طلال سلمان

ترشيح غسان سلامه استنقاذ لسمعة لبنان ودوره..

لا بد، بداية، من توجيه التحية إلى غسان سلامه الذي حاول استنقاذ سمعة لبنان، كمركز إشعاع فكري وثقافي في منطقته العربية، عبر مبادرته بإعلانه ترشيح نفسه للمنصب السامي في الأونيسكو.
… ولعل غسان سلامه كان يحاول بهذه المبادرة أن يستنقذ رصيد لبنان ودوره المتميز بغناه بالكفاءات الفكرية والثقافية، واستطراداً بجدارته في أن يمثل العرب جميعاً، وليس لبنان فحسب، في هذه المؤسسة ذات الدور المهم دولياً في خدمة الثقافة، متجاوزة الحدود (والصفقات السياسية).
ولو أن في لبنان حكومة طبيعية تعكس المستوى الرفيع الذي يمثله لبنان في محيطه بل ويتجاوزه إلى خارجه الدولي، لبادرت بغير تردد، وبغير مفاضلة بين غسان سلامه وغيره من الكفاءات المميزة، فكرياً وثقافياً (قبل السياسة وبعدها) إلى ترشيح هذا المثقف المستنير والمفكر الذي استنقذ نفسه، في اللحظة الأخيرة، من العمل السياسي بمباذله وترديه، لاجئاً إلى العمل الأكاديمي والثقافة والمزيد من الثقافة في زمن تسعى الأنظمة جاهدة إلى تجهيل شعوبها (لاسيما في المنطقة العربية)، مفترضة أن الثقافة ترف أو وجاهة يمكن شراؤها والاحتفاظ بها كاللوحات التي يقتنيها بعض محدثي النعمة للتباهي ومحاولة اكتساب صفة المثقف ومتذوق الإبداع.
أن يرشح غسان سلامه نفسه هو استنقاذ لسمعة لبنان كمنارة ثقافية في منطقته العربية… هذه السمعة التي كانت تتهددها الإساءات عبر التعيين «السّري» و«المرتجل» لمن لا يستحق… تماماً كما يجري في «كومبينات» تأليف الحكومات أو ملء المراكز المؤثرة في الإدارة الحكومية، بما في ذلك القضاء، والتي تشابه عمليات التهريب.
ان ترشيح غسان سلامه لهذا المنصب الأممي البارز يعيد بعض الاعتبار إلى سمعة لبنان التي أضرّت بها كثيراً «اللعبة السياسية» في الداخل والتي أعادت إنعاش الطائفيات والمذهبيات لتبرير هذا الانحدار الخطير في مستوى تمثيل الشعب في الداخل وتمثيل المافيات في الحكم.. وأخيراً مستوى تمثيل لبنان في الخارج وفي المؤسسة الدولية التي كان لبنان بين مؤسسيها وباسمها أقيم القصر الذي يحتضن، حتى اليوم، وبعد ترميمه، الأنشطة الثقافية عموما، شعراً وموسيقى وفنوناً تشكيلية، فتقصده جموع الناس كواحة في صحراء السياسات الطوائفية التي تشوه سمعة الوطن وتضع أهله دائماً على حافة الحرب الأهلية التي ثبت أنها تدر المناصب الفخمة والثروات الطائلة.
ان اختيار غسان سلامه استنقاذ لسمعة «بلد النور» وكرامة شعبه الذي يناضل ضد زعاماته الطائفية والمذهبية حتى لا ترميه بأمراضها التي لا شفاء منها.
طلال سلمان

Exit mobile version