طلال سلمان

الياس الفرزلي: انطفأ من دون أن يستسلم

كنا على موعد معلق، بسبب من انتكاسة صحية ألمت بهذا الرجل الذي كنا نعتبر أنه لا يشيخ. وحين جاءني صوته معزياً من المستشفى وجف قلبي، واستشعرت بأن هذا العاشق المدنف بحب الحياة ليس على ما يرام.
الياس الفرزلي هو نموذج لجيل »الثورة الناقصة« التي لم يقدر لها ان تكتمل، خصوصاً ان »السلطة« أخذت الحزب الذي كان منطلق الأحلام بعيداً عن الاحلام وإن ظلت تزين واجهاتها بشعارات الحزب.
عاش الياس الفرزلي حياته كمغامرة دائماً: في السياسة كما في الصحافة، في المغترب الاضطراري كما في الوطن… ولعله الوحيد الذي لم يفاجأ بموته، إذ اعتبره واحدة من المغامرات العديدة التي خاضها ونجح غالباً في تجاوزها.
رحل ابن القرعون قلب المثلث الذي يجمع لبنان الى سوريا وفلسطين، وابن البيئة التي شهدت الانتفاضات والثورات التي انتكست في مواجهة الاستعمار الفرنسي، كما في مواجهة الاحتلال البريطاني لفلسطين، وقد كانا معا التمهيد العملي لاستيلاد الحلم الصهيوني بانشاء دولة اسرائيل على حساب شعب فلسطين واحلام الوحدة العربية.
ابن البيت السياسي في القرعون الذي امتد مع الافق العربي عبر شعارات »الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة«، انطوى مع احلامه بصمت يليق بحزن المغامر الذي حاول وحاول وحاول حتى انطفأ، دون ان يستسلم. فقط: جاءت النهاية أبكر مما قدر، ولكنه غادرنا بلا ندم. رحمه الله.
»ط. س«

Exit mobile version