طلال سلمان

بلى، سيكون لبنان وطناً!

هل قُضِيَ الأمر وانتصرت شياطين النظام الطوائفي على الثورة الرائعة التي تفجرت ضده، سلمياً، واحتلت جماهيرها ساحات بيروت وجونية وجبيل والبترون، وصولاً إلى طرابلس وبلدات عكار والضنية من العبدة إلى القبيات مروراً بحلبا، ومن بيروت الى صيدا وصور والنبطية، ومن زحلة إلى بعلبك فالهرمل، مروراً بمختلف البلدات والقرى؟

هل اغتالت الطائفية والمذهبية، مرة أخرى، احتمال التغيير بقوة الجماهير التي تحررت من عصبياتها ونزلت إلى الساحات والميادين بالرجال والنساء والفتية وصبايا الورد، تهتف للحرية وتحلم بإسقاط النظام؟

هل انتصر النظام الطوائفي على هذه الجماهير التي اكدت، في سابقة نادرة، انها تشكل “شعباً” تجمع بين جموعه مطامح واحدة وآمال واحدة وشعور مكين بحقه في اسقاط النظام الطوائفي الذي يمنعه من التوحد ليكون شعباً واحداً، كما سائر الشعوب في دنيا القرن الواحد والعشرين؟

هل سقط الحلم السَنِي بالضربة الطائفية القاضية؟

هل هزم السرطان الطائفي والمذهبي “الشعب” واعاده قطعاناً من الطوائفيين والمذهبيين، وفرقهم بحسب مناطقهم وولاءاتهم التي تعكس حاجاتهم إلى الوظيفة الدائمة والمرتب الثابت؟

وهل اثرت حرب التجويع التي لجأ اليها النظام عبر التخلي عن “الليرة” لتسقط امام الدولار، ثم التخلي عن الرقابة ووقف اخفاء الدولار تمهيداً لرفع سعره وتقنين صرفه لأصحاب الودائع بما لا يكفي لشراء حاجاتهم اليومية للإنفاق على عائلاتهم في بيوتهم؟

هل بلغ النظام من الدهاء حد إخلاء الشوارع من القوى الامنية، او أنه شدد على هذه القوى بالامتناع عن اللجوء إلى القوة في قمع المتظاهرين بحيث سقط الجرحى على الجانبين، العسكر والثوار، وسقطت سلفاً مسؤولية النظام عن استخدام القوة في مواجهة التظاهرات السلمية؟

ام أن النظام قد استشعر الخطر امام طوفان الجماهير في الشارع الممتد من حلبا إلى صور، ومن بيروت إلى راشيا وحاصبيا ومن عاليه وبعقلين إلى النبطية وبنت جبيل، فلجأ إلى اسلحته السرية: الطائفية والمذهبية لتكون فتنة تأكل الثورة والثوار واحلام التغيير السلمي الديمقراطي وبقوة الجماهير وغضبها الجارف من تردي احوالها المعيشية وتفاقم العوز والحاجة، وافتقاد فرص العمل ودفع الاجيال الجديدة إلى الهجرة إلى أي مكان “خارج الوطن” يتوفر فيه الرزق مع الكرامة… ومن هناك يمكن ممارسة الوطنية عبر رثاء الوطن واهله!


هل يتصل الامر بدهاء النظام الطوائفي وخبثه واستشعاره فائضاً في القوة امام هذه الجماهير المليونية التي وجدت في التظاهرات فرصة لفرح التلاقي والاحتفال بوحدة الموقف عبر الرقص والغناء وعقد الخناصر في حلقات الدبكة و” يا مية هلا طلوا من الجردين سمر اللمى”؟

ام أن الجماهير “ساذجة” تكتفي بفرح اجتماعها وتلاقيها وتعارفها، بعد غربة طويلة وانفصال قسري منذ خمس وعشرين سنة نتيجة الحرب الاهلية ـ العربية ـ الدولية التي مكن لها وعمقها الاحتلال الاسرائيلي والانقسام العربي حول البديهيات الوطنية والقومية، “مثل استيلاد الدويلات قيصرياً، تارة بفضل النفط وطوراً بفضل الغاز” الدول الوطنية وكشف اسباب الضعف والاستسلام امام الاجنبي، بعنوان “الاميركي” اساساً، ومن ثم الاسرائيلي، وصولاً إلى ذل الحاجة امام الروسي، وذل الحاجة امام اهل النفط والغاز من العرب الذين أنكروا عروبتهم والتحقوا بالعدو الاسرائيلي، مباشرة، او عبر الاميركي؟


الثورة الآن، في النقطة الصفر: تقسمها فتشتت جموعها الاستثمارات الطائفية فيها، ام تنقلب إلى فوضى تدمر كل ما امامها وما خلفها بذريعة الانتقام من النظام وأهله، او الموت السريري في انتظار خطيئة جديدة يرتكبها هذا النظام الذي قام على الزور والتزوير وتخوين الوطن، على انني ممن يرفضون اليأس، لان اليأس أبأس من الموت!

..ولأنني اؤمن بأهلي ، الشعب، وبالوطن الذي استولدوه، لبنان!

Exit mobile version