طلال سلمان

الكويت تتقدم.. ولبنان يتراجع!

كان الحدث الأبرز خلال الأسبوع الماضي، وفاة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، وسافر العديد من الرؤساء والأمراء العرب لتقديم التعازي بالفقيد الذي يُعد من المستنيرين في الكويت، خصوصاً وأنه قد أمضى أكثر من أربعين عاماً وزيراً للخارجية في الدولة الفتية التي أقيمت برغم أنف عبد الكريم قاسم، بطل الإنقلاب على العهد الملكي في العراق.. (حيث أعدم الملك فيصل الثاني وخاله ولي العهد عبد الإله ورئيس الحكومة نوري السعيد والكثير من الوزراء والسياسيين وتم التنكيل بجثثهم وسحلها في الشارع).

حينها شنت إذاعة بغداد حملة قاسية على الكويتيين عموماً، تضمنت تهديدات مباشرة لبعض مواطنيها بذبحهم والإستيلاء على بيوتهم وكأنما البريطانيون كانوا يريدونها، لكن حكمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومداخلاته مع القيادات العربية والمسؤولين الكويتيين نجحت في وأد الفتنة.

لم تكن الكويت مجرد صحراء ونفط.. كان ثمة حياة سياسية فيها أحزاب وتنظيمات ونقابات، أبرزها وأقواها حركة القوميين العرب التي أوصلت إلى البرلمان عدداً محترماً من النواب أشهرهم الدكتور أحمد الخطيب، خريج الجامعة الأميركية في بيروت ومعه نخبة من رفاقه.

وكان الشيخ عبدالله السالم الصباح أول رئيس للدولة الوليدة، وقد عُرف بالحكمة وطول الأناة، وكان يعرف قسوة الجيرة مع “ماكو زعيم إلا كريم “، كما كان يسمع، كما كل الكويتيين التهديدات التي تطلقها إذاعة بغداد للكويتيين، بأسماء واضحة، مفادها: سندخل على فلان الفلاني في بيته فنذبحه مع أبنائه فنخطف زوجته وبناته فنجعلهم محظيات لنا ولأبنائنا، أما القبيحات منهن فلسوف يعملن كخادمات..

المهم أن الكويت اليوم دولة بشعب غني عرف العلم ودخل شبابه العصر من أبوابه الواسعة، وظل الحكم فيه حكيماً، ولذلك عرف بعض رجاله بأنهم الوسطاء المميزون والذين يعرفون حكام العرب جميعاً ولا يريدون لهم إلا الخير .. من بعيد!

ومن المحزن جداً المقارنة بين ما هي عليه الكويت اليوم، حيث توافد إليها الرؤساء وكبار القوم، عرباً وأجانب لتقديم التعزية بفقيدها الكبير، بينما يتحاشى الكثير من هؤلاء زيارة دولة الإمارات العربية المتحدة أو إمارة قطر أو إمارة البحرين لإقدام قادتها على عقد معاهدات الصلح مع العدو الإسرائيلي والتفريط بحق الشعب الفلسطيني في أرضه وإصابة الأمة العربية في كرامتها.

كما أن هؤلاء جميعاً يتفادون زيارة بيروت التي كانت عاصمة العرب والجبال المطلة عليها مصيفهم ودار الإستراحة لجميعهم..

وعسى ” الرؤساء” اللبنانيون الذين قصدوا الكويت للتعزية بأميرها الراحل ينتبهون إلى ما هي عليه هذه الإمارة الصغيرة وما هو عليه لبنان الكبير جداً جداً جداً .. بهم!

Exit mobile version