندرجات القرار الدولي 1701. ليس للمقاومة أية مظاهر مسلحة في جنوب الليطاني، وهي ملتزمة بهذا الأمر ومقتنعة به أيضاً. العلاقة مع الجيش اللبناني، علاقة ممتازة جداً في تلك المنطقة، ليس هناك أية شائبة على الإطلاق.
÷ وماذا عن العلاقة بقوات «اليونيفيل»؟
{ العلاقة مع «اليونيفيل» جيدة، أحياناً تحصل بعض المشكلات بين بعض الأهالي في القرى و«اليونيفيل»، وهذا الأمر تتم معالجته سواء من خلال الاتصالات المباشرة بين «اليونيفيل» ورؤساء البلديات والجهات الموجودة على الأرض أو من خلال الجيش اللبناني، لأنه هو الذي يتكفل بمعالجة هذه الأمور. أحياناً تنشأ هذه المشكلات ليس لأسباب سياسية، أو نتيجة موقف سياسي من «اليونيفيل» أو موقف شعبي، أحياناً نتيجة سلوك بعض الأفراد مثلاً، الدخول إلى بعض الأحياء الداخلية، تصوير بعض البيوت أو بعض المراكز، يتلقاها الناس بردود أفعال معينة، أو أحياناً كان يحصل تجاوز للعادات والتقاليد والأعراف الموجودة في تلك القرى ثم تتم معالجة الأمر، وأحياناً كانت تصدر اعتذارات عن قيادة «اليونيفيل» أو ضباط «اليونيفيل» نتيجة الأخطاء التي يتم ارتكابها. لكن بشكل عام العلاقة هي علاقة جيدة وطبيعية ولا أعتقد أن هناك مشاكل خاصة يمكن أن تؤثر سلباً على الأوضاع في جنوب الليطاني.
÷ شكا النائب وليد جنبلاط في جلسة الحوار الأخيرة من سحب آلاف الجنود من منطقة جنوب الليطاني إلى مناطق أخرى يحتاجها الجيش، هل هناك خوف من هذه الناحية؟
{ لا يوجد خوف. إذا كانت هناك حاجة ملحة للجيش في مناطق أخرى ليس هناك مشكلة في الجنوب. الآن حقيقة في الجنوب عموماً، ليس فقط جنوب الليطاني، في كل الجنوب، نتيجة حالة الهدوء السياسي والتواصل السياسي والانسجام العام وابتعاد الجنوب عن كثير من التناقضات والحساسيات الموجودة من جهة، ثم أن وجود المقاومة وتوازن الرعب القائم في المنطقة من جهة أخرى، يمكن أن يُغني. المهم بقاء الجيش في الجنوب، أما العدد، فقد لا يكون حاسماً في هذه المرحلة. لأن هناك عوامل هدوء كبيرة.
نعم للتطويع في الجيش
÷ التطويع في الجيش، هل يمكن أن يكون هذا حلاً للمشكلة؟
{ نحن مع تمكين الجيش من القيام بالمهام الموكلة إليه والتي تضاف إليه في الحقيقة، لأنه مؤسسة لديها أعلى نسبة من التأييد هي تبثّ الاطمئنان لدى المواطنين اللبنانيين، ما يمكّن الجيش من أداء هذه المهام. نحن نؤيده سواء توقف ذلك، على نقل كتائب أو ألوية أو عديد من منطقة إلى منطقة، أو من خلال فتح باب التطوع، وتبدو هذه المسألة حاجة وطنية، لإضافة العديد المطلوب للجيش اللبناني ليتمكن من القيام بمهامه جنوباً وشمالاً وبقاعاً وفي بقية المناطق اللبنانية من دون أن يؤثر وجوده في منطقة ما على وجوده في منطقة ما.
قضية النازحين السوريين
÷ موضوع النازحين السوريين عنصر مقلق لـ «حزب الله» ولم يعلن في مرة من المرات أن «حزب الله» يملك مقاربة واضحة لموضوع النزوح السوري؟
{ موضوع النازحين السوريين إلى لبنان هو مشكلة وطنية، هو مشكلة ليس لجهة معينة كـ«حزب الله» وغير «حزب الله». وتجب مناقشة هذا الأمر على المستوى الوطني. في الحكومة السابقة حصلت بعض النقاشات، واليوم، فإن هذا الموضوع بين التحديات الكبرى التي تواجهها الحكومة الحالية. الآن سنرى في الحكومة الحالية إلى أي حد ستكون المناقشات واقعية وموضوعية، لكن في ظل الحكومة السابقة ووجود قوى 14 آذار خارج الحكومة، أنا لا أنكر أن الأمر دخل في سياق بعض المزايدات نتيجة الاختلاف في الموقف السياسي.
الآن، هذا ملفٌ كبير جداً، هناك إشارات حتى على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن الأمني، إشارات خطيرة، وقد يكون الأمني أقل خطورة من الاجتماعي والمالي والاقتصادي. الموضوع الأمني يمكن ضبطه بشكل أو بآخر من خلال الجيش والقوى الأمنية وعدم تغطية القوى السياسية لأية مخالفات، ممكن هذا الأمر أن تتم معالجة تداعياته أو آثاره، لكن التداعيات الأخرى هي كبيرة وخطيرة.
نحن في المناقشة التي كانت تحصل بين الحين والآخر، دفع البعض في اتجاه بناء مخيمات. هناك قوى أساسية في لبنان كان لديها تحفظ على موضوع المخيمات، وإن كانت الآن هناك مخيمات فعلية، لكن غير رسمية. في بعض الأماكن توجد مخيمات صغيرة بشكل غير رسمي. إقامة مخيمات رسمية ومشرعنة قد تفتح الباب على مخاطر عدة: منها تحوّل هذه المخيمات إلى قواعد عسكرية للمعارضة السورية كما حصل في بلدان أخرى، في تركيا، في الأردن، في أماكن أخرى، وهذا يشكل تهديداً كبيراً للوضع الأمني، وهناك انقسام لبناني حول الموقف من المعارضة.
من جملة المخاطر أيضاً هو تحوّل هذه المخيمات إلى مخيمات دائمة، والذي يبعث على هذا القلق هو ما سمعنا من تصريحات في الآونة الأخيرة، كما أن بعض السفراء وبعض الجهات تتحدث عن إمكانية أو فرضية توطين السوريين في البلدان التي لجأوا إليها. هل يستطيع لبنان أن يتحمّل؟! مَن طرحوا هذه الأفكار هم يفكرون بهذه الطريقة، يعني يمكن أن يصدق ذلك، لأن عقليتهم وتعاطيهم مع ملفات عديدة في المنطقة تؤيد هذا الواقع.
المشكلة الرئيسية في رأينا أنه في نهاية المطاف، لبنان، من الناحية اللوجستية، بمعنى تأمين سكن، لبنان يستطيع مؤقتاً أن يتحمّل نازحين، وكثير من هؤلاء النازحين يسكنون الآن في بيوت، إما استأجروها أو استؤجرت لهم، ومنهم من يسكن في خيام. المشكلة الرئيسية كانت وما زالت هي التمويل، أي توفير الإمكانات المالية للبنان ليتمكن من تأمين سكن معقول في مختلف المناطق اللبنانية للنازحين السوريين، وتأمين الاحتياجات الضرورية اللازمة لهم إلى حين توفر البدائل الأخرى التي يمكن أن نتحدث عنها بعد قليل.
إذاً، تواجد النازحين السوريين في مختلف المناطق، تأمين سكن لهم، بمعنى أن يستأجروا أو يُستأجر لهم، هذا حاصل. الآن هذا حاصل في الشمال، أنا أعرف في البقاع هناك الكثير من البيوت يسكنها الآن نازحون سوريون. في الجنوب أيضاً تم تأمين مساكن كثيرة. المشكلة الرئيسية هي مشكلة تمويل. فكرة المخيمات، فكرة دائماً يوجد جدل حولها وفيها أيضاً مخاطر، لا نستطيع أن نتجاهل هذه المخاطر، ولا يجوز أن نبسط هذا الأمر.
الآن هناك جملة خيارات بديلة، وهذا يحتاج إلى تعاون بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية، وأعتقد أن الحكومة السورية أبدت استعداداً حول هذا الأمر في أكثر من مناسبة، والسفير السوري في لبنان الأخ علي عبد الكريم علي أبلغ العديد من القيادات السياسية هذا الأمر، الآن هناك مناطق في سوريا آمنة، هناك مناطق حصلت فيها مصالحات، وفي هذه المصالحات تمت تسوية أوضاع مقاتلين قاتلوا خلال السنوات الثلاث الماضية، والآن هؤلاء المقاتلون الذين تمت تسوية أوضاعهم سواء في ريف دمشق، في حمص المدينة، في محافظة حمص، في أماكن أخرى، في حلب، الآن هم موجودون هم وعائلاتهم داخل هذه المدن وداخل هذه المناطق. لنا أن نفترض أن عائلات النازحين إلى لبنان وضعهم أقل خطورة من المقاتلين الذين تمت تسوية أوضاعهم، وبالتالي، عندما نأخذ مثلاً ريف دمشق، مدن بكاملها تمت تسوية أوضاعها وكذلك في حمص. يمكن أيضاً من خلال جهد مشترك لبناني ـ سوري وتعاون رسمي بين البلدين أن تتم تسوية أوضاع كثير من العائلات النازحة في لبنان وتقديم الضمانات أو عوامل الطمأنينة المطلوبة ويعود هؤلاء إلى قراهم وإلى مدنهم وإلى بلداتهم، وإذا كانت بيوتهم تأثرت بسبب الحرب، يمكن إنشاء مخيمات لهم داخل الأراضي السورية، وهذا حل منطقي ومعقول، ودليلي عليه، أن بعض القوى السياسية ستقول: هؤلاء يخافون من العودة. ولكن هل هم في وضع أسوأ من الذين قاتلوا على مدى سنوات ماضية وتمّت تسوية أوضاعهم وإجراء مصالحات في هذه المدينة أو تلك المدينة. هذا هو الحل المنطقي.
لا بدّ من فرض هيبة الدولة
÷ انتشار ظاهرة السلاح بشكل عشوائي في كل قرية ومدينة لبنانية بالصورة التي عليها اليوم، يخدم فكرة المقاومة وسلاحها أم العكس؟
{ مشكلة السلاح المنتشر في القرى والبلدات اللبنانية مشكلة قديمة، وهي سابقة على وجود «حزب الله» وعلى وجود مقاومة، أي المقاومة الإسلامية بالتحديد، بل هي سابقة على مجيء المقاومة الفلسطينية إلى لبنان، لأن البعض يحاول أن يحمّل المقاومة الفلسطينية مسؤولية انتشار السلاح.
السلاح موجود في القرى والبلدات والمدن اللبنانية منذ عشرات السنين، منذ وقت طويل. ضبط هذا السلاح مهم جداً، هو يخدم فكرة المقاومة، ويخدم الأمن الاجتماعي والأمن الوطني، ويحدّ من خسائر اللبنانيين على كل صعيد.
أنا أعتقد أن الطريق لتحقيق هذا الأمر بالتأكيد ليس هو تجريد اللبنانيين من السلاح، لأن هذا هدف غير واقعي. حتى القوى السياسية التي تتحدث عن السلاح، ودائماً تقول: السلاح، السلاح. في واحدة من جلسات طاولة الحوار طرح هذا السؤال: مَن منكم لا يملك مناصروه سلاحاً في بيوتهم؟ الجواب محسوم.
إذاً فإن علاج هذا الأمر ليس في أن تذهب الدولة لتجرد اللبنانيين من السلاح المنتشر في البيوت. الحل هو في فرض هيبة الدولة. عندما يكون هناك هيبة للدولة وحضور للجيش والقوى الأمنية ومعالجة أي خلل أمني وتوقيف المطلوبين والمخلين والسارقين واللصوص والمعتدين على الناس، حينئذ هذا السلاح سينضبط بشكل أكيد. أما إذا تمت تغطية كل هذه المخالفات وتخلفت الدولة عن القيام بمسؤولياتها عندئذ هذا السلاح يشكل خطراً. أما لو قامت الدولة بمسؤولياتها، فلا أعتقد أن هذا السلاح حينئذ سيشكل خطراً ومشكلة كبيرة، المهم أن تقوم الدولة بهذه المسؤولية. الخطط الأمنية التي توضع الآن، قرارات مجلس الوزراء، تغطية القوى السياسية المختلفة لهذه الخطط ، أعتقد أنها تشكل خطوات مهمة على هذا الطريق.
÷ اتهام حزب الله بالتعطيل وبأن لديه مصلحة في الفراغ وتعطيل المؤسسات، هل هذا يخدم المقاومة؟
{ هذا يُضرّ بالمقاومة، المقاومة هي قوة دفاع عن لبنان، قوة حماية، قوة تحرير، وبالتالي عندما يكون في الداخل اللبناني دولة وحكومة ومؤسسات ترعى مختلف شؤون الوطن وشؤون اللبنانيين، على المستوى السياسي، القانوني القضائي، الأمني الاجتماعي، الاقتصادي والمالي، المعيشي، هذا يقدم خدمة كبيرة للمقاومة.
المقاومة في فكرتها العامة ليست فقط هي القوى العسكرية. لكي تستطيع المقاومة أن تستمر في أداء مهامها هي بحاجة إلى مجتمع متين. أما البطالة، الفقر، الصراعات الداخلية، السجالات الداخلية، الاشتباكات في هذا الشارع وفي تلك المدينة وفي هذا الحي، العداوات الداخلية، كل هذه تؤثر على مشروع المقاومة.
سنعود إلى مدارسنا وحوزاتنا.. إذا
÷ في العام 2006 قلتم سماحة السيد ما معناه إن الدولة الظالمة أسهل من اللادولة؟
{ أنا أؤكد ما قلته في العام 2006 ونحن جديون في طرح بناء الدولة وتقوية الدولة وحضور الدولة وتحمل الدولة لكل المسؤوليات. لسنا بديلاً من الدولة في أي شأن من الشؤون. بل حتى في مسألة المقاومة، أنا أعيد التذكير بما قلته في 22 أيلول 2006 في احتفال النصر الإلهي في الضاحية الجنوبية: عندما يصبح لدينا دولة قادرة وقوية وتملك إمكانية الدفاع عن لبنان، نحن في المقاومة أو كمقاومين سوف نعود إلى مدارسنا وحوزاتنا وجامعاتنا وحقولنا. هذه هي الاستراتيجية الدفاعية المستقبلية، ليس هناك حل آخر. نحن ندعم هذا الأمر .
على العكس، كل ما يُساق من اتهامات لا دليل عليه. من المعروف في لبنان أننا أكثر طرف يقدم تنازلات لمصلحة إيجاد تفاهمات وتسويات وتشكيل حكومات وما شاكل. كنا نحن وما زلنا كذلك.
÷ هل صحيح أن الدولة الحالية تناسبكم أكثر من دولة قوية وقادرة وغير طائفية؟
{ نحن تناسبنا دولة قوية وقادرة وعادلة، عادلة بمعنى تتعاطى بمساواة مع جميع المواطنين بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية والمناطقية. أما موضوع دولة غير طائفية أو دولة طائفية أو دولة مواطنة أو دولة الانسان، في لبنان حصلت نقاشات كبيرة من هذا النوع.
نحن في مرحلة من المراحل أيّدنا موضوع إلغاء الطائفية السياسية، ودعونا إلى قيام نظام غير طائفي، لكن في ما بعد ومن خلال الانفتاح والحوارات والنقاشات، وجدنا أن هذا الأمر مقلق لشريحة كبيرة من اللبنانيين، خصوصاً لأغلب المسيحيين، لا أقول لكل المسيحيين، هناك مسيحيون يؤيدون إلغاء الطائفية السياسية بمعزل عن المخاوف التي يطرحونها. لكن بالمتابعة وجدنا أنه في واقع الحال أن أغلبية المسيحيين لا يوافقون على هذا الأمر ولديهم مخاوف ولديهم قلق، ولذلك نحن نقول يجب أخذ هذه المخاوف بعين الاعتبار، ولا يلجأ أحد إلى أية