طلال سلمان

انتصارات… ولا أرض!

عبر المسار التاريخي لنضال الشعب الفلسطيني من أجل حقه في وطنه أفقدت «الشطارة» السياسية «القضية» بعض وهجها المقدس. صار الشعار في أحيان كثيرة فارغاً من أي مضمون، واغتالت المزايدات جوهر النضال، وأهدر «التشاطر» دماء الشهداء. وقع الانفصال بين الفعل والثرثرة الثورية: رُفع شعار «الدولة» في الوقت الغلط، وصُيرت «المنظمة» حكومة ولا أرض لها، وكانت «أوسلو» نقطة الختام لمرحلة الثورة: سلطة عاجزة ومفلسة، بشرطة من الثوار المتقاعدين ولا جيش، على أرض يحكمها ويتحكم بأهلها الاحتلال الإسرائيلي.
على وقع المدافع والصواريخ التي كانت تدك «غزة هاشم» عاشت رام الله حالة احتفالية لافتة مع قبول الأمم المتحدة «فلسطين» بسلطتها العاجزة عضوا مراقبا لا كرسي له ولا صوت في الهيئة العامة… في حين يستمر «الحوار» الذي لا تعرف له نهاية بين «فتح» و«حماس» على بعث الوحدة الوطنية في مناخ لا يشجع على التفاؤل.
في هذا العدد من «فلسطين» مناقشة مفتوحة حول «المصالحة» ولماذا لا تتم، وحول الوضع الفلسطيني بعد الأمم المتحدة والعدوان على غزة.
أما المدينة التي ستكون عنوان المحور الثاني فهي: بئر السبع، البوابة الجنوبية لفلسطين والبوابة الشرقية لمصر عبر سيناء، والتي كانت مركزا للرهبان المسيحيين والمتدينين، وعاصمة لـِ «ماوية» المسيحية ملكة سيناء وجنوب فلسطين التي اختارت موسى الحبشي ليكون أسقفا لقومها.
أقدم من سكن بئر السبع كان الكنعانيون الذين بنوا 17 مدينة إضافة إلى ديمونا. أما الأمويون فقد بنوا مدينتين فيها، مستفيدين من موقعها ومن تجربة الانباط الذين اتخذوا منها محطة للقوافل التجارية المتجهة من البتراء إلى مصر عبر غزة… وطول الحدود الفاصلة بين الصحراء الفلسطينية وسيناء من رأس طابا وحتى رفح 245 كلم.وقد احتلها البريطانيون، خلال الحرب العالمية الأولى وربطوها مع سائر فلسطين بالسكة الحديد. ومعروف ان الجيش المصري حاول جاهداً الحفاظ على بئر السبع خلال حرب 1948، لكن قدراته كانت محدودة، وهكذا احتلتها اسرائيل لتقطع، في ما بعد، التواصل البري بين مصر وخليج العقبة.
في محيط بئر السبع وقعت أولى المعارك بين المسلمين والروم (الغمر) في وادي عربة. وتشكل النقب 60% من الأرض المحتلة من فلسطين… وبين أقدم من سكنها من العرب عمرو بن العامر، وكذلك عمرو بن العاص بعد ان عزله الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عن مصر بعد فتحها.
بئر السبع مدينة «إسرائيلية» الآن، تكاد تكون قلعة عسكرية بمطاراتها وثكناتها التي تشكل قاعدة حماية للعديد من المشروعات الصناعية والمستوطنات المنتشرة من حولها.
… في انتظار ان ينتبه الفلسطينيون إلى ان «الانتصارات» السياسية الشكلية لا قيمة لها ما دامت الأرض في أيدي الاحتلال الإسرائيلي.

Exit mobile version