طلال سلمان

الوقت لا يعمل لصالح الاحتلال وفرصه تضيق

غزة ـ حلمي موسى

يأتي هذا الصباح بعد ليلة طويلة من القصف الشديد جنوبي خانيونس وشرقها، خصوصا في منطقة القرارة. وحسب الشائع هنا فإن الاحتلال بقصفه الشديد هذا يرمي للتمهيد لفصل المنطقة الوسطى من القطاع عن المنطقة الجنوبية. ما يعيد إلى أذهان الناس تقسيم القطاع الى ثلاث مناطق منفصل بعضها عن بعض، كما كان قائما خلال الانتفاضتين الأولى والثانية. وكان تقسيم المناطق يسهل على الاحتلال فرض سيطرته على المحاور الرئيسية للحركة في القطاع. وطبعا هذا يثقل على الناس ويجعلهم يشعرون بانهم في سجون أصغر من سجن القطاع الكبير.

ويوحي تحرك الاحتلال مع بدء اليوم الثاني للحرب بعد الهدنة، بأنهم ماضون على الطريق التي ساروا عليها قبل الهدنة. ولكن من الواضح ان الاختلافات شديدة بين ما كان وما يجري. فعندما بدأت الحرب كانت أميركا ومعها الغرب مع اسرائيل بلا قيد ولا شرط. وكانت آمالهم كبيرة في ان تحقق اسرائيل أهدافها بسرعة مقبولة. لكن التجربة اظهرت عجز الاحتلال عن تحقيق أي من أهدافه سوى التدمير والقتل. وهذا دفع الكثيرين من أنصار الاحتلال إلى إعادة النظر في أساليبه والطلب منه، وبقوة متزايدة، تقليص الأضرار على المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا الهدف الأول للقصف. وبدأت الرسائل الموجهة للاحتلال توضح أن الوقت لا يعمل لصالحه وان نافذة فرصه تضيق.

وزاد الحديث عن أن الضغط العسكري الإسرائيلي الحالي يهدف لإجبار المقاومة على العودة إلى الهدنة بالشروط السابقة، التي سرت خلال عملية تبادل النساء والأطفال. وهذا ما ترفضه المقاومة حيث أنها عمدت الى الفصل بين النساء والأطفال من جهة وبين بقية الأسرى من جهة أخرى، وخصوصا العسكريين. ورأت المقاومة في النساء والأطفال مسألة إنسانية، أرادت من خلالها الإظهار للرأي العام العالمي، عدد المعتلقين من النساء والأطفال في السجون الإسرائيلية. كما تريد المقاومة التمييز بين المدنيين والعسكريين. ولكن إسرائيل عمدت الى المطالبة بجنديات إسرائيليات أسيرات لدى المقاومة، وحاولت إظهارهن من ضمن الحالات الإنسانية وهو ما رفضته المقاومة.

في كل الأحوال، ما بات واضحا للجميع، أن حوالي شهرين من القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، وخصوصا شماله، لم ينتج السيطرة المقبولة والتي تتوافق مع الإدعاء الإسرائيلي القائم. وكان ذلك واضحاً عندما قامت المقاومة بعملية تسليم الأسرى علنا في ميدان غزة الرئيسي أثناء الهدنة، كما كان واضحاً عندما تمكنت المقاومة من مواصلة عملياتها في التصدي للدبابات والمدرعات الإسرائيلية منذ اللحظة الأولى لإنتهاء الهدنة. ورغم حدة القصف في جنوب القطاع، إلا أن القصف الشديد استمر على مدينة غزة وشمالها، وتدور اشتباكات في بيت حانون وببت لاهيا ومعظم أحياء مدينة غزة وأطراف جباليا. هذا يقودنا الى ما تهدد به إسرائيل من قرب انتقال العملية البرية إلى الجنوب. قديما قال المثل الفلسطيني غير المؤدب: “حملوه جوز ظرط قال حملوني الثاني”، وهو يعني أن الحمار (أو الشخص الذي مثله) الذي لا يقدر على حمل جزء من الحمولة ويئن تحت ثقلها يكابر ويقول حملوني الجزء الثاني.

صحيح أن المعاناة في قطاع غزة كبيرة، وبعض جوانبها لا تطاق، والجرح كبير والخسائر فادحة، لكن الأمل بالنصر يعوض الجميع عن كل ذلك. في الماضي كانت التضحيات كثيرة إلا أنها كانت تذهب من دون نتائج، لكن هذه المرة قاد الإنفجار الكبير في طوفان الأقصى إلى إعادة وضع القضية الفلسطينية على رأس الاهتمامات الدولية. بأمل أن لا تطول المعاناة ويقترب النصر.

Exit mobile version