طلال سلمان

المناضل النبيل: صقر يوسف صقر

هي المصادفة التي جعلت مولده يوم عيد: الأول من أيار..
وهي المصادفة التي جعلت غيابه يتزامن مع عيد ثان: انتصار المقاومة بتحرير الأرض المباركة التي كان يحتلها العدو الاسرائيلي..
وبين العيدين عيد ثالث: الشهداء الذين اختصروه فحصره بأهل الصحافة.
صقر يوسف صقر ابن الفلاحين في بجة، قضاء جبيل، عاش وقد نذر نفسه لقضية التحرير: تحرير الإرادة لمواجهة المحتل الأجنبي والطاغية المحلي، سياسياً واجتماعياً، وكذلك لمواجهة الاغتراب الثقافي والتنكر للهوية العربية التي منها ينبع الانتماء الوطني.
هو ابن جيل نشأ على الأفكار الثورية في مواجهة الاستعمار الاجنبي والاقطاع المحلي وفساد السلطة التي حولت الوطن إلى «كيان» بقصد عزله عن محيطه وتشويه هويته العربية.
ولقد اختار الكتابة والبحث وإعادة الاعتبار إلى أبطال النضال الوطني وإلى المجاهدين في سبيل الحرية، وجمع في أربع مجلدات سيرة قوافل الرواد وسير اعلام وشخصيات لبنانية وعربية، في محاولة لانصاف من ظلموا بالاهمال او التشويه المقصود تمهيداً لتزوير التاريخ.
عاش نقي الفكر، طاهر اليد، ملخصاً لما آمن به، محباً للناس، مجتهداً في اعادة الاعتبار إلى القيم الوطنية وحركة الثورة العربية.
أعجزه التعب فما توقف عن البحث والكشف عن الكنوز المخبوءة في الأديرة، وهكذا أصدر كتبا عن «عائلات حكمت لبنان» وعن نشأة الصحافة في لبنان، وعن الأساقفة والرهبان الرواد في العربية والعروبة وعن الشهداء الذين نحتفل هذه الأيام في ذكراهم المتكررة بين 6 و25 أيار.
كان يفاجئني بين الحين والآخر بأن يدخل عليّ بكتاب عتيق حتى كاد يختفي عنوانه لأكتشف انه كنز بمعلوماته عن أبطال مجهولين او عن أحداث تم تزويرها قصداً لطمس صفحات من تاريخنا أو تشويه صورة بعض الذين بذلوا حياتهم من أجل الأمة.
دهمه المرض فما توقف عن العمل، وأصاب جسده الوهن فألجأه إلى العصا لتساعده على المشي واستمر يعمل ويكتب وينقب ويصحح بعض الاخطاء المقصودة في سيره بعض الناس كما في تفسير دلالات بعض الأحداث.
ستفتقد «السفير» ومعها «المركز العربي للمعلومات» وقد أعطاهما صقر يوسف صقر عصارة فكره ومجمل إنتاجه في العقدين الماضيين، هذا المناضل النبيل الذي أثبت على إيمانه بقيم الحق والعدل ثباته على إيمانه بحق الشعوب العربية في التحرر والوحدة لبناء مستقبلها الأفضل.
وداعاً أيها الأخ والصديق والزميل ورفيق السلاح، ولسوف تبقى في ذاكرتنا نموذجاً للوطني الصادق وللمناضل بالقلم والكلمة الحق، وسوف يبقى مقعدك بيننا فارغا في انتظار من هو جدير كي يجلس إليه فيكمل ما بدأت.
طلال سلمان

Exit mobile version