طلال سلمان

تذكير بمهمات حكم

باخت »المسرحية« لكثرة ما أُعيد تقديمها، بالنص الرديء ذاته مع تعديلات يفرضها الارتجال ورغبة كل من الممثلين الشركاء الى حد التواطؤ في تعديل دوره او موقعته (أي حصته) في السلطة، بينما »الجمهور« يساوي بينهم جميعاً في المسؤولية عن ركاكة الأداء وضعف الاخراج و»الاشتباكات« الموسمية التي تتهدد مسرح السلطة بالافلاس…
اليوم، سنطمئن الى استمرار الحكومة بتوازناتها الدقيقة، والى »استقرار« الوضع الاقتصادي بعد ارجاء خطر الانهيار بضريبة القيمة المضافة الى اثقال المستهلك اللبناني المستهلَك بالصراعات الجانبية التي تزيد من مشكلاته بدل ان تسهم في حلها،
للحظة تبدّى، خلال الاسبوع الماضي، وكأن ثمة تواطؤاً »لاغتيال« الحكومة في المجلس النيابي، ثم انتهى الامر »بقتل« المجلس، مرة اخرى، بكلام نوابه الذين لبست اكثريتهم، فجأة، ثياب المعارضين الاشاوس والعقائديين الذين لا يقبلون بأنصاف الحلول!
ليس الا بعد جلسة اليوم الحافلة بالعجائب الانقاذية لما هو قائم، حتى يمكننا الالتفات الى بعض »التفاصيل« التي تقلق العالم باسره ولا نتوقف امامها بالاهتمام الكافي، لان لبنان هو مركز الكون والحكم هو مركز لبنان وكل ما تبقى سراب او اوهام!
لا الحديث الرئاسي الاميركي عن »محور الشر«، ومنطقتنا الواسعة ضمنه، حتى لو اكتفى جورج بوش بتسمية العراق وايران واختار للدول الباقية الاسماء »الحركية« للمنظمات التي صنفها »ارهابية«…
…ولا الالغاء التدريجي لقضية فلسطين وحقوق شعبها، وابسط مظاهره فرض الحصار على »العرب« بحيث يخرجون منها ويتخلون عن الاصل فيها و»الصورة« ممثلة ب»سلطتها« الرهينة والتي لا تفتأ تقدم التنازل تلو الآخر فلا تنال الغفران الاسرائيلي ولا »الحماية« الاميركية، ولا »الاهتمام« العربي ولو من باب »الحرص على النوع«.
… ولا القمة العربية العتيدة المقررة في بيروت، والتي تتهددها الاعاصير في مكانها وزمانها، وفي مضمونها الذي يكاد يستهلكه الابتزاز الاسرائيلي المفتوح المغطى بالانذارات الاميركية المباشرة، من قبل ان تعقد..
لا شيء من هذه »التفاصيل« يشغلنا أو يستدعي منا الانتباه والاستعداد لمواجهة مخاطر جدية داهمة، فما أهمية هذا كله إذا طار »مدير الضمان« من هذه »الحصة« إلى تلك أو »غطّ« مدير الكهرباء في بيت بغير نور؟!
في أي حال، نتمنى، وبعدما تعلن الحكومة »الموحدة« انتصارها الكبير على خصومها، اليوم، في المجلس النيابي المنسجم فيه القول مع الفعل، ان نعود إلى الاهتمام بهذه الأعباء الإضافية التي ألقيت على عاتق المواطن المتعب أصلاً بأعبائه السابقة، والمشغول حقيقة بالدين العام وخدمته وحماية الليرة بوصفها رغيفه،
وبديهي القول إن القمة لن تأتي معها بحلول لأوضاع لبنان الصعبة، ولكن لبنان بمناخه الصحي سياسياً يمكنه ان يوفر فرصة أفضل لقمة يعلق عليها العرب، بعد، شيئاً من آمالهم في استنقاذ الحد الأدنى من التضامن والتماسك في وجه الحملة الأميركية الإسرائيلية التي لم تكن في أي يوم مضى بمثل هذه الشراسة في عدائيتها.
حتى معمر القذافي، الذي كانت له اعتراضات محددة، أبلغ الزميل الكبير محمد حسنين هيكل، حرصه على نجاح القمة في بيروت، توكيداً على التزام العرب بدوريتها وأهمية التلاقي لمحاولة الخروج بموقف مشترك.
(للمناسبة: أبدى هيكل استهجانه للربط بين لقائه العقيد معمر القذافي وبين قضية الامام موسى الصدر، الذي لم يكن موضوعه مطروحاً، ولا مجال لأن يكون للكاتب الكبير أي دور فيه).
أما وان اليوم هو »الاختتام« للفاصل الكوميدي حول التوازنات داخل السلطة في لبنان، فإن اللبنانيين يأملون ان يعود الحكم إلى الاهتمام بما لا يجوز الاهتمام بغيره من همومهم الثقيلة، داخلياً، وما أكثرها، وعربياً، وما أخطرها.

Exit mobile version