طلال سلمان

حرب اسرائيلية حصار على سوريا

تستطيع إسرائيل أن تطمئن الآن، وبعدما زاد عدد المتطوّعين الأوروبيين لحمايتها إلى ستة آلاف ضابط وجندي، بينهم الفرنسيون والطلاينة والبولنديون، إضافة إلى تولي ألمانيا والنروج حماية مياهها الإقليمية من مخاطر هجمات الاسطول الحربي اللبناني.
لسوف تجيء هذه القوات فتنتشر داخل الأراضي اللبنانية، بما يعني ضمناً أن لبنان هو الأقوى فضلاً عن أنه المعتدي ، قفزاً من فوق واقع أن الجيش الإسرائيلي هو خامس أقوى جيش في العالم، في حسن تجهيزه، وحسن تدريبه وحسن تسليحه وكل ذلك مما لا يمكن أن يحلم به أي جيش في المنطقة العربية ما بين اليمن السعيد والمغرب الأقصى..
وصحيح أن اللبنانيين فخورون بالأداء القتالي لرجال مقاومتهم، ودائماً من الموقع الدفاعي، ولكنهم يستريبون في هذا التردد الأوروبي الذي ما كان ليحسم قراراً بالمشاركة لولا التدخل الفظ للإدارة الأميركية.
… وهي هي الإدارة الأميركية التي أنذرتنا بلسان رئيسها جورج بوش بأنها تحضّر مشروعاً جديداً ستعرضه في مجلس الأمن لاتخاذ قرار باستئصال حزب الله وسلاحه!
إن للبنان تجربة عريضة ومديدة مع قوات اليونيفيل . واللبنانيون عموماً تعاطوا مع هذه القوات على أنها قوى صديقة جاءت لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية التي لم تتوقف يوماً، سواء من الجو أو عبر البحر أو عبر اختراق الحدود البرية.
الطريف أن الحديث الدولي الآن يتركز على الحدود السورية و مخاطرها غير المحدودة، وأن الكل منهمك بكيفية ضبطها ومراقبتها بحيث يحاصر لبنان سوريا وتحاصر سوريا لبنان، بينما الطلعات الجوية الإسرائيلية مستمرة، والحصار البحري الإسرائيلي مستمر، والاعتداءات البرية متواصلة.
وإذا كان من المتعذّر على بعض القوى السياسية في لبنان الطعن بكفاءة مقاتلي حزب الله أو بصمودهم في مواقعهم على التخم، أو في تولي قيادة المقاومة العلاج الفوري لمن نكبوا في بيوتهم وأرزاقهم، فلا بد من تحوير المسألة مرة أخرى وأخذها إلى مستنقع العلاقات اللبنانية السورية، ومن هناك يمكنها شن الهجوم المضاد.
إن لبنان، والعرب، يضيّعون فرصة نادرة: فلا مرة كانت إسرائيل غارقة في فضائحها المجلجلة، خُلقية ومالية… كذلك فإن مفخرتها، جيشها، خرج من حربه العدوانية مجلّلاً بالعار، وها هي المساءلات تفتح أبواب المحاكمات، لأنهم هناك يحاسبون المقصّر، بينما نحن في لبنان نحاسب من أنجز بكفاءة، لأن الأغراض الصغيرة تعمي أبصارنا عن المصلحة الوطنية العليا.
إن لبنان كله يرحب بقوات اليونيفيل، ولسوف يستقبلها المواطنون غداً برش الورد والرز عليها… ولكن المهم ان تحمي لبنان من إسرائيل واعتداءاتها التي لم تتوقف منذ .1968
أما العلاقة مع سوريا فيستطيع اللبنانيون والسوريون تثبيت قواعد أخوية لها، عمادها المصالح المشتركة، مهما تعاظمت الخلافات مصطنعة أو ناجمة عن سوء فهم وسوء تقدير وسوء قيادة.

Exit mobile version