طلال سلمان

تسريبات محدودة لأضرار قاعدة ميرون.. وانتقادات

غزة ـ حلمي موسى

اليوم الرابع والتسعون، والأيام تمضي، والحرب تطول، لكن ثقتنا بنصر شعبنا وبنيل حقوقه لا تتزعزع.

**

بعد صمت دام أكثر من يوم ونصف، حاول خلالها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلهاء جمهور العدو بصورة “جديدة” لمحمد الضيف، رئيس أركان “كتائب القسام”، عاد هذا الناطق واعترف بأن الضربة الصاروخية التي وجهها “حزب الله” لقاعدة “ميرون” الجوية الإستراتيجية ألحقت بها أضرارا. وبرغم محاولة التقليل من أثر هذه الضربة، والإعلان بأن الوحدات الاحتياطية للأجهزة التي تضررت في القاعدة حالت دون تخلفها عن أداء عملها، إلا أن ذلك لم يُضعف من واقع تأثير الضربة ومعانيها.

فالضربة كانت موجهة أساسا للسلاح الإستراتيجي الضارب لجيش العدو، أي سلاحي الجو والاستخبارات، وهو ما حدا بالناطق بلسان الجيش العقيد دانييل هاغاري للاعتراف أيضا ببدء تحقيقات في الحادث لاستخلاص العبر.

وقد سمح الجيش الإسرائيلي مساء أمس بالنشر أن “حزب الله” أفلح في إلحاق أضرار بقدرات قاعدة المراقبة الجوية التابعة لسلاح الجو (BA 506) في ميرون بقصف غير اعتيادي يوم السبت الماضي. وأكد الجيش، مساء أمس، أن الأضرار أصابت بعض البنى التحتية لأجهزة الكشف في وحدة التحكم الجوي، لكنه قال إن البرامج والوحدات الاحتياطية الحالية تسمح بمواصلة نشاط الوحدة الاستراتيجية للدفاع عن سماء الكيان، وقد بدأت أعمال إصلاح الأضرار التي لحقت بقبتي الدفاع في القاعدة.

وأشار هاغاري، إلى الهجوم على ميرون في بيانه مساء أمس قائلا: “إننا نحقق في الحادث من أجل معرفة وتحسين نظام الدفاع في المنطقة وتعزيزه. ولم تقع إصابات في هذا الهجوم.”

وبحسب هاغاري، فإن “المنشأة تعمل على الرغم من الأضرار،” موضحا أن جيش العدو ردّ بمهاجمة أصول كبيرة لحزب الله، مما أسفر عن مقتل سبعة من مشغليها على الحدود. أضاف هاغاري أن “نقاط ضعفنا تضر بقوة الرضوان وتبعدها عن الحدود”.

وكتب المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” يؤآف زيتون أن الضجة المحيطة بهجوم ليلة السبت على قاعدة ميرون الشمالية، وهي المعروفة باسم “عيون الدولة في الشمال”، بدأت عندما نشر حزب الله مقطع فيديو يظهر الهجوم غير المألوف عليها، وعلى القباب الدفاعية فيها، وهي “مسؤولة عن تقديم الصورة الجوية، وصورة لجميع الطائرات الموجودة في المجال الجوي في المنطقة”.

  ومعروف أن نظام مراقبة الحركة الجوية مسؤول عن مراقبة الحركة الجوية في جميع أنحاء المجال الجوي الإسرائيلي، ومهمته هي اكتشاف محاولات التسلل، والتعرف عليها، وتفعيل أنظمة الأسلحة المختلفة وتوجيه الطائرة الاعتراضية – إلى جانب بطاريات الدفاع الجوي – نحو الأهداف الجوية “المعادية”.

في المقابل، شرح حزب الله في الشريط الذي وزعه معلومات عن القاعدة التي تعرضت للهجوم، موضحا “أنها تبعد عن الحدود اللبنانية مسافة ثمانية كيلومترات، وارتفاعها 1200 متر عن سطح البحر، ومساحتها 160 ألف متر مربع”. وذكر حزب الله أنها “مركز القيادة والسيطرة الجوية في شمالي فلسطين المحتلة، ومهمتها تنظيم وتنسيق وإدارة العمليات الجوية في كل من سوريا ولبنان وتركيا والحوض الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط”.

وبحسب حزب الله، فإن القاعدة هي “مركز رئيسي لعمليات التشويش الإلكتروني في القطاع الشمالي”، ويقيم فيها “العديد من الجنود والضباط”. كما أن فيها “رادارات مراقبة وكشف بعيدة المدى”، وأنها “تحتوي على غرفة تحكم ومراقبة للطائرات بدون طيار لأغراض الاستطلاع، ولديها أنظمة اتصالات رقمية”.

من جهته، اعتبر المراسل العسكري لموقع “والا”، أمير بوحبوط، أن ضربة حزب الله الصاروخية لقاعدة ميرون فاجأت سلاح الجو الذي يديرها. وقاعدة ميرون هي “الوحدة التي تمنع أن تبدو سماء إسرائيل مثل ما كانت الحدود مع غزة يوم 7 أكتوبر”.

وأشار بوحبوط إلى أن حزب الله يعرف مدى أهمية هذه القاعدة، إذ “يرى المراقبون فيها أبعد من الطيارين ورادارات طائراتهم، ويوجهونهم نحو أهداف مثل طائرات العدو وصواريخ كروز، ويرتبون السماء ويتأكدون من اتباع أوامر الحد من إطلاق النار.”

أضاف إلى أن حزب الله هاجم في حرب العام 2006، مراراً وتكراراً، “هوائيات الرادار التابعة لسلاح الجو الشمالي، القوة الجوية 506، حتى دمرها وأوقفها عن العمل. وقد أعاد سلاح الجو بناءها لاحقاً، ولكن هل تعلم من تدميرها أي دروس؟”

واعتبر أنه، “وبدلاً من التخطيط لتحسين الدفاع عن القاعدة الواقعة على قمة جبل ميرون، والتي لا يتعين على المرء أن يكون قائداً لكي يفهم أنه سيكون لها دور في أي حروب آتية أيضاً، قررت القوات الجوية أنه من المستحيل وضع الرادارات في دروع خرسانية من شأنها أن تلحق الضرر باستقبالها على أي حال، وأن الحرب الآتية ستكون لها قبة حديدية لم تكن موجودة قبل 18 عاما.”

لكن حزب الله أطلق على الرادارات صواريخ بعيدة المدى مضادة للدبابات – من مسافة عشرة كيلومترات – من طراز “كورنيت إي إم”، وهي صواريخ لا تستطيع “القبة الحديدية” أن تعترضها. “في الماضي كان الجيش الإسرائيلي هو الذي يعرف كيف يبدع. هذه المرة كان الجانب الآخر هو المبدع”، بحسب اعتراف “والا”.

وتساءل بوحبوط منتقدا كيف يمكن أن تكون دبابات “ميركافا مارك 4” ودبابات NMR تمتلك نظام “سترة الرياح رافائيل” الذي تم “اختراعه وتصميمه وليثبت في كل مرة في الحرب، قدرته على اعتراض الصواريخ المضادة للدبابات، فيما لا توجد أنظمة مماثلة على قمة جبل ميرون؟ إن كلفة تثبيت نظام من هذا النوع هناك أقل بكثير من كلفة الرادارات، وبالتأكيد من ثمن الضرر المحتمل أن يصيبها”.

وخلص بوحبوط إلى أنه “من قمة جبل ميرون، يمكنك الرؤية بعيدًا. لكن قصر النظر هذه المرة كان عند الجالسين فوقه، وخاصة الأشخاص الذين يأمرونهم.”

ونقل موقع “والا” عن مسؤولين في الجيش قولهم: “إن الوسائل والأسلحة التي استخدمها حزب الله لمهاجمة القاعدة العسكرية مازالت قيد الفحص من قبل الخبراء، بما في ذلك الطريقة التي تم بها إطلاق الصواريخ والقذائف. لا توجد حماية بنسبة 100٪، ولا يزال الحادث يحتاج إلى دراسة متعمقة من أجل التعلم وتحسين الدفاع”.

Exit mobile version