مع التقدير لكل الفنانين الكبار الذين شاركوا في مسلسل “الهيبة”، وأولهم الممثل القدير تيم حسن، وشجرة الزيتون المباركة منى واصف، ومن ادى معهما دوره بشكل جيد، الا أن ثمة ملاحظات قد تكون قاسية ولكن يجب أن تُقال:
أولا: لا يصعب التعرف على المنطقة التي اعتبرت “ارض عمليات”، وهي منطقة بعلبك ـ الهرمل، وبالسلاح الكامل..
ثانيا: تم التركيز على سلوك بعض العصابات المسلحة، واقتتالها في ما بينها على تهريب المخدرات والسلاح وسقوط ضحايا “مجهولين” في الطريق.. لكن اللهجة التي تم التأكيد عليها هذا الموسم من خلال جعل الممثلين ينطقون بها والذين يلجأون اليها ولو بطرق ممسوخة والملابس وبعض مواقع التصوير، بل اللجوء إلى تسمية المنطقة بالسهل في كل مرة (وحمانا وهي موقع التصوير، ليست فيه) وكل ما اجتهد لإبرازه من ضروب الوحشية. كل ذلك يدل وان تحاشى التسمية.
وأفترض أن الكاتب قد اهتم بالحبكة البوليسية اكثر من اهتمامه بالناس.. أي جمهور المشاهدين.. وبالتالي فقد صور الصراع على انه بين مجموعتين من العائلات: الأولى تريد التهريب إلى سوريا من دون مواربة على أن يبقى في إطار السلاح الفردي الخفيف والمخدرات المحلية، فيما المجموعة الثانية تسعى إلى ادخال اسلحة مؤذية وقليلة ومخدرات خطيرة . وللمجموعتين صلات وصل بسوريين يزورونهم في “الهيبة”.
المخرج حاول اخفاء “الواقع” الا انه كان أوضح من أن يخفى على المشاهد.
ثالثا: خلا المسلسل من أي وجه مضيء، وأي شخص مختلف نشأة وسلوكاً وبحثاً عن مستقبل افضل يخرجه من الحصار الرسمي المفروض عليه بالإهمال المقصود والدائم..
ولقد تبدى اهالي المنطقة جميعاً وكأنهم رجال عصابات، يقتلون ويقتتلون، يخطفون ويسجنون ويعذبون، ولا رادع من ضمير ولا خوف من دولة غائبة على أي حال… مع أن معظم شباب بلاد بعلبك الآن يذهبون إلى الجامعات في لبنان والخارج، وبينهم حملة دكتوراه، ورجال اعمال، وأهل صحافة وعلم وخبرات مميزة، بعيداً عن السلاح..
وهذا السلاح، للمناسبة، متفلت بقرار رسمي، ومتى حزمت الدولة أمرها اختفى، كما حدث في مدينة بعلبك، مؤخراً، مع الخشية من أن يكون “الحزم” مؤقتاً، ومن اجل انقاذ مهرجانات بعلبك التي فقدت الكثير من بريقها بعد غياب الرحابنة وفيروز والصافي وفيلمون وهبي ونصري شمس الدين الخ..
لم تظهر في المسلسل بجزأيه مدرسة، او طلاب، او اساتذة، او طبيب يحترم يمينه، او جماعة من المواطنين العاديين، او مزارع يعيش من عرق جبينه، او سيدة بيت طبيعية تهتم ببيتها واطفالها..الكل طفار، يعيشون ببنادقهم ومعها، يخطفون خصومهم، وقد يقتلون، فلا خوف الا من عقاب “الزعيم”.
حرام يا أخ تيم، حرام يا ستنا منى واصف..
لقد تابعنا اعمالكم السابقة الممتازة بإعجاب، وشهدنا لكم بالبراعة والاتقان.. وكانت اعمالكم تفيض بحب الحياة وأهلها، والعصابات لها أهلها.. ولكنكما لنا، للناس الطبيعيين، محبي الحياة والعاملين لتكون أفضل.
ونحن نريدكما لنا، نحن جمهوركما الدائم، وليس هواة القتل والقتلة. وعذراً إذا كنا أحرص عليكم منكم.
وألف حرام يا آل الصباح الكرام، يا ابناء الجنوب، الذي غدا انشودة الصباح وحداء الثورة بفضل دماء شهداء التحرير.