طلال سلمان

المعركة مستمرة حتى…

كتب نصري الصايغ:

السياسي في لبنان، ينسى جريمته ولا يبكته ضمير. لقد قتل ذاكرته. لذا هو مصفَّح. ينتقل من بؤرة إلى عفن إلى نفاية. ليست تهمه سمعته. يعوَّض عنها بالتفاف زبانيته حوله. يسمع الناس ما يتهمونه به”: قاتل، مجرم، فاسد، حقير، منحط. كأنه لم يسمع. اعتاد هذه المعزوفة. لا يستنكر. ولكنه إذا تمكن انتقم.

ابتلي لبنان بهؤلاء. هم نوابه ووزراؤه ورؤساؤه وقضاته وأمنه وعسكره وصرافوه وحملة امواله وناهبوا امواله. وهم على وفاق، برغم مناوشات عابرة، فيلتقون على نيل ثقة بالقوة، وليس بالديموقراطية. تباً لسياسة بحاجة دائمة الى عسكر يحمي فضائحها. لولا العسكر، لكانت حكومة حسان دياب مختبئة في مخادعها.

تفرح “الاحزاب” الحاكمة بأنها تخطت الحواجز وأمنت النصاب العددي، وتصنف الثوار العراة، بأنهم طغمة من المراهقين المأمورين من سفارات ومرجعيات. لا يستطيع ساسة لبنان، أن يصدقوا أن في لبنان نخباً شبابية ونسائية لا تشبههم بالمرة. ابداً. ابداً. نخب لا يملى عليها، دعامتها بسواعدها وقبضاتها وعقولها وطموحها. مطلبها طبيعي. تريد لبنان دولة لا مزرعة، مدنية لا طائفية، مزدهرة لا مفلسة، مستقلة لا تابعة. واحدة لا منشطرة، سيدة لا مطيعة، متعافية لا مريضة، دولة عادلة لا مسيبة، دولة محاسبة لا مطنشة، دولة تشبه شبابها وشاباتها ومواطنيها، لا دولة تشبه امراء حرب، وزعماء طوائف، وقناصي فرص، وعصابات سرقة، ومتعهدي نصب واحتيال… شباب يطمح أن يعيش حيث ولد، لا أن يهاجر مطروداً من زعران السياسة. شباب يريد أن يأكل خبزه بعرق جبينه وبقيمة علمه واختصاصه، من دون أن يُذل على ابواب زبانية مذهب الزبائنية.

كفى.

مئة عام من الطائفية والزعبرة والخوة والتخلف والسرقة والمهانة واعتبار السياسة سلعة مربحة. تعيش على فتاتٍ ترميه لأتباع صغار العقل وعليلي النفس وتابعي الزعيم… مئة عام من الإفلاس السياسي والعري الأخلاقي والتخلي الوطني، والاستعانة بالغريب، القريب والبعيد، لترجيح عميل على عميل.

كفى.

ما عاد السياسيون “احراراً” في اساءتهم إلى الحرية. لن تكونوا ابرياء بعد اليوم. ستعاملون كمتهمين فارين من وجه العدالة الشعبية. ما عدتم تستطيعون زيارة او ريادة مطعم بلا حرس. للشعب وسائل كثيرة لمعاقبتكم في عقور دوركم. الكبير فيكم، صغيراً جداً سيكون. سيتصرف كهارب او لص. وهو كذلك.

انعقاد جلسة الثقة مشكوك بأخلاقها وقيمها، ومترعة باتباعيتها وعصبياتها، ليس دليل قوة ابداً. لولا الجيش، لظل المجلس فارغاً. آلاف مؤلفة من الجيش وقوى الامن لحراسة نواب ووزراء متسللين خائفين من صراخ المحاصرين: حراميي، حراميي.

من حقكم أن تقولوا لسنا كلنا كذلك. كفوا عن هذه المزحة الثقيلة. ككلم شركاء. من ليس مثلكم، لم يحضر معكم. هؤلاء قلة قليلة جداً. وعليهم أن يثبتوا براءتهم منكم ومن دوائركم الإدارية والقضائية والمالية والمصرفية… حيث تسمى السرقة هدراً.

تهنئة من القلب للثوار. أفلحوا في منع النواب والوزراء، والنائبات والوزيرات، من العبور بأمان إلى المجلس. كانوا خائفين وخائفات. ممن؟ من عراة وقبضات واتهامات.

لبنانكم اليوم، لا يشبه دولة طبيعية، بمشكلات طبيعية. لبنانكم اشبه ما يكون بثكنة عسكرية، وأزقة خائفين، ومصارف يؤمها الشرفاء مذلولين، وشباب مُصّر على أن لا يهاجر، ويتمنى تهجيركم إما إلى المنفى، او إلى السجون. يا ليت: كثير منكم يستحقها.

لا تحاولوا تصوير عقد جلستكم انها فوز لكم. انها من باب العار. أنتم هناك على رؤوس الحراب ولحمايتها. شعبكم لن يحميكم. سيعرضكم للمهانة والضعة.

الرهان على ترحيلكم قائم. الرهان على الجيل الجديد قائم أكثر. غداً، عندما يقع الانهيار، سيأكلكم الجائعون. عندها ستندمون. الانهيار الكبير قادم. أنتم صنَّاعه. خراب لبنان حصل على ايديكم.

لا تسروا كثيراً بالثقة.

احسبوا لما بعد ذلك. هذه الثقة ستكون هباء، وتحديداً عندما يكتوي اللبنانيون بالقلة، وعندما يجوعون، وعندما يطفرون من بيوتهم إلى الشوارع من دون أن يدعوهم أحد.

لبنان الذي صنعتموه على قياس فسادكم سيموت. سنشهد ولادة لبنان جديد، بصعوبة، ولكنه سيشبه ابناءه وبناته والحالمين بوطن وحرية وديموقراطية وقيم وانتاج واستقلال.

من يعش يرَ.

Exit mobile version