طلال سلمان

تخبّط إسرائيلي لإرجاء الحلول

غزة ـ حلمي موسى

اليوم الرابع والثمانون، والأمل يتعاظم بقرب تحقيق النصر.

انتهى اجتماع الكابينت الإسرائيلي الذي كان من المقرر أن يبحث في “اليوم التالي”، من دون أي نتائج. فقد ظهر أن الخلافات داخل الائتلاف الحاكم بين كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين الصهيونية الدينية وبين حزب بن غفير، هي قويّة لدرجة شلّ الحكومة، مؤقتا على الأقل.

وكان نتنياهو قد قرر إدراج البحث في بند “اليوم التالي” بضغوط أميركية، ولكن رفض سموتريتش وبن غفير وحزبيهما دفعه إلى تأجيل البحث فيه.

ومن المرجّح أن نتنياهو أيضا يرغب بتأجيل البحث في “اليوم التالي”، بعدما رفض مرارا من قبل الطلب الأميركي، وأعلن عن صيغة تعارض الوجهة الدولية. ومعروف أن المتطرفين داخل حكومة نتنياهو لا يقتصرون على حزبي سموتريتش وبن غفير، وإنما هناك داخل الليكود نفسه قوة متطرفة أيضا ترفض الانسحاب من غزة. وتوجد أيضا مواقف متطرفة داخل حركة “شاس”، وحتى درجة من التأييد للتطرف في أوساط الحزب “الحريدي”، الشريك في الائتلاف.

لذلك، ربما يكون نتنياهو نفسه قد استدعى الضغط الداخلي بقصد مجابهة الضغط السياسي الأميركي. فميل نتنياهو لإطالة الحرب يخدم نفسه، خصوصا انه يرفض قرارات المحكمة بمواصلة محاكمته في قضايا فساد على أساس حضوره جلسات أربع مرات أسبوعيا، وهو ما يشل قدرته على مواصلة عمله كرئيس للحكومة.

كما هدد سموتريتش بتفكيك الحكومة إذا ناقش الكابينت مخطط إدارة غزة بعد الحرب. وربما يكون لغانتس وآيزنكوت وحزبهما، في أقرب وقت، موقف يخرجهما من حكومة الحرب.

وفي حال خروج بيني غانتس وحزبه من حكومة الحرب الإسرائيلية، سيُرفع الغطاء عن حكومة اليمين الصريحة المرفوضة أميركيا ودوليا.

وإذا حدث ذلك، فإنه سوف يؤثّر على التأييد الذي مازالت الحرب تحظى به من جانب الأميركيين وعدد يتناقص من الدول الاوروبية.

ومن المعروف أن إسرائيل، من دون الدعم الأميركي الكامل، ستغدو عارية أمام المؤسسات الدولية والرأي العام العالمي.

وقد أُعلن أن اجتماع الكابينت درس رسالة قطرية تتضمن على الغالب ردود “حماس” على مقترحات إسرائيل بشأن تبادل الاسرى. وليس مستبعدا انه ناقش أيضا الخطة المصرية المقترحة. ومع ذلك، وبحسب الإعلام الإسرائيلي، لم ينتج عن النقاشات أي قرارات.

ومن الواضح أن اجتماع الكابينت كان أقرب الى الندوة السياسية منه لاجتماع حكومي يرمي لاتخاذ أي قرارات، ما يُظهر أنّ الخلافات التي نشبت داخل الائتلاف الحكومي تقترب من لحظة حسم.

من جهة أخرى، يبدو أن إسرائيل تتجه لإنهاء المرحلة الجارية من الحرب على غزة، والقائمة على التدمير الشامل بقوة غاشمة هائلة. وهي تتطلع الى تقليص وتيرة هذه الحرب والانتقال الى ما تسميه “حرب الاستنزاف”.

وتقوم حرب الاستنزاف الجديدة على القناعة بأن استمرار الحرب بتكاليفها الباهظة، تثقل على اسرائيل كثيرا ولا تحقق بالسرعة الكافية الأهداف المعلنة للحرب. لذلك، يوفر الانتقال الى حرب الاستنزاف قدرة على إدارة الحرب بوتيرة أخفّ وعلى مدى زمني أطول.

وليس من باب الصدفة أن الجيش الاسرائيلي كان قد اعتبر العام 2024 عام حرب. وحرب الاستنزاف هذه تسمح للجيش بتسريح مئات الألوف من قوات الاحتياط وإعادتهم الى سوق العمل والإنتاج. وتحتفظ إسرائيل بالقدرة على مواصلة الحرب عبر استمرار السيطرة على حزام أمني في القطاع، وقوة نظامية تمارس ضغطا بحسب الحاجة ضد المقاومة في غزة.

ومن الواضح أن إسرائيل، عبر حرب الاستنزاف، ترغب بوضع عقبة أمام المخطط الإقليمي والدولي الهادف لإنتاج واقع سياسي جديد في غزة بعد الحرب، يمهد لحل الدولتين.

ويرى كثيرون أنّ ما يجري في إسرائيل على الصعيد العام صار أقرب الى مسرحية عبثية. والحق، أن الكلمة الأكثر وضوحا التي تعبر عن الواقع في اسرائيل حاليا هي كلمة مأزق.

إسرائيل اليوم في مازق سياسي واقتصادي وعسكري لم يسبق له مثيل.

Exit mobile version