طلال سلمان

جعجع يبدل موقفه من الفلسطينيين و”الدولتين”.. ووزير العمل “يبلع” قراره العنصري

ها نحن نطفئ مائة شمعة على اقامة هذا النظام الفريد في لبنان، من خارج ارادة أهله وعلى حسابهم، وامراضه السرطانية تفتك بالببنانيين، فتقسمهم درجات بحسب طوائفهم، وفيها “الممتازة” و”العادية” كما فيها من هم “خارج القيد” وكذلك “النازحون” ـ وتعني “الفلسطينيين” تحديداً، و”اللاجئون”، وتعني ـ في هذه اللحظة “السوريين” تحديداً..

أما “القبطي” او حتى “المسلم “الذي خرج او أُغري للخروج من مصر الناصرية، فيمنح الجنسية ذات الارزة فور هبوط طائرته على ارض مطار بيروت..

وأما الاشوري والكلداني والازيدي الذي خرج او أخرج من العراق نتيجة الحروب العبثية لصدام حسين، او التحريض الاجنبي بعد الاحتلال الاميركي للعراق، فسهل اكتشاف “اصوله اللبنانية” بموجب المنطق الطائفي للنظام والرغبة في زيادة اعداد المسيحيين حتى لا يتعاظم الفارق العددي بينهم وبين المسلمين فيه.

أما الاجنبي، او المغترب اللبناني الذي غادر قبل مائة عام أو اكثر، والذي نسي اهله ولغته والزجل اللبناني العظيم عن الماعز والرعاة وأكواخ الصيف والتبولة المباركة والحمص بطحينة والفول المدمس الخ..

أما هذا الاجنبي او المغترب فيمكنه أن يكون لبنانيا مكرما بالهوية ذات الارزة الخضراء، فلبنان بلد مضياف لابأس أن يضيف إلى عديد ابنائه من رغب في أن يكون منهم.

في ظل هذه الوقائع كيف تريد من الوزير المحسوب على “القوات” كميل ابو سليمان أن يعامل الفلسطيني الذي اضطرته “النكبة” إلى اللجوء إلى البلدان الشقيقة المجاورة، لبنان، سوريا والاردن، والقليل إلى العراق ومصر، مع الاثقال على اخوانهم في قطاع غزة بحيث بات بحجم “دولة”؟

انه في نظره، ضيف ثقيل، اضطررنا لقبوله لاجئاً، فلما تفجرت ثورته الميمونة وانهالت على تنظيماته المسلحة المساعدات، بالمال والسلاح، تنافس لبنانيو الارزة الخضراء، كما الدولار، على الالتحاق بفصائله المسلحة واستضافة قياداته، وتعظيم شهدائه في القتال ضد العدو الاسرائيلي، لا سيما القادة الثلاثة: كمال ناصر، وكمال عدوان، وابو يوسف النجار، في بيوتهم، مع الفجر، في فردان في قلب بيروت.

بعد الاجتياح الاسرائيلي تم ترحيل قوات الثورة الفلسطينية من لبنان..

وعاد النظام إلى سيرته الأولى مع الفلسطينيين الذين عادوا “لاجئين” بلا قوة، يتوزعون على مخيمات فقيرة ومهملة ومنقسمة على ذاتها..

ولقد كنا نأمل من الوزير ابو سليمان أن يستذكر والده القانوني الكبير، بل القانون اصلاً، وان يقدر الظروف البائسة التي يعيشها من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين لان كثرة منهم تركت لبنان إلى حيث تستطيع أن تعمل وتعيش بكرامة.. ونحمد الله انه تراجع عن الموقف العنصري الذي دفع اليه دفعاً..

على أن رجل القانون الذي جاءت به “القوات اللبنانية” وزيراً يبدو انه يتأثر اكثر بمعلمه الجديد، “الدكتور” الذي لم يكمل دراسته للطب وان هو تميز بإتقان التشريح والقتل عن بعد، بينما هو محصن.. وآخر ابداعات جعجع قوله: “أن التحركات التي تشهدها بعض المخيمات الفلسطينية لا علاقة لها بقرار وزير العمل كميل ابو سليمان تنظيم العمالة في لبنان بشكل عام، ومن ضمنها العمالة الفلسطينية، سيما وان وزير العمل قد اخذ في الاعتبار بما يتعلق بالعمال وارباب العمل الفلسطينيين، القوانين الخاصة بهم في لبنان واعطاهم التسهيلات الممكنة التي يسمح بها القانون”..

“وشكر جعجع السلطة الفلسطينية، وبشكل خاص محمود عباس، على موقفه المشرف، وادعو كل الاخوة الفلسطينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية عدم الأخذ بالشائعات والتشويه المتعمد لقرار وزير العمل”.. الخ


ملاحظة تاريخية: سمير جعجع هو نفسه من قال ذات يوم، ومن مركزه القتالي في دير القمر، لبعض الصحافيين انه “يحترم عاطفة المسلمين في لبنان واندفاعهم في اتجاه الميناء لوداع ياسر عرفات والمقاتلين الفلسطينيين عند ترحليهم عن لبنان عام 1982…” لكن هذه الواقعة تؤكد له يقينه أن في لبنان شعبين بقوميتين متفاوتين.. فالمسلمون المتعاطفون مع الفلسطينيين شعب اخر غير المسيحيين.. ومن الافضل وضع حاجز بين المناطق ذات الغالبية الاسلامية وتلك ذات الغالبية المسيحية، ومن أراد من هؤلاء زيارة الشعب الآخر يختم جواز سفره ويدخل مرحبا به.

Exit mobile version