طلال سلمان

بين مشاركة شرك

من حق الوسطاء وأصحاب المساعي الحميدة من الأشقاء العرب أن يستغربوا ويستهجنوا ويستنكروا مطلب المعارضة في لبنان بأن تشارك في السلطة مشاركة جدية، توكيداً لما يتجاوز التزام الديموقراطية إلى توطيد التوازن الوطني.
ذلك أن هؤلاء الوسطاء وأصحاب المساعي الحميدة نشأوا وترعرعوا وشبّوا وشابوا وشاخوا في ظل أنظمة حكم يختصر القرار فيها بكلمة من زعيمها الملك الرئيس الأمير القائد الرائد ولي الأمر الآمر الناهي بداية وانتهاءً!
وهم طالما أعجبوا بلبنان وطرائفه التي لا تنتهي، لكن المعارضة شأن مختلف تماماً يتجاوز الطرافة إلى الغرابة بل والفرادة المستنكرة!
ولطالما أمدتهم شاشاته الفضائية ومجلاته وصحفه ورسائل مراسلي صحفهم في بيروت بالطرائف واللطائف الممتعة… بل إن الفضائيات العربية جميعاً قد أضافت إلى برامجها فقرات مطولة من المساجلات والمنازلات والمواجهات الكلامية الصاعقة، بين أشباه الزعماء، وصبيان القادة ومنتحلي صفة الناطقين باسم الشعب اللبناني… وهي برامج ناجحة وتأتي بدخل إعلاني محترم لا تحققه ملكات الإغراء من المغنيات بأجسادهن.
على أن هذه الطرائف لا تبرّر ولا تفسّر ولا توجب القبول ببدعة المشاركة في السلطة التي تطرحها المعارضة في لبنان..
ذلك أن الأشقاء العرب من أصحاب المساعي الحميدة يؤمنون إيماناً عميقاً بأن الحاكم إنما يشارك العزة الإلهية في بعض صفاتها: فهو المفرد، وهو المقرّر، وهو مصدر الخير والشر، مرجع السلطات أولها وآخرها.
فما بدعة المعارضة ومطلب المشاركة؟!
المشاركة من الشرك، والشرك كفر، والكافرون إلى جهنم وبئس المصير!
باختصار: لا تنتظروا حلاً عربياً بين بنوده الإقرار بحق المعارضة في أن تشارك في السلطة، لا في لبنان، ولا في أي بلد آخر، لا في الدنيا ولا في الآخرة!

Exit mobile version