طلال سلمان

تحصين احتلال شرعية

تبدلت الاسماء جميعù فصار الاحتلال سلامù، وصارت الابادة الجماعية حفظù للنوع أو للجنس أو للهوية الوطنية!
لم يعد ينقص غير ان تستعير قوات الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب الخوذ الزرقاء لعسكر الامم المتحدة، ومعها الاسم التنكري المتداول الان عالميù: قوة حفظ السلام (الاسرائيلي)، او قوة حماية السكان الاصليين من انفسهم، او ربما قوة مساندة السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية!
فبعد الاقتراح او لعله المشروع (التركي) بتحويل جيش الاحتلال التركي لشمال العراق الى قوة سلام (تركي) بات يمكن لاسرائيل ان تهتدي بالقدوة التركية العبقرية، تمامù كما استنارت تركيا بالتجربة الاسرائيلية في جنوب لبنان.
لم يعد الاحتلال العسكري امرù مشروعù، تتقبله »الشرعية الدولية«، وقد تتبناه وترعاه وتموله، فحسب، بل بات من حق الاحتلال ان يحمي نفسه من سكان البلاد الاصليين بتصويرهم خارجين على القانون (الدولي) وارهابيين ومتمردين ومتطرفين ومتعصبين ومعادين للحضارة الانسانية.
لعل السابقة القدوة هي التجربة الاسرائيلية في فلسطين، بعضها في البداية ثم فيها جميعù، من خليج ايلات الى راس اصبع الجليل الاعلى، ومن رفح مرورù بغزة وحتى القدس الشريف… هذا من دون ان ننسى القوات متعددة الجنسية لحفظ السلام (الاسرائيلي) في سيناء المصرية.
في البداية، وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي، كان صعبù إجبار »الشرعية الدولية« ممثلة بالامم المتحدة، على التسليم بتسخيرها لحماية الاحتلالات (الغربية)، ولذلك ابتدع الاميركيون صيغة »القوات متعددة الجنسية« لتغطية »عملياتهم القذرة« في مختلف انحاء العالم الثالث.
اما الان فيمكن، وبلا خوف من الفيتو السوفياتي (والصيني استطرادù) تسخير »الشرعية الدولية«، من الجمعية العامة للامم المتحدة الى مجلس الامن، لاستصدار القرارات المناسبة: فرض حصار العزلة على ليبيا، ووضع شعبها جميعù في الكرنتينا وكأنه »وباء« قادر على تدمير العالم لو انه انتشر!!.. فرض حصار الجوع والموت في ظل صدام حسين على الشعب العراقي بذريعة معاقبة هذا المهووس بالحرب الذي دمر العراق دولة وشعبù ومزق وحدة ارضه، في حين تحمي »قوة التحالف الدولي« هذا السلطان الدموي فعليù من خطر السقوط وتحذره من كل من يحاول قلب نظامه المجيد.
ولان حاكم بغداد حول العراق الى جسد ميت، تستطيع تركيا، وبالتواطؤ معه، ان تحتل بقواتها العسكرية معظم شماله، دون ان تلقى اعتراضù او حتى احتجاجù جديا لا من النظام العراقي (وقد كان وزير خارجيته في انقرة قبل ايام من الاجتياح التركي، ربما للتنسيق)، ولا من العرب ولا من العالم اجمع وعلى رأسه »الشرعية الدولية«.
اما بعد الاحتلال فلا بد من الشرعية،
واما بعد المجازر الجماعية ضد اكراد العراق (وتركيا) فلا بد من تغطية دولية ولا بد ممن يغسل الدم عن ايدي من سفح دم المستضعفين المتروكين من العالم اجمع، وكأنهم منذورون للذبح والتشريد، هؤلاء الاكراد،
وهكذا يجيء الاقتراح التركي على واشنطن بدعوتها الى مشاركتها احتلال شمال العراق، مع ايحاء انها ما اقدمت على مثل تلك الحرب الا بالتوافق معها،
وليس مستبعدù ان تسارع اسرائيل الى التقدم بطلب مشابه: ان يجيء عشرات الجنود الاميركيين وبضع مئات من جنسيات اخرى لكي يكونوا درعù دوليا لأمنها من مقاومي احتلالها جنوب لبنان،
بل ربما طلبت اسرائيل تطوير هذه »القوة الدولية« بحيث تكون لها خافرات وزوارق سريعة تغطي (بالشرعية) حصارها البحري لشواطئ الجنوب،
بل ربما مدت هذا الحصار الذي سيصير شرعيا!! ليتصل بالقوة الدولية الاخرى الموضوعة تحت تصرف تركيا،
فالمحتل للمحتل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضù،
الضحايا هم الخارجون على القانون، اما الجلاد فهو القانون شخصيù،
مفهوم حضرتلري؟!
تمام، افندوم!.

Exit mobile version