طلال سلمان

القدس هي فلسطين

لن تكون غزة بديلاً من فلسطين، وإن كانت منها،
ولن تكون بلدة أبو ديس بديلاً من القدس، ولو كانت على مبعدة ميل واحد عنها،
تماماً ان المجلس التشريعي في غزة ليس برلماناً، وهو شكل بلا مضمون، بل إنه تشويه للمضمون وخداع للناس،
.. وكما أن سلطة الحكم الذاتي ليست حكومة، ولا هي بوضعها الراهن وبالقيود المفروضة عليها والتي لا تشلّها فحسب بل وتضعها في مواجهة شعبها يومياً، لا يمكن أن تشكّل نواة لدولة،
وبرغم المصاعب والضغوط والتلويح بالمساعدات، فإن لعبة اختيار بديل لكل مطلب أو شعار وطني أو تأكيد عملي ومحسوس لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وفوقها، يجب أن تتوقف.
إن المخادعة لا تتوجه الآن إلى الإسرائيلي، ولا هي في السابق أضرّت به بقدر ما أساءت إلى نضال الشعب الفلسطيني وحقّرت تضحياته المجيدة.
ولقد آن أن تتوقف »مسايرة« الدول العظمى، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، بالتضحية بما هو جوهري ومن صلب القضية.
فليس سهلاً، وربما ليس ممكناً، أن نستعيد ما نتنازل عنه مباشرة، وبالتوقيع الصريح، أو ضمناً وبالموقف الملتبس الذي لن يخدع الإسرائيلي، وإن كان قد يتسبّب في تضليل العالم، وفي تحويل القضية من حق صريح إلى مسألة غامضة يجوز فيها التأويل ويصح فيها الاجتهاد ولا يضيرها في شيء أن تتعدّد من حولها الآراء.
يجب أن يتوقف هذا العبث بالثوابت وبمرتكزات القضية الفلسطينية: مَن في الداخل هم »الشعب« ومَن في الخارج متروكون للريح، ولا حقوق لهم لا في العودة ولا في التعويض، والأرض ليست خاضعة للمفاوضة فحسب بل وللمناقصة التي تنهي اتفاقات أوسلو ذاتها (وقد كانت بذاتها مرفوضة)…
أما القدس فتتجاوز الثوابت إلى المحرّمات، لا يكون بديل منها كما أن لا شبيه لها ولا مجال لمقارنتها بأي مكان في الدنيا.
لماذا العاصمة ولا وطن؟! لماذا السرايات ولا دولة؟! لماذا الدواوين ولا حكومة؟!
ثم لماذا »المبادرة« والتبرّع بالحق التاريخي في القدس، بينما يجيء أحد »ملوك اليهود الأميركيين« نيوت غينغريتش ليقيم احتفالاً رمزياً في الموقع المقرّر لإقامة السفارة الأميركية في القدس المحتلة؟!
يجب أن تتوقف هواية إغراق الناس في المظاهر لكي ينسوا جوهر القضية وهم لن ينسوه،
يجب أن تتوقف، أيضاً، هواية توفير المخارج »للعدو« من المآزق التي يواجهها، بذريعة تأمين استمرار الزخم للعملية السلمية، التي لم يعد ينفع الطب في بعثها حية.
القدس، القدس، القدس: من دونها يضيع هدراً كل الدم، وكل الحق، وكل ما هو أساسي وجوهري وحيوي ليبقى للقضية قوام وشيء من الجلال والاحترام والقداسة.
القدس ليبقى الفلسطينيون عرباً.
وليظل للعرب قضيتهم المقدسة التي عنوانها القدس،
لا سلام قبلها، ولا سلام خارجها، ولا سلام إلا فيها وهي العنوان والمقصد والمآل.
القدس هي فلسطين، ولا فلسطين من دون القدس.

Exit mobile version