طلال سلمان

حضور فلسطين

ليس تعويضاً مجزياً أن تُمنح فلسطين عضوية فخرية بلا مقعد وبالتالي بلا حق في التصويت بينما أرضها تذوب بالمستوطنات الإسرائيلية التي تكاد تلتهم ما تبقى من مشروع «الدولة» العتيدة.
ومفجعة هي الحقيقة التي تفيد أن الغرب الأوروبي يتبدى الآن وكأنه أكثر اهتماماً بالقضية الفلسطينية من أهلها العرب الذين تأخذهم همومهم الثقيلة بعيداً عنها، بعدما صادر الإسلام السياسي الانتفاضات الشعبية المجيدة التي توالت بدءاً من تونس إلى مصر فليبيا وأنحاء مختلفة في المشرق العربي وإن بصيغ مختلفة.
إن أخبار فلسطين، الثورة ومنظمة التحرير والسلطة المنقسمة على ذاتها بين الضفة الغربية وغزة هاشم، تكاد لا تستقر على ألسنة المسؤولين العرب، وتكاد تختفي من وسائل الإعلام العربية، ولم تعد الموضوع الأثير للمنتديات وحلقات الدراسة.
من هنا التركيز في هذا العدد من ملحق «فلسطين» على حضور فلسطين في السياسات العربية للحكومات والمعارضات، بمن في ذلك «الإسلاميون» بمختلف فصائلهم.
أما الجزء الآخر فقد تم تخصيصه للمدينتين التوأمين: اللد والرملة. وفي حين أن اللد قديمة جداً، وهي كنعانية الأصل، وقد ذكرت في التوراة، فإن الرملة التي تبعد عنها عشرة كيلومترات فقط قد بناها الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك وجعلها قاعدة مهمة لجند فلسطين، ثم دمرها صلاح الدين بعد وقوعها في أيدي الصليبيين، وبقيت مدمرة لمئة سنة. كذلك دمرها العثمانيون في أثناء حملتهم في اتجاه مصر. وهي تعتبر رابع مدينة ابتناها المسلمون بعد البصرة والكوفة والفسطاط. أما تسميتها فيقال إن الخليفة التقى أرملة فأكرمته، فسأل عن اسمها فقالت: رملة. فأطلق اسمها على المدينة. وفي تقدير الإدريسي فإن «مدينتي الشمس هما الرملة ثم بيت المقدس».
واللد التي اتخذها عمرو بن العاص قاعدة لجند فلسطين، ذكرها اليعقوبي شعراً بقوله:
لكل فتى هند يردد اسمها
وهندي التي لم يحكها أحد «لد»!
وكانت اللد مركزاً للدارسين والتجار منذ القرن الخامس قبل الميلاد وفيها مزار القديس جاورجيوس الذي يسميه المسلمون «الخضر».
وبين من أنجبتهم اللد وخلدتهم الثورة من أجل فلسطين الدكتور جورج حبش، أما الرملة فقد أنجبت القائد خليل الوزير (أبو جهاد). والمدينتان تقعان في منتصف السهل الفلسطيني، وكانتا على الطريق التي تصل شمال فلسطين بجنوبها وشرق فلسطين بغربها، وتربط الشام بمصر وبلاد ما بين النهرين. وهما كسائر مدن الأرض المحتلة انتقلتا من الجغرافيا إلى الذاكرة.
عسى ألا يقتصر وجود فلسطين غداً على الذاكرة وحدها.

Exit mobile version