طلال سلمان

تحية اليوم الأغر…

في مثل هذا اليوم قبل أربع وعشرين سنة حاول العرب ان يكتبوا التاريخ بدمائهم،
انطلق جيشان عربيان، يعمر صدور جنودهم الايمان بالحق والقدرة على انجاز المهمة المقدسة، لتنفيذ القرار الشجاع الذي اتخذه، ولأول مرة، العرب بأن ينتقلوا من خط الدفاع الضعيف عسكريا والسقيم سياسيا والمهين معنويا، الى موقع الهجوم المشروع لتحرير ارضهم من الاحتلال الاسرائيلي.
ومع ان احد طرفي المعركة قد انحرف بها موجها الى رفيقه في السلاح والى الجنود جميعا وعلى الجبهتين، طعنة قاتلة، فإن العرب كانوا قد اكتسبوا بالقرار الشجاع ثم بالدم المسفوح، وكذلك بالمشاركة شبه الجماعية في الحرب الأهلية والجدارة لان يدخلوا التاريخ التي حاولت اسرائيل ومن معها من القوى الدولية ان تخرجهم منه، ومن أرضهم معا.
وها هو حافظ الاسد مستمر في القتال حتى اليوم، يحاول إنقاذ ما يمكن انقاذه، بصبر لا يتمتع به إلا المجاهد الحق، وبحكمة اعترف بها العدو قبل الصديق، وبرؤية نفاذة وقراءة دقيقة للتحولات في العالم وفي المنطقة، وبعزيمة لا تفلها الصعوبات ولا تضعف منها رياح اليأس التي كثيرا ما هبت عليه من مصادر »عربية«.
ولقد مرت بحافظ الاسد ظروف عصيبة وهو ثابت في قلعة الصمود الأخيرة، من يقول له من بين »اخوانه«: لقد تعبنا ويئسنا ونريد ان نرتاح، فاذهب انت وربك فقاتلا!
… وهو ما زال يقاتل، لكنه ابدا لم يكن وحده، وها هي الأمة تعطيه ما تحفظه من إعزاز وتقدير للقادة التاريخيين من ابنائها البررة.
لكن المفجع ان تضطر الأمة، وفيها رمز صمودها والقرار الشجاع بالمواجهة حافظ الاسد، لان تقاتل في مواقع كانت تدخرها كاحتياط استراتيجي للزمن الصعب،
فإسرائيل هي التي تهاجمنا في غرف نومنا، وتغتال احلامنا، وتنسف مستقبلنا، مستخدمة في الكثير من حروبها ضدنا بعض المارقين او المهرولين او السذج من الاخوة العرب.
ها هي الآن تقاتلنا بأيد عربية داخل فلسطين ذاتها،
وها هي تهاجمنا في عقر دارنا، في الدوحة بقطر، وتلجئنا الى الموقع الدفاعي المهين.
ها هي تستفيد من الكارثة التي تسبب بها صدام حسين فتدخل بعض العراق وتسهم عن طريق استغلال الضياع السياسي لبعض الاقليات العرقية، في تصديع وحدته الداخلية، وتنهش من لحمه الذي بات مباحا لكل الذئاب.
وها هي تقتلنا في لبنان، وان كان جبروتها لم يمنع اولئك الفتية الغر من شبابنا من مواجهتها بدمائهم دفاعا عن حقهم في ارضهم، ونيابة عن كل العرب (والمسلمين، والاحرار) في العالم كله.
إن رجال المقاومة يتابعون، بنور عيونهم، تنفيذ ذلك القرار الشجاع بالخروج من موقع الدفاع الضعيف لمواجهة المحتل، مزودين بقوة ايمانهم وبالوهج المقدس لدمائهم الطاهرة.
لكن المقاومين يعانون اليوم ما عاناه من قبل حافظ الأسد: طعن الشقيق من الخلف.
فها هي إسرائيل تطاردهم في قلب عمان، مستغلة كرم الضيافة الملكية، فلا يثأر »الملك« لمخادعة »صديقه« نتنياهو، بل يقبل السفير الاسرائيلي، بينما حكومة التطرف الاسرائيلي تؤكد انها ستواصل مطاردة كل مؤمن بحقه في كل الامكنة وفي كل الازمنة.
مع ذلك تستمر المقاومة وتلحق بإسرائيل التي لا تقهر هزائم منكرة، بمعدل شبه يومي، ويسخر العالم اليوم من الكوماندوس الاسرائيلي الجبار كما من الموساد التي كانت اسطورة فتحولت الى »نكتة« كندية!
المجد للمقاومين. المجد للذين يقولون لا للاحتلال الاسرائيلي، وللقهر بكافة أشكاله.
في هذا اليوم الأغر، 6 تشرين الأول (اكتوبر): تحية إلى الذين قاتلوا وإلى الذين يقاتلون، تحية إلى الذين صمدوا ولم يستسلموا ولم يسلموا.
تحية إلى المقاتل الفريد من موقع القائد المتميز: حافظ الأسد.

Exit mobile version