طلال سلمان

تظاهرة واشنطن”العربية”

أهم من التوقيع الفلسطيني الجديد على الاتفاق الاسرائيلي اياه في طابا، هي تلك »التظاهرة« التي سيشهدها البيت الابيض في واشنطن، يوم الخميس المقبل، احتفاء بالانجاز الجغرافي المتمم للانجاز التاريخي في اوسلو.
خلال سنتين فقط امكن شطب »أمة«، سياسيا، وابتداع »منطقة« جديدة باسم جديد ومواصفات جديدة يلغي أهلها واصحابها الاصليين بماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم المرتجى.
كان الاسرائيلي، يأتي بهم، كما الطرائد، فرادى الى حديقة الورود، وها هو الآن يأتي بهم بالجملة، تتقدمهم ألقابهم الفخمة، مؤكدù لحليفه الكبير صدق تقديراته المعلنة بأن »العرب لا يفهمون الا لغة القوة، اما الدبلوماسية فلا تنفع الا في دفعهم الى التشدد والمكابرة وإضاعة المزيد من الوقت الثمين«!
النصر، كالعادة، مشترك: يجنيه الاسرائيلي تحت الرعاية الاميركية، ويستثمره الاميركي لتأمين مصالحه الحيوية، ومن ضمنها اسرائيل بكل مطامحها المعلنة حول »الدور القائد« في »الشرق الاوسط الجديد«.
وفي الحديقة الخلفية للبيت الابيض، وبرغم »ثقل« الحضور العربي بأطرافه الثلاثة المشاركين فيه، فان الثنائية الاميركية الاسرائيلية ستكون هي الطاغية، وسيتحول الرئيس المصري والملك الاردني و»القائد« الفلسطيني الى مجرد »شهود« على الانسحاق العربي وعلى التسليم العربي بمقتضيات الحقبة الاسرائيلية التي يتم التمهيد لاكتساحها ما كان يسمى »الوطن العربي« تحت رايات »السلام« الخفاقة.
للنصر بطل واحد وان تعدد المهزومون،
والعرب أغراب عن الصراع على الحصص وحدود مناطق النفوذ ومستهدفات الهيمنة، والذي يدور بالرصانة المطلوبة بين الحليفين الشريكين المزهوين بهذا النصر الجديد غير المكلف،
لا تشارك »الحصص« في قرار امتلاكها ونسب توزيعها بين المنتصرين،
»للأسلاب«، ألقاب الفخامة والجلالة والسيادة ونياشين الجدارة، لكي تكون لتواقيعهم بعض المصداقية، انهم آتون من الحرب، لقد قاتلوا فاستحقوا »سلام الشجعان«.
لا يهم ماذا كانت ادوارهم في حروب ازمان الصراع العربي الاسرائيلي التي استقرت في الذاكرة كوشم قديم، المهم دورهم في »الحرب« المقبلة: حرب السلام، وهم ضروريون جدù لانجازه في اسرع وقت »ممكن وبأقل كلفة ممكنة.
على الحاضرين ان يختزلوا »العرب«. اما الغائبون »فارهابيون« يكاد يتنصل منهم أهلهم ويكاد يغلق دونهم باب العصر و»النظام العالمي الجديد«.
والحاضرون ينفون بحضورهم وجود »العرب« كوحدة، فحتى في الاستسلام يجب ان يظلوا فرادى، فاذا ما اجتمعوا فهم »آحاد« يتجاورون في الصورة التذكارية لكنهم يختلفون الى حد الاقتتال خارجها،
وقبل ايام، استطاع مساعد تافه لصدام حسين ان يسعِّر الصراع بين المليك وأوهامه الهاشمية وبين الرئيس مبارك وعجزه عن استعادة دور مصر »المرجعي«، ناهيك »بالقائد العام للثورة« الذي خرج على عروبته كثمن للاعتراف به كفلسطيني في الداخل.
لكل زواج شاهدان،
والحفل بهذا المعنى مكتمل النصاب تمامù،
اما هدايا الزفاف الحرام فلن تتأخر في الوصول الى عناوين المطلوبين في كل من دمشق وبيروت وعواصم اخرى…
فتظاهرة واشنطن اول الغيث في الحقبة الاسرائيلية ثم ينهمر!
***
آخر العمود
من قال ان الدولة تعيش خارج التاريخ؟!
ها هي تنجح في ارجاع عقارب الساعة الى الوراء.

Exit mobile version