يشرفني ويسعدني أن اكون بينكم، هنا، في ينت جبيل، نحتفل، مرة جديدة، بفضائية بنت جبيل التي تشترك مع “السفير” في أن كلتيهما قد جاهدتا لتكونا “صوت الذين لا صوت لهم”.
وإذا كانت الظروف القاهرة حكمت على “السفير” أن تتوقف عن الصدور لتستقر في وجدان من حَمى استمرارها لثلاث وأربعين سنة في قلب الصعب، فان فضائية بنت جبيل قد تعاظم فضاؤها الإنساني حتى صار بملايين المتابعين، وهذه شهادة نجاح مميزة نتيجة الاخلاص لجمهورها العريض والامانة في تقديم الاخبار والتحليلات من دون تحيز او تعصب او استهانة بالوعي والخروج على الموضوعية.
انها صوت الذين لا صوت لهم في أربع رياح الارض… وهي تخاطب الجميع، من دون تعصب جهوي، او تحزب طائفي، تحاول الجمع بين المقيم والمغترب، بين الذي حملوا أرواحهم على أكفهم واجتازوا المحيطات ليصنعوا المستقبل الافضل لأهلهم في الوطن، وكافحوا داخل الوطن لحمايته من الاجتياح الاسرائيلي الذي كان ـ وما يزال ـ يتهدده في وجوده، وبين الذين اغتربوا عن اهليهم لكي يمكنوهم من الصمود وحفظ تراب الوطن وكرامة شعبه..
هكذا تكامل المجاهدون في الداخل وفي دنيا الاغتراب في خدمة هدف نبيل: حماية الوطن بأهله ولأهله، ومواجهة من ضعف او قصَّر في القيام بواجبه فرهن نفسه لهذا العدو، وصار يعمل لحسابه ضد اهله وارضه المقدسة ومستقبله مع ابنائه فيها.
وكما كان جبل عامل، بإحدى عواصم الجهاد فيه، بنت جبيل السند الاخطر لـ”السفير” امدها بالعنوان الاصيل للقضية: الصمود في وجه العدو الاسرائيلي وتعزيز روح المقاومين، كل المقاومين، من اجل هزيمة المشروع الصهيوني المعزز بالدعم الخارجي والانقسام الداخلي الذي أخذ ـ بالخديعة او بضعف الايمان والولاء الوطني ـ إلى العدو..
كذلك كان جبل عامل، ببطولات ابناء بنت جبيل وسائر بلدات الجنوب وقراه، فضلاً عن مدنه صور والنبطية وقلادة الشهادة قانا وصولاً إلى عاصمته نوارة معروف سعد، صيدا.
أيها الاخوة الذين زاد البعد، وجهادكم حيث أنتم، من تقديرنا لكم، يا من اسهمتم في إعادة اعمار ما هدمه العدوان.. ولتوكيد النصر فقد انتشر العمران خارجاً من “الاماكن الآمنة” في الوهدات إلى اعلى التلال توكيداً للانتصار على العدو الذي لا يهزم، وقبله وبعده على الخوف والتردد وثبات الايمان بالقدرة على احراز النصر، ولو بغوالي التضحيات.
إن الهواء نظيف تماماً الآن، في بنت جبيل كما في سائر انحاء جبل عامل، ولا نبالغ أن قلنا: بل في مختلف انحاء لبنان..
اما ما تبقى في خانة ما يخيف فهو من صنع الطبقة السياسية التي تعرفون، والتي قد يكون لأسلافها يد في اتخاذ قرار الابتعاد عن ارض الوطن، حين غادرتموه وان كنتم قد بقيتم له ومنه وفيه.
أيها الاخوة الذين لم يزدنا بعدهم عنا الا شوقا وتقديراً لجهودهم:
يؤسفني اشد الاسف أن يكون ظرف مرضي قد ابعدني عن هذا الاحتفال الذي نعتز به جميعاً، في بنت جبيل وسائر الحواضر القريبة كما في المغتربات جميعاً… ولكنني، مثل كل اهلكم هنا، ندعو لكم باستمرار التوفيق والنجاح.
انكم، بتعبكم، وعرقكم لصنع الغد الافضل، موضع فخرنا.
وإذا كنتم، جغرافيا، خارجه، فان وسائل الاتصال الحديثة، وأبرزها وأخطرها انتشاراً وتأثيراً موقع بنت جبيل، تجعلكم معنا دائماً، وتوصلنا اليكم بهمومنا التي تضحك حتى البكاء، وبينها على سبيل المثال لا الحصر، اننا بلا حكومة منذ ثلاثة أشهر، والمجلس النيابي الذي انتخب مؤخراً بالصوت التفضيلي الذي لا يفهمه من ابتدعه، عاطل عن العمل الا عبر لجانه التي تتلاقى فيصرح اعضاؤها امام الكاميرات ثم ينصرفون.
وفقكم الله، ووفر لكم المزيد من فرص النجاح، فنحن اليوم أكثر حاجة اليكم مما كنا في أي يوم، خصوصاً وان نجاحاتكم تعزينا عن خيبتنا في احداث التغيير الذي نطمح اليه.