طلال سلمان

تغيير خارج مدار عربي

غاب آل بوش ثماني سنوات طويلة عن سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الاميركية، وها هم يعودون الى عالم اختلف كثيرا عما كانت حاله أيامهم، إلا في هذه المنطقة العربية حيث لم يطرأ تغيير يذكر يستدعي تعديلا في سياستهم »الجمهورية« عن السياسة »الديموقراطية« التي اعتمدها »خصمهم« العنيف بيل كلينتون.
ما زالت »الحدود« التي رسمتها »عاصفة الصحراء« التي أطلقتها وبررتها غزوة صدام حسين في الكويت قائمة، بل لقد تهاوت مشاريع التحالف الذي سرعان ما تدرج انخفاضا الى تعاون فتقارب بين بعض العرب، والتي فرضها الضغط الاميركي المباشر للمشاركة في الحرب.
من يتذكر، على سبيل المثال، »إعلان دمشق« الذي أريد منه أن يكون الثمرة العربية اليتيمة من تلك الحرب الدولية التي استنزفت العرب وحجّمت دورهم ليس فقط في العالم بل وفي محيطهم المباشر، وداخل دولهم ذاتها الى حد كبير.
على سبيل المثال أيضا فإن دول مجلس التعاون الخليجي، المتماثلة أنظمتها، المتقاربة أسرها الحاكمة، ما زالت تناقش بغير كثير من النجاح إلغاء أو توحيد التأشيرات وخفض التعرفة الجمركية ومشاريع التكامل الاقتصادي.
كذلك فإن النظام العراقي لم يبدل منهجه ولا خطابه السياسي وما زال في نشوة »نصره« الحاسم في »أم المعارك« التي أضافت الى العلم ذي النجمات الثلاث نداء »الله أكبر«!
ربما لهذا وجدت اسرائيل فائضا من الوقت ليس لتعزيز قدراتها العسكرية فحسب، بل لتقديم نفسها كمشروع »دولة عظمى«، إنتاجا واقتصادا وتقدما علميا، بغض النظر عن ضآلة مساحتها والعدد المحدود »لمواطنيها« من يهود الكون.
ربما لهذا أيضا استطاعت اسرائيل أن تمارس ترف التنقل بين اليمين المتوحش (بيغن) واليسار العسكري القاتل (رابين) ثم اليسار المدني الطامح الى التهام المنطقة بالشوكة والسكين تحت تهديد القوة بالاقتصاد والتقدم قبل العسكر (بيريز)، وإن كان قد أكد انتماءه الى مدرسة القتل الجماعي ذاتها، ثم الارتداد الى يمين القتل (نتنياهو) فيسار المذابح ضد الأطفال التي يتابعها ايهود باراك تمهيدا لتسليم الراية الى السفاح الأعظم أرييل شارون، مع الاشارة الى أن الحدود العقائدية بينهما قد جرفها طوفان الدم العربي المسفوح.
كالعادة، مع انتقال السلطة في البيت الأبيض ينقل معظم العرب آمالهم التي خابت مع الرئيس الراحل إلى الرئيس الجديد، حتى وهم يسمعون منه الخطاب القاسي ذاته إزاءهم!
ولسوف تنتقل السلطة في إسرائيل يوم 6 شباط المقبل، على الأرجح، من جنرال سفاح إلى جنرال تقاعد من العسكر ولم يتقاعد من مهمة القتل الجماعي… ومع ذلك قد ينتقل بعض العرب بأوهامهم إلى المرشح الجديد ولسان حالهم يقول: لعله قد تغيّر. لعل الحكم يأخذه إلى الاعتدال فالقبول بالتسوية!
يراهن العرب على الآخرين، وهم اما خصوم أو أعداء، أو في أحسن الحالات »أجانب طامعون«، وينسون أنفسهم.
… ثم يلعنون القدر لأن الرؤساء الجدد قد خيبوا الأمل فيهم، فلم يقوموا بالواجب الذي لا يجوز ولا يقدر ولا يمكن أن يقوم به أحد أو ولو بدافع الصداقة والحميّة والمصلحة نيابة عن العرب أو بالوكالة عنهم!

Exit mobile version