طلال سلمان

جوزيف سماحة في مقابلة غير منشورة: “السفير” جريدة فلسطين (1)

في السادس والعشرين من آذار/مارس 1974 صدر العدد الأول من “السفير”. كانت بالفعل لحظة تأسيسية في مسيرة الصحافة اللبنانية والعربية، وهذا ما لمسه جمهور لبناني وعربي كبير، من المحيط إلى الخليج، منذ لحظة توقف “السفير” عن الصدور في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2016، وما تركته من فراغ مستديم.

***

بينما كنتُ أغوص في أرشيف “السفير”، عشية عيدها الخمسين، وقعت بالصدفة على وثيقة خطية مطبوعة بحبر الدكتيلو، تبين أن الراحل جوزيف سماحة قد سلّمها في العام 1978، إلى أرشيف الجريدة لحفظها. سارعت إلى الإتصال بالزميل فيصل جلول المقيم في باريس، وسألته عما إذا كان أجرى مقابلة مطولة مع جوزيف سماحة في العام 1978، غداة العيد الرابع لتأسيس الصحيفة، فأجابني أن هذه المقابلة، حصلت في سياق مشروع يهدف إلى إنجاز كتاب يُوثّق التاريخ الشفهي للحرب الأهلية اللبنانية ولكنه لم يصدر، في حينه، عن معهد الإنماء العربي في بيروت، لأسباب عديدة.

إن قيمة هذه الوثيقة ـ المقابلة (غير المنشورة سابقاً) التي أجراها فيصل جلول مع جوزيف سماحة أنها تُحيط بظروف ومناخات تأسيس “السفير” من جهة وعلاقتها التنافسية بصحيفة “النهار” لعقود طويلة من جهة ثانية، كما تضيء على محطات من تاريخ الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1975 وكيف كانت “السفير” تتولى تغطيتها.

بدءاً من اليوم، سيبدأ موقع 180post، بشراكة كاملة مع “السفير” وموقع طلال سلمان بحلته الجديدة، في نشر مضمون هذه المقابلة الطويلة على حلقات عدة، وبنصها الأصلي، ومعظمه باللغة المحكية، لما يُمكن أن توفر للزملاء والباحثين من معلومات، فضلاً عن الإضاءة مُجدداً على تجربة “السفير”، بكل ايجابيتها وسلبياتها..

في ما يلي الجزء الأول من مقابلة فيصل جلول مع جوزيف سماحة والتي أجريت بتاريخ 14 نيسان/أبريل 1978 في مبنى المعهد العربي في بئر حسن ببيروت:

***

الإســــم؟                                    

جوزيف سماحة

المذهــب؟                                   

كاثوليكي

من أي بلد؟

الوالد من المتن والوالدة من عكار، بس ربيت بعكار مش بالمتن ما بعرف ضيعة بيي غير مرة.

قبل الحرب وين كنت ساكن؟

بيت أهلي بالأشرفية، سنة 1974 تجوزت كنت ساكن حدَ جسر الباشا، حدَ المخيم. تركنا مع بداية الحرب إلى الظريف، بيت أهلي بالأشرفية، نسف، وانضرب وطردوا منو بعد ما حبسوهم فترة.

العمر؟

شي 28.. 29 سنة.

أيمتين فتت عـلى ”السفير”؟

قبل صدورها بشي 4-5 أشهر، كل المرحلة التحضيرية للصدور، كنت عملياً عم شارك فيها. كنت واحد من يللي عم بيساهموا بشكل أو بآخر بالإعداد سواء على تنظيم بعض الاتصالات وإعداد بعض المواضيع، ومع صدور الجريدة كنت أحد الذين ترقوا فيها، أنا فتت عادي، يعني محرر وكاتب تعليقات، وبعض المقالات الكبيرة.

قبل “السفير” كان عندك تجربة صحفية؟

لا.

كانت أول تجربة بـ”السفير”؟

بـ”السفير”.

إذا فينا نأخذ فكرة عن وضع الجريدة بمطلع 1975، قبل حادثة عين الرمانة، أو قبل حادثة معروف سعد (1974)، أقسام الجريدة كانت كاملة أم ناقصة؟

عملياً كان صرلها الجريدة فترة طالعة. طبعاً جريدة “السفير” حتى الآن لم تتحول الى مؤسسة بالمعنى الجدي للكلمة، عطول في أشياء عم تتغير. في اقسام عم تنزاد، جريدة كتير حيّوية بالمعنى الإيجابي للكلمة. متحركة ومتحولة (…). طبعاً اليوم (1978) متحسنة بمعنى من المعاني مقارنة بـ 1975 و1976 و1977 لذلك عم “تتحول”. عم تتطور أوقات، مش دايماً. أوقات عم تنتكس. في حركة، هلق مكتملة بهذا المعنى، مع العلم انو فيها مختلف الأقسام، فيها أرشيف كبير، فيها قسم عربي، قسم دولي، فيها قسم للدراسات، او بالأحرى فيها صفحة مخصصة للدراسات والاستكتاب والدراسات، وقسم محلي. بهذا المعنى في هيكل واسع يعني في هيكل واسع بجهاز متكامل.

كان في مكتب لـ”السفير” بالمنطقة الشرقية؟

كان في مكتب بزحلة، هلق المكاتب بالمنطقة الشرقية، الجرايد الأخرى ما عندها. ما فش ولا جريدة عندها الا بزحلة.

وعندكم مراسلين؟

كل الجرايد عندها. كان في أهم مراسلين موجودين بالبلد بالمنطقة الشرقية، خليل خوري. فيليب ابي عقل. في شخص اسمه ميشال الحلوة وهوي شخص شهابي دستوري، المستشار السياسي لميرنا البستاني إميل البستاني، وعنده تجربة صحفية وعلاقات بالعرب وبتعرف مثل هودي كيف بتكون أفكارهم وعندو تجربة صحفية بصحف متنوعة (…). كان طلال سلمان ضد طريقته، انو لأ يا خيي هيك ما بدنا. فكان في مراسلين بالمنطقة الشرقية كثير، خليل خوري، مراسل كثير منيح هلَق مختفي من السوق، يمكن مسافر، في خليل فليحان أحد أهم المخبرين. قلتلك في فيليب ابي عقل، نبيل براكس ما كان وهلَق صار. مخبرين بالمنطقة الشرقية هلق موجودين بـ”السفير” كان في كل المخبرين يللي بتتعاون معهم الجرايد.

بتعتمدوا على مخبرين بيتعاملوا مع أكثر من جريدة؟

فش ولا مخبر بيتعاون مع جريدة واحدة إلا قلة نادرة، عادة كل المخبرين، بيتعاونوا مع أكثر من جريدة، باستثناء كم واحد بـ”الحوادث”، أو كم واحد بـ”النهار”، وكم واحد يعني واحد او اثنين عدا ذلك ما في بذهني مخبر بيتعاون مع جريدة واحدة.

أقسام الجريدة، إذا بدَنا ناخذ فكرة عن التوزيع السياسي يللي عم يشتغله بالأقسام حكيت عن ميشال الحلوة؟

ميشال الحلوة عنده جهاز محليَات. بجهاز المحليات المخبرين ما الهم عمليا انتماءات، مخبرين المنطقة الشرقية، مثلا الكتلوي فيليب ابي عقل. الآخرين يعني مخبرين بالمعنى العادي للكلمة خاصة بسنة 1975. كان في حدة بالاستنفار الطائفي والسياسي، يللي بتخلَلي أي واحد من المخبرين ما بيقدر يتحرك (…). ما كان في مخبرين حزبيين هونيك باستثناء الكتلوي الوحيد فيليب ابي عقل. بالمنطقة هون المخبرين بصورة عامة، في نوعين من المخبرين، في مخبرين طالعين جديد هيدول الهم علاقة بأوساط الحركة الوطنية أو بالحركة الوطنية، ممكن نسمي كثير، مثلا وليد شقير، مخبر نشأ في حضن وفي رحم الحركة الوطنية. مخبر متميز بأنو بيعرف أوساط الحركة الوطنية والمقاومة (الفلسطينية) وهيدي فضيلتو عن آخرين معه. في كمان محمد شقير، في موفق مدني وغيرهم. في عنا النوع الثاني الأكبر سناً يللي قديمين شوي وان كان عندهم صلات معقولة بالأوساط الإسلامية والوطنية، فما فيك تحسبهم على الخط السياسي للحركة الوطنية الفعلي، في منهم مرتبط بالزعماء التقليديين وفي منهم عندهم ارتباطات بالمنطقة الشرقية فاذا بتحط فاصل حقيقي، هوي فاصل العمر بالثاني رافقته نشأة الصعود السياسي يللي بدأ بالسبعينيات الى آخره. في هودي إذا بدك تستثني مخبرين جريدة “النداء” تبع الحزب الشيوعي وإلى آخره، صعب تحكي عن التزامات سياسية كثير واضحة للمخبرين.

يللي عم يشتغلوا بقلب الجريدة كمان من هالنوع؟

كان في مثلا، نوع من المخبرين الوطنيين يللي عم نحكي عنهم المرتبطين مع طرف من اطراف الحركة الوطنية بصورة فعلية جدَية شوي، في نوع آخر من المخبرين يللي بيجيبوا أخبار صائب سلام، وموسى الصدر الى آخره ومش شرط يكون يللي يجيب أخبارهم يمكن يجيب الأخبار يللي هوي بيتحمس لها ضد الحركة الوطنية كطرف سياسي، يعني بيكونوا مرتبطين بالإسلام التقليدي.

ممكن تعمل وصف عام للمخبر؟

المخبر مثلاً هوي شخص عادة بيتخصص بمجال متل انو بدنا مخبر يهتم بمتابعة الحركة الوطنية، وبيختص بكمال جنبلاط، في عندك مخبر بيهتم بموسى الصدر وبالأوساط الشيعية وكامل الأسعد. عندك مخبرين بيهتموا بأوساط الزعماء التقليديين ببيروت، صائب سلام، تقي الدين الصلح، رشيد كرامي إلى آخره. هلق هاي الاختصاصات ما في خطوط فاصلة بينها، ممكن واحد شغلتو أولاً يجيب اخبار ونشاطات يقوم فيها هذا الزعيم او هذا الطرف السياسي. يُنبّهك سلفاً، عن نشاطات مقبلة منشان تستعد، وتتركلها محل بالجريدة، بيجيب معلومات موثوقة انو إذا صائب سلام شاف رئيس الجمهورية، مثلاً انو شو أجواء رئيس الجمهورية، صائب سلام راح على سوريا، شو حكيوا السوريين، الخ. بيحطك بالاجواء سواء الفعلية او يلي بدو ياها الطرف السياسي المعني.

الخبر شو بيصير فيه بعد ما يجي؟

في نوعين، مثلاً المخبر راح لعند كمال جنبلاط، قال له كمال جنبلاط التصريح تبعه، وبعدين قللو معلومات عن رسالة جايتو من حافظ الأسد. بيجي المخبر بيكتب تصريح كذا الخ وبيقدمو لرئيس القسم. هلق في عندك المخبرين يللي بيعرفوش يكتبوا وهني بالمناسبة كتار كتير، يعني انا مثلا لما كنت بـ”السفير” مسؤول قسم المحليات، فوجئت بهذه الأمية عند المخبرين يللي فعلا بتخليك تعيد كتابة كل شي. مش أقل من 80% من المواد الإخبارية، كانت تجري إعادة صياغتها لاحترام الحد الأدنى من قواعد اللغة العربية، وتجنب الأخطاء اللغوية والإملائية والنحوية. في فضايح وفي عدد كبير من المخبرين بيحكوك عالتلفون. انو قال كذا وقال كذا، واجا الساعة سبعة، بتسجل يلي بيخبروك ياه.

طيب هاي الغربلة الفنية للخبر، بس في الغربلة السياسية؟

إيه، في غربلة سياسية.

كيف كنتو تتعاملو مع أخبار اليمين اللبناني؟

في كثير ظروف معقدة، والها مراحل، في فترات.

بس عفوا في شغلة، لما عم تحكي عن التوزيع السياسي للي عم يشتغلوا بالجريدة عم تذكر واحد كتلوي وواحد باجواء الحركة الوطنية والمقاومة بأجوائها، وعم بتقول المسألة الها ارتباطات، فما بعرف اذا هالشغلة بتأثر على التعامل مع الخبر؟

في تأثير غير مباشر بينبع من طبيعة اهتمام المخبر، بس بالأخير بجريدة عمَ بتصب فيها مختلف الاتجاهات. هلق ما في شك انو انت بتوصل لمرحلة معينة انو يكون عندك صورة دقيقة لمواقف كل طرف كما يصوغها هوي. يعني شو قالوا الكتائب، شو قال كميل شمعون، شو قال الوزير الفلاني شو قال الطرف السياسي الفلاني ما في شك إنو بالأخير بتوصل لعندك صورة لكل واحد شو قال. كيف بيتقدم الموقف هلق هون بيجي دور شي اسمو المطبخ بالجريدة، يلي الو علاقة كيف بدها تقدم المادة للقراء. المسألة الحاسمة بـ”السفير”، وهذا كان التوجيه الدائم، أنه غير الأخبار الخاصة لازم نكون موضوعيين، بمعنى انو في صفحة أخبار منحط فيها كل واحد شو بيقول، على ان يكون الحكم للقارىء. فيك تكتب تعليقات، مثلا “السفير” تميزت بكثرة بالتعليقات والمواقف فكان التوجيه المبدئي شرط ان يلتزم به حرفياً انَو الأخبار لتكن كما هي. عمل تصريح بيار الجميل وعمل تصريح كمال جنبلاط إلخ.. مفروض بالقدر يللي بتحترم تصريح جنبلاط بصفته نص لا يجوز شطب شي منو، يجب ان يحترم تصريح بيار الجميل بصفته نصاً ايضاً. طبعاً هيدا التوجيه المبدئي، بس ما طُبَق بالمعنى الحرفي. أصلاً ما في ولا جريدة بلبنان بتعمل هيك لأنه بيصير الو علاقة بتقديرك لأهمية المتحدث، لأنه اذا بدك تنزل النصوص الحرفية، لكل الأطراف السياسية بالبلد ولكل الشخصيات السياسية بيطلع عندك جريدة باليوم من خمسين صفحة. الموضوع كثير الو علاقة بتقديرك لأهمية الكلام والمتكلم.  بس لما بيكونوا الطرفين بنفس الأهمية مثلا أو بنفس المستوى، مثلاً بيار الجميل وكمال جنبلاط، يمكن جنبلاط ينزل صفحة أولى ويمكن بيار الجميل ينزل صفحة ثانية أو ثالثة أو رابعة. التعامل مع الخبر كان عم بيتم انطلاقاً من الموقع السياسي، مثل التعامل مع أخبار ليبيا وأخبار دولة عربية ثانية بالمقابل؟ في شي عندك الو علاقة بتقديرك انت للطرف يللي عم يحكي، بالمثل يللي قلته صح انو من هون بيبرز كيف ممكن الموقف السياسي المسبق لسياسة الجريدة. يعني جريدة راسمة سياسة لحالها، مثلا واضح خلال الحرب كلها، “السفير” الجريدة المؤيدة للمقاومة الفلسطينية وللقوى الوطنية اللبنانية بصورة عامة. بفترة من الفترات لما حصل الانشقاق بين القوى الوطنية والمقاومة من جهة وسوريا من جهة ثانية، عاشت “السفير” فترة ارتباك فظيعة، ونطنطت ساعة هيك وساعة هيك. حتى في ظل الصدام بين الإثنين كان كل طرف يشكو من “السفير”، ان كان سوريا او الحركة الوطنية الى أن استقرت على صيغة قريبة جداً من سوريا بدون ما تكون بعيدة عن الحركة الوطنية، بس الجريدة على الأقل في القضايا العامة، يللي كانت البلد تنقسم حولها كانت محددة سياستها. صاحبها الو موقف، العاملين فيها بصورة عامة الهم موقف باستثناء بعض المخبرين بالمنطقة الشرقية. بالمقابل جريدة مثل “النهار” كمان الها موقف وعبَرت عنه بشكل فظيع حتى بعتقد أنا إنو “السفير” كانت أكثر موضوعية من “النهار”. سأعطيك مثلاً قصة بسيطة حول وقف إطلاق النار، صار شي 60-70 وقف إطلاق النار كانت كل مَرة “السفير” تقول هذا الاتفاق سيفشل، هلق كل مرة تلقي اللوم على الانعزالية وبرأيي كان صحيح ويللي كان عم يفشل الاتفاقات هوَي الطرف الثاني في حين أن جريدة “النهار” ستين اتفاق قدمتهم على أنهم اتفاقات نهائية وبفترة من الفترات كان رأيهم ودورهم تبشيري، انو بتبشر بالسلام بيحدث سلام؟ منذ بداية الحرب، من وقت خطاب رشيد الصلح يللي قدَموه بـ”النهار” بصفته خاتمة الأزمة الى دخول قوات الردع العربية يللي قدموه بصفته خاتمة الأزمة ولليوم ممكن يقدموا أي اتفاق يعني اذا بتحط الموضوعية بين مزدوجين ممكن نقول إنو “السفير” كانت جريدة الى حد ما موضوعية بالقضايا اللبنانية، بس إنو شو مقاييس الموضوعية أولاً؟ المقاييس بدها تصير من خلال مقارنة “السفير” بصحف ثانية. ثانياً بدَك مقارنة “السفير” انو تكون كمان انطلاقا من عمرها. “النهار” يعني صرلها 40 سنة، وعلى الأقل 10-15 سنة من الاستقرار فبتسمح لحالها ولعلاقاتها بدول انها تكون مواربة. وهذه مسألة على طول بتحصل مثلا “النهار العربي والدولي” يعني يقفز الى العين بسرعة قديش انو عم يخدم جهات غربية معينة. مسألة أخرى موقف “النهار” من حرب “أوغادين” (بين الصومال وأثيوبيا بسبب النزاع على إقليم أوغادين عام 1977). كان موقف “النهار” واضح بانحيازه لوجهة نظر متكاملة سعودية ومصرية. وموقف “السفير” بهالمعنى كان يقدم قضايا أكثر موضوعية.

شو الحدود يللي بيتدخل فيها طلال سلمان بالنسبة للاخبار؟

طلال سلمان، طريقة عمله حرفية. بيعطي توجيهات عامة، يعني في اشراف عام، او بالأحرى مساهمته تتراوح بين الاشراف العام، وبين صياغة الخبر شخصياً، هوَي لازم يشتغل كأي محرر، دوره الرئيسي يتركز بشي اسمه خبر مانشيت بالصفحة الأولى من هون لما بيكون عم يشتغل بيبذل جهد فعلي على هذا الصعيد، يعني تأمين المعلومات الكافية، والاتصالات والتوجيه. عملياً هيدا الموضوع، يعني لما بيكون موجود، هوي بيعملو، بيشتغلو هوي بايدو بساعتين أو ثلاث ساعات بالليل.

ولمَا ما بيكون؟

بفترة الحرب كان في تناوب على هيك مسؤوليات. عدد من الناس يتناوبون لكن بقي مع طلال سلمان شخص ثابت على طول هوي بلال الحسن. إبراهيم عامر كان يناوب بفترة، بفترة محمد مشموشي، وبفترة أنا. بس كان بصورة رئيسية في بلال الحسن ايضاً على نفس المستوى من الوجود. أقل من طلال طبعاً بس كان حاضر باستمرار كمصدر اخباري وكصحفي. يعتبر صحفي ناجح ومصادره متنوعة وكثيرة. وقريبة من مصادر الأخبار. كان دائما يلعب الدور الثاني بالجريدة على صعيد خطَها وسياستها ونفوذها وأخبارها.

أخبار الصفحة الأولى عادة، خاضعة للحدث ذاته بفترات استثنائية هيدى بالصحف ثابتة، بس بالحالات إذا فينا نوصفها عادية أخبار الصفحة الأولى في مقاييس الها، مثلا خطوط عامة او خط عام؟

الأحداث المهمة بتفرض حالها اذا ما في شي هيك مهم بصورة استثنائية، بيصير في أزمة بالجريدة، بتعيش الجريدة من الساعة 8 وطلوع ازمة فعلية يعني ياما وياما بجرايد قائمة على المانشيت، ياما وياما بتوصل الساعة واحدة ونصف بالليل، بتلاقي مثلاً طلال سلمان او غيرو يعيش حرقة انو شو المانشيت اليوم، في جرايد كثير قائمة على المانشيت. وقات كان يتم اللجوء الى حلول وهمية، انك تطرح انت قضية، تجمع معلومات حول الموضوع وتطرحه، ما الو مناسبة فعلية، بيصير بدك تنبش من شان الصفحة الأولى عن احسن الموجود بس عطول كنت تعيش بأزمة. هاي الازمة بتوقع كثير بأيام الأحاد. يوم عطلة هادىء. بأيام العطل ما في حدا عم بيصرح لا من هون ولا بالعالم فطبعاً بيصير جو الجرايد جو ميت وبليد. إلا إذا في احداث استثنائية. في جرايد بتخطط مثلا ممكن يكون في عندها خبر خاص مهم بيقرروا ينيمو لنهار الأحد. كنا نعملها مرات انو طيب اجا مثلا تقرير عن مباحثات مدري مين بالاتحاد السوفياتي، اجاك لنهار الجمعة، فيك تنزله السبت او الاحد. اذا ضمنت انو ما حدا معه إياه غيرك وانو ما ممكن تسبقك فيه بنفس اليوم “النهار”.. كان من الواجب تنويمه الى نهار الاحد لأنه ما في شي الاحد.

شو فينا نحكي عن مشاكل كانت موجودة بالجريدة على صعيد الجهاز الداخلي وعلى صعيد العلاقات الداخلية، بمطلع 1975 أي الأشهر الأولى يللي سبقت حادثة عين الرمانة؟

من الصعب اعتبار حادثة عين الرمانة مقياس للفصل داخل الجريدة. ما كانت حادثة عين الرمانة نقطة انعطاف داخلية. هلق السمة العامة للوضع الداخلي بالجريدة هي سيادة نمط من العلاقات ما قبل الرأسمالية، بمعنى العلاقات الداخلية بين مزدوجين ما بتساعد على التحول الى مؤسسة تراكم بصورة عقلانية وممنهجة خبراتها، يعني اكثر الجرايد يللي فيها حركة على صعيد تبديل الموظفين والمحررين والمسؤولين وكذا. جريدة جهازها الإداري مثلا ممكن يخضع لمنطق ما الو علاقة بالمؤسسة، الو علاقة بعلاقات طلال سلمان وأقاربه وأصدقاءه وولاد ضيعتو. يعني عدد كبير من الموظفين بالجريدة من شمسطار ومن ضيعة طلال، يكاد يوازي عدد الموظفين الآخرين.

قديش عددهم؟

والله ما عندي فكرة بس هالحديث انا حاكيه مع طلال حول شي اسمه منظمة شمسطار بالجريدة. في بالجريدة تكتل من الموظفين بالإدارة حتى أوقات بالتحرير يعني مربوطين بطلال بصلة قربى ومن ضيعته الى آخره، تكتل فظيع بالجريدة كان مش عطول مضر، بس أوقات كان يضر فعلا، أوقات واحد ما الو مبرر بيكون موجود بمحل معين. في نكتة صارت مع احدهم لما بلش بالجريدة انو فلان فلان شو بيكون؟ بيكون خيو لطلال، فلان زوج اخته، فلان خي مرته. فلان من عندهم من الضيعة. واحد محرر فلسطيني، أول جمعة طلب قهوة، طلعت القهوة مش مليحة، فسأل صاحب القهوة مين بيكون. قالولو علي الحاج حسن، ابن خالتو لطلال. قال شو ما في واحد نقللو بالجريدة “(…) امك. (…) اختك” كانت قصة نكتة وبالجو الداخلي بـ”السفير” هيدي القصة كانت مطروحة حتى مع طلال نفسو.

وماذا عن قسم الاعلانات؟

ولا مرة بالتاريخ كان في انتظام بجهاز الإعلانات بالجريدة. ما في ولا مرة جهاز عم يدر إعلانات ويعما نوع من البحبوحة عدا المساعدات يللي عم تجي قد ما بيتحرك الواحد. كانت مسألة باستمرار فاشلة واصلا برأيي هاي احد المظاهر يللي انو “السفير” يعني ولا مرة كانت عم تصير مؤسسة عم بتصير رأسمالية بكل معنى الكلمة. كانت على طول خليط فيها كل شي الجريدة. فعلا كانت الجريدة الثانية ولكن ولا مرة انعمل فيها قسم إعلانات جدي. دائما في مشكلة بـ”السفير” اسمها ما في تثمير طويل الأجل بصورة مدروسة، يعني ما انو بينجاب، بدنا نعمل قسم دراسات، بينصرف عليه انو بدو أربعة اشهر ليصير جدي وخطة 4 اشهر تعمل قسم ما بيصير. مثلا طريقته في حل مشكلة الأرشيف كانت انو اشترى أرشيف “النهار”، هلق عمليا عم ينبنى أرشيف بعدد من الخربطات وصار مهيأ على علمي لأكثر من شي 10 مسؤولين بالأرشيف. ولا يوم حس قسم الإعلان انو يمكن يكون قسم الاعلان. اول 6 أشهر خسائر خسائر. ولا مرة انعمل خطة إعلامية على سنة، مش على سنة على أشهر.

شو صار بعدين؟

هاي نوع من العقلية بتحس انو نوع من العقلية الفلاحية وهاي مسألة كثير مهمة بالنسبة لطلال، بيحس انو معه مصاري ما بدو يصرفهم عالفاضي، انو يمكن يخلصوا، انو ما بتظبط، في مونة، يعني في مونة الفلاح يللي ما بدو يصرف عالفاضي.

قدَيش نسبة الاعتماد عالوكالات بالجريدة قياسا بالاعتماد على المخبرين؟

الوكالات اصلاً بيعملوها المخبرين، عندك وكالة الأنباء الصحفية فيها تصريح لجنبلاط، مثلا بيكون جايبو وليد شقير بيشتغل عندك فيها تصريح لبيار الجميل عادة بيكون جايبه مخبر بيشتغل عندك هلق المخبرين بعتقد بالقضايا المحلية الداخلية في اتكال كبير عالوكالات بالأخبار المحلية في تدبير بالصحافة الداخلية عليهم، طبعا الوكالة بتخلص الساعة أربعة بعد الظهر، فبتصير الأخبار المحلية الأخرى بالاتكال عليهم ما بتعود تطلع. فورا بدو يصير الاتكال على المخبرين بصورة رئيسية. حتى أخبار الوكالات أوقات المخبرين بيلونوها تلوين خاص فيهم. انو وصل الرئيس شمعون منرفزاً ما شرط تنزل بالوكالات، في مخبرين بيهتموا فيها، انو المهم الخبر، بس ولا مرة، قليلة المرات انو يكون عندك صحافة جدية يللي عم تعطي للخبر معلومات إضافية جدية، بيصير في تزويق من قبل المخبر على الخبر الموجود بالوكالة.

القضايا الثانية، اتكال شبه مطلق. في عندك مراسلين من بعض العواصم، لكن الأخبار الغربية والخارجية، قليل ما بيعطوك مصادر خاصة، يعني نسبة 95 % من الوكالات. “النهار” مثلا عندها مراسلين عادة ثابتين بالخليج في عندهم رسائل من نيويورك ومن واشنطن؟ هاي بتجي من الوكالات، تصريحات فانس، يعني التصريح معمول الساعة 2 بالليل أو الساعة وحدي بالليل، الوكالات يمكن ما بتلحقه قد ما هوي بيلحقه بسرعة، بالاتفاق مع بعض الوكالات.

مرات تصريحات خاصة، مقابلات، مرة انعمل مقابلات بالعراق لصدام حسين، انعمل مقابلات مع جعفر النميري بأحداث السودان، كل حدث بيلحقوه، بالخليج؟

“الأنوار” مثلا أكثر اهتمام من “النهار” على صعيد الخليج. “الأنوار” مثلا بتصرف أكثر اعدادها بالخليج مش بلبنان. اصلاً صفحات مخصصة رسائل من الخليج لـ”الأنوار”. هلق “النهار” عندها مراسلين برا. “السفير” ما عندها بالمنطقة العربية مراسلين جديين. من هون في كثير اتكال على معارف طلال سلمان العربية بيعرف عدد كبير من الصحافيين العرب باعتباره اشتغل بالكويت، اشتغل بمصر. بعدين في اتكال على الجانب الفلسطيني.

بس الفلسطينيين بيتعاملوا مع “النهار” بطريقة شوي جدية اكثر من “السفير”؟

هاي فترة وجود عبد الكريم أبو النصر بـ”النهار”. لما كان عبد الكريم أبو النصر بـ”النهار”، العلاقات الفلسطينية كثير خدمتو بـ“النهار” على صعيد الأخبار الفلسطينية، بس يعني ممكن تؤرخ انحدار “النهار” اخباريا بالمجال الفلسطيني، مع سفر عبد الكريم من البلد. يعني لا يقارن عبد الكريم أبو النصر بواحد مثل بلال الحسن، خيَه هاني الحسن، خيَه خالد الحسن هوي عضو سابق باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يعني كثير مطلَع على الأخبار الفلسطينية وعلاقاته جيدة بجبهة الرفض، من الديمقراطية والشعبية الى فتح، يعني كثير علاقاته قوية. بـ”النهار” ما في حدا مثله أصلا بالصحافة اللبنانية كلها ما في حدا مثله. كتغطية الأخبار الفلسطينية الخاصة، عبد الكريم أبو النصر كان بـ”النهار”.

كنا عم نحكي عن الفترة قبل حادثة عين الرمانة مش من زاوية سياسية، انَو اثبتت “السفير” برغم أهمية هالشي، بس عم نحكي عن الفترة الفاصلة بين حياة شبه عادية وبين بداية تغيير أساسي بالوضع. يعني عدد العاملين خف أكيد بالحرب بالجريدة ببعض المراحل ما عاد تطلع فيها صفحات اقتصادية؟

صار في نوع من التحول بنقاط الاهتمام انَو عم بتطلَع انت صفحات سياسية أو اقتصاد أو ثقافة. الى انَو بدك تصير تعمل تحقيق ميداني، مع المقاتلين مع الجرحى اخبار المحاور بدَك تتابعها، القتال بهذا المعنى خلاف بعد ما اندلع القتال، سبق في خلاف بوتيرة الشغل، وصار في ضرورة الاتكال على جهاز فعَال أكثر. مثلاً ما في وكالة بتجيب لك صورة الوضع الأمني في البلد. ولا وكالة أصلاً كانت تهتم بالموضوع جدياً. كان مضطر الواحد بدَو يشتغل ليعطي صورة عن الوضع الأمني الى هذا الحد أو ذاك.

(*) الجزء الثاني في الأسبوع المقبل

تنشر بالتزامن مع موقع 180بوست

Exit mobile version