هو الاسم الحركي لفلسطين بهويتها العربية.
وهو «أبو الشهداء» بعدما عزت عليه الشهادة التي كثيرا ما طلبها في نضاله المفتوح في الزمن وفي الجهد، ماشياً، بين المخيمات ولادة المقاومين، إيمانه راسخ لا تزعزعه الإخفاقات، ووعيه كشاف لمحاولات التدليس والمخادعة تحت عناوين تتردد فيها كلمات «السلام» و«التسوية» وكل ما يضيع الهدف الأصلي للجهاد من أجل تحرير الإرادة، وهي المقدمة البديهية لتحرير الأرض.
التقيته، للمرة الأولى، في مخيم البداوي… ومنعني ابتهاجه بنجاح العملية الفدائية من أن أعزيه بنجله الذي استشهد فيها. كان يشعر بأن الشهادة تقرب صاحبها من تحرير أرضه: سلبوا منا فلسطين قهراً وبالسلاح، إضافة إلى التحايل لشراء مزارع الأغنياء، ثم التواطؤ مع باعة فلسطين، وفيهم بعض قيادات الماضي والعديد من قادة العرب الذين اشتروا بدمائنا سلامة عروشهم. وهؤلاء أعداؤنا، مثل الاسرائيليين، وربما قبلهم.
لم تكن ثمة حاجة إلى موعد معه. فهو دائماً على الطريق: يمشي إلى مواعيده على قدميه، فإن كانت المسافة طويلة فالسرفيس موجود! أما السيارة فضرب لصورة المناضل وتحقير للمبادئ الثورية! لا يمكن الذهاب إلى تحرير فلسطين بسيارات الدفع الرباعي ومن أمامها ومن خلفها موكب مسلح للمرافقين الذين أعدوا لمهمة مقدسة تتصل بأرضهم فضاعوا أو ضيعوا عنها وحولتهم قياداتهم إلى نقيضها تماماً.
رفيق جورج حبش ووديع حداد، أستاذ غسان كنفاني، المقاتل ضد انحرافات الثوار واندثار منظمة التحرير تحت ركام التنازلات، المجاهد حتى لا تسقط الثورة تحت إغراءات أو شهوة السلطة التي ستغدو تسلطاً في لبنان.
أبو ماهر أحمد اليماني، نحتفل الآن بعيد ميلاده السادس والثمانين، وقد غلبه القهر، لأنه لم ينجز ما كان قد تعهد به لشعبه ولأمته.
الرجل البسيط الصافي، اللطيف المهذب، الذي قدم بعض أهله وعزت عليه الشهادة، لم يعد يستطيع مواصلة مشواره سيراً على قدميه إلى فلسطين… لكنه في الطريق إليها، لم ينحرف عنه يوماً، ولم يغب عنها نظره أو وجدانه.
سلاماً أيها الذي سكنتك الأمة التي أولها فلسطين وآخرها فلسطين. وليكن عيد ميلادك بشرى بتجديد النضال من أجلها. مرة أخرى بأولادك الذين لا يقعون تحت حصر!..