طلال سلمان

بعد مائة عام من “استقلال الدول”: العرب يبكون غدهم!

تنهار دول المشرق العربي، واحدة بعد الأخرى، كأنما التاريخ يعود بها مائة سنة إلى الوراء، أي إلى حين “خلق” هذه “الدول” في ظل انهيار السلطنة العثمانية وانتصار الحليفين، آنذاك، بريطانيا وفرنسا.. قبل أن تجيء الولايات المتحدة الاميركية لتشاركهما، ثم ليتمدد نفوذها في المنطقة جميعا مع تدفق النفط ثم الغاز، في مختلف انحاء شبه الجزيرة العربية: السعودية والكويت والإمارات ثم قطر، وصولاً إلى بعض اليمن!

وتشارك الآن قوات روسية على الشاطئ، بين اللاذقية وطرطوس وتقوم دوريات منها بالتجول في جهات منبج ودير الزور والحسكة.. بينما تشارك قوات ايرانية ومعها كتائب من “حزب الله” في مناطق أخرى.

على أن مخاطر الهجرة والفقر وانهيار العملة تنذر باحتمالات بشعة، بينها تفكك الدولة، خصوصا مع تحركات غاضبة في حوران وجبل الدروز بسبب انهيار العملة وارتفاع مستوى الفقر، والصراع الأخير الذي تفجر بين السلطة وابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف بعد ما تبين حجم الارباح غير الشرعية التي يجنيها من عائدات الخليوي وغيره من المؤسسات التي استولى عليها في مناسبات مختلفة.

***** 

لقد افرنقع “الصف العربي”، وانشغلت كل دولة بمشكلاتها السياسية وازماتها المعيشية..

وهكذا يصير تدخل اردوغان في سوريا، وجزئيا في العراق، بين محاولات “بعث” هذه “السلطنة” التي اسقطت قبل قرن ونيف عشية الحرب العالمية الأولى.

*****

تباعدت الدول العربية عن بعضها البعض حتى صارت العلاقات في ما بينها شكلية… علماً أن العدو الاسرائيلي بشخص نتنياهو قد نال “بركات” الرئيس الاميركي ترامب، على اقتطاع المزيد من ارض الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، وصولاً إلى منطقة “الأغوار” التي تكاد أن تكون حدوداً بين الاردن وفلسطين، والتي كانت في وقت ماضٍ احد المعابر الاساسية للفدائيين من قاصدي الرد على الاعتداءات الاسرائيلية شبه اليومية.

أي أن “مساحة” الكيان السياسي للعدو تتعاظم في حين أن “دول الطوق” العربي قد تباعدت او قد اصابها الضعف مع خطر التفكك، نتيجة الضغوط الاميركية وبؤس الانظمة الحاكمة او تواطؤِها مع العدو مباشرة او عبر واشنطن.

*****

بعد مائة عام من “استقلال” دول المشرق العربي نكاد نتحسر على الماضي الذي رفضه “العرب” ونهضوا إلى مقاومته، بالقوة حيث امكن او بالاعتراضات والتظاهرات والكتابات الغاضبة.. فضلاً عن العمليات الفدائية ضد قواته سواء في “الداخل” او ضد هذه القوات حيث تقدمت كجيش احتلال.

عجباً للزمان في حالتيه               وبلاء ذهبت منه إليه

رُبَّ يَومٍ بَكَيتُ مِنهُ فَلَّما           صُرتُ فيغَيرِهِ بَكَيتُ عَلَيهِ

                  (من ادب الامام علي بن ابي طالب )

Exit mobile version