طلال سلمان

الى شارع لاستعجال ربيع

إلى الشارع اليوم جميعاً: رجالاً ونساءً، شيوخاً وفتية، طلاباً وعمالاً، معلمين وموظفين، محامين ومهندسين، أطباء وأساتذة جامعات، حزبيين حاليين وسابقين، متحدرين من صلب الحركة اليسارية أو يمينيين، كيانيين أو وحدويين،
إنكم، حيثما كنتم وكائنة ما كانت ميولكم، أهداف مباشرة لهذه الحرب العدوانية التي تحشد لها الإدارة الأميركية المتصهينة وتابعها البريطاني وشريكها الإسرائيلي: بأطفالكم وبيوتكم، بحاضركم وطموحات مستقبلكم، برزقكم وفرص العمل، بكرامتكم وأمن بلادكم.
ارفعوا أصواتكم وقبضاتكم في وجه الطاغية الكوني الجديد، الكاوبوي النووي الذي يفوّض إلى نفسه صلاحيات خالق السموات والأرض بالادعاء أنه قادر على تدميرها جميعاً.
إن شعوب العالم، بغربه وشرقه، قد نزلت إلى الشارع تجهر برفضها الظلم الواقع »علينا«، أفنبقى أسرى الخوف، ملجومي الألسنة والإرادة، نحضر المراثي شعراً ونثراً وتصريحات فارغة نطلقها خلف جنازات شعب العراق، جنازاتنا، كما فعلنا ونفعل مع شعب فلسطين؟! ولكننا القتلى غداً، بل اليوم، فمتى نرفع صوتنا بكلمة »لا« المقدسة وهي أضعف الإيمان!
لننسَ صدام حسين ونظامه. هذا حسابه مع شعب العراق.
قضيتنا اليوم العراق، كل العراق، بعربه وكرده وتركمانه وكلدانه وآشورييه، بسنته وشيعته ومسيحييه، بالصابئة فيه واليزيديين، وسائر الملل والنحل،
العراق بنسائه وأطفاله وشيوخه، بعلمائه المستهدفين قبل جيشه، وثروته المطلوب مصادرتها قبل نظامه، بجامعاته ومصانعه ومكتباته قبل ثكنات الحرس الجمهوري فيه..
هو العراق المستهدف الآن بآلة القتل الجماعية التي يحشدها الأميركيون (ومعهم البريطانيون) فوق الأرض العربية، وفي المياه العربية، وفي السماء العربية، مستهينين إلى حد التحقير بالعرب جميعاً.
هو دمك الذي سيراق غداً في العراق، كما يراق اليوم في فلسطين،
وهو لحمك الذي سيؤكل غداً في العراق كما يؤكل اليوم في فلسطين،
هم العرب، كل العرب، من أقصى المغرب إلى أدنى المشرق، هم الأهداف المباشرة لهذا العدوان الثنائي المكشوف الذي استفز العالم كله فرفع الصوت بالاعتراض، وحوّل مجلس الأمن الدولي إلى ما يشبه المحكمة الدولية لمحاسبة الإدارة الأميركية وتابعها البريطاني وكأنهما »مشروع مجرم حرب«.
عملياً، كان مجلس الأمن منطلق »التظاهرة المركزية الأممية« ضد العدوان الأميركي البريطاني..
ولقد نجحت سوريا، بلسان وزير خارجيتها، في أن تستحضر العرب جميعاً، وفي أن تعيد الربط بلا افتعال ولا خطابية بين الحرب الأميركية الجديدة ضد العراق وبين الحرب الإسرائيلية الدائمة ضد شعب فلسطين.
قال فاروق الشرع، بشجاعة صاحب القضية، كلمة العرب قاطعة في صراحتها: إن من يعطل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالعدوان الإسرائيلي المفتوح على الأمة العربية، هو الذي يحاول الآن تسخير مجلس الأمن »لتشريع« عدوانه الجديد على الأمة العربية عبر العراق.
إلى الشارع: فكل العالم متقدم عليك في رفضه الحرب عليك!
ارفع صوتك وأثبت حضورك فأنت أنت الضحية.
أثبت حضورك في وجه المساومين مع الأميركيين، في وجه سماسرة إسرائيل، الذين يتهربون من مسؤولياتهم على الأرض وأهلها، لاستنقاذ رؤوسهم على حساب الأمة.. لعلهم إذا ما هدر الغضب في الشارع خافوا فارتدعوا وعادوا يطلبون السلامة من بلادهم وفي بلادهم لا من المعتدي الأجنبي وعلى حساب شعوبهم وبلادهم.
أثبت حضورك أيضاً في وجه الطغيان. فالطغيان شريك حقيقي لأبطال الحرب الأميركية، وإن كان شريكاً تافهاً برتبة »عميل«، جبار على أهله، ذليل أمام أعداء أمته وأرضه وتاريخه ودينه.
احضر، فيتقلص شبح الحرب التي تستهدفك في يومك وغدك، أما غيابك فلسوف يحاسبك ضميرك عليه وكأنه تواطؤ مع المعتدي الأميركي ومع الطاغية العربي في آن.
إلى الشارع.. ففي الشارع يتفتح ورد الأمل بغد أفضل.
إلى الشارع… فمنذ أخليت الشارع ملأته دبابات القتل الجماعي، إسرائيلية وأميركية وبريطانية، أو مموهة بشعارات عربية لكي تقتل فيك الإرادة قبل الفعل.
إلى الشارع لكي يجيء مبكراً الربيع.. العربي!

Exit mobile version