طلال سلمان

جهاد دلول اغتيال فرح الحياة

يحتل الوجه الطافح بفرح الحياة جنبات المكتب والبيت. يطالعني في وجوه رفاقه الذين يتقدموننا لكي يفتحوا لنا الطريق الى المستقبل الافضل. يطل عليّ من نشرات الاخبار التي تأخذنا الى المهانة، مكسورين بالخيبة والحزن وافتقاد القدرة على منع الكارثة أو حتى الحد من أضرارها.
على امتداد سنوات الدراسة، تغلغل جهاد دلول في نسيجنا العائلي بهدوء… لكأنما الصداقة العميقة الرابطة بين الآباء تنتقل، بغير دعوة او جهد مقصود، الى الابناء. لم يستأذن وهو يستقر بيننا كأنه واحد منا، ولم نستغرب مرّة وجوده بيننا، بلا مبالغات عاطفية وبلا ادعاء بالقربى السياسية، حتى صرنا نفتقده إن طال غيابه أسبوعاً…
لا اذكر انني سمعته يدخل في جدال او يشارك في اي نقاش سياسي بالموافقة او الاعتراض، وأجزم انه كان يحمل ايمانه في قلبه، جنباً الى جنب مع حبه للناس، ونبذه للخصومة والعدائية تجاه الآخرين الذين ربما يفكّرون بطريقة مختلفة.
أي ثأر لأولئك القتلة على جهاد محمد دلول: المهندس الناجح في مجال الالكترونيات، والذي ذهب ليضع علمه في خدمة هؤلاء الاشقاء في العروبة والدين؟!
جهاد بن محمد بن الحاج علي دلول ومثله عدي محمد الصادق، ضحية الاحتلال الاسرائيلي المشرّد من فلسطينه، الساعي بجهده لكي يحفظ لأبنائه الأمل بوطن، لم يكونا بين جند الاحتلال، ولا في قاعدة من قواعده التي تتكاثر كالفطر في مختلف جنبات الارض العربية.
لم يكن زنديقا، ولم يكن فاجراً، ولم يكن معنيا بالرفض او بالقول بما يدور في الداخل السعودي من نقاش حول السلطة والمشاركة الشعبية، وحول دور المؤسسة الدينية في المجتمع.
من حقنا جميعاً ان نسأل هؤلاء الذين اعماهم الفهم الخاطئ لدين الرحمة والتسامح والحوار، الدين الذي لا اكراه فيه والذي يقبل الآخرين كما هم ويدعوهم الى كلمة سواء… من حقنا ان نسألهم: بأي ذنب قتلوا جهاد محمد دلول؟! بأي ذنب وأدوا شبابه الغض، وعلمه، وابتسامته، ودماثته وفرح الحياة الذي يشع من عينيه؟!
لقد قتلوا فيه، وفي عدي، وفي كثر مثلهما، الناس جميعا!
لكنهم لن يقتلوا إيماننا بأرضنا، بديننا، بعروبتنا… ولن يجعلونا نقفل ابوابنا وننزوي تاركين لهم أن يرجعونا الى جاهلية في الدين والدنيا.
ان إيماننا اقوى. أليس كذلك يا أبا جهاد، صديق العمر والأمل بأن نغيّر الواقع ليصير أفضل من أجل »جهاد« ورفاقه؟!
إيماننا أقوى… لكِ الله يا أم جهاد، ولك قلوب الناس، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

Exit mobile version