طلال سلمان

الطيــب أردوغــان فــي لبــنان: زعيــم خــارج حــدود بــلاده أردوغان لـ«السفير»: على اللبنانيين إنتاج حلول توافقية قبل أن تفضي خلافاتهم إلى أزمة لا عودة للعلاقة مع إسرائيل إلى طبيعتها من دون الاعتذار… وسوريا بلد مفتاح

أنقرة ـ طلال سلمان وساطع نور الدين
تطرق رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في حوار شامل مع «السفير» الى جميع الموضوعات الحيوية على الساحة الشرق أوسطية، وقال إن سوريا بلد مفتاح من أجل إيجاد الحلول لمشكلات المنطقة ولا سيما في العراق ولبنان وفلسطين. وأعرب عن رضاه «لتطور علاقات هذا البلد مع دول مختلفة على المستويين الإقليمي والدولي».
وعبّر أردوغان عن امتنانه لبدء العملية الدستورية في العراق والاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، وأكد ان ترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق السلام في العراق هو من بين اولويات السياسة الخارجية لبلاده، وقال إن تركيا سوف تواصل تقديم الدعم بشكل قوي للجهود من أجل الاستقرار في العراق.
كما كرر مواقف تركيا بشأن الطلب من إسرائيل الاعتذار والتعويض على اعتدائها على «سفينة مرمرة»، وأشاد بجهود الرئيس الأميركي باراك اوباما لإحلال السلام في الشرق الاوسط، معتبراً ان مواقف تركيا تتطابق مع المواقف الأميركية في هذا الشأن.
وأكد أردوغان، أن بلاده تولي اهمية كبيرة للمحافظة على الاستقرار في لبنان وعلى وحدته السياسية وسيادته. وقال «إننا نتابع بقلق التوتر المتصاعد في لبنان المرتبط بالمحكمة الخاصة في لبنان»، وأكد على عدم تسييس المحكمة وما يتصل بها من موضوع شهود الزور وأن تدار في اطار حقوقي كامل. وشدد على اهمية عدم إتاحة المجال أمام تصدعات ذات اساس مذهبي أو إتني يمكن أن تنعكس على كامل المنطقة، مشيراً الى اهمية إنتاج حلول توافقية قبل ان تفضي اختلافات وجهات النظر الى حدوث ازمة.
وقال أردوغان إن بلاده إذ تدعو كل الاطراف في لبنان الى الاعتدال، أشار الى ان انقرة ترى لبنان على انه لاعب مستقل وسياديّ وستواصل جهودها من اجل رفع العلاقات بين البلدين الى مستويات أعلى، مشدداً على اهمية اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ولبنان والوثيقة السياسية المشتركة المتعلقة بتأسيس «مجلس التعاون الاستراتيجي الأعلى».
اما بالنسبة الى العلاقة مع طهران، فقال «إننا نطور علاقاتنا مع إيران وفقاً لما تتطلبه الجيرة»، مشيراً الى ان «العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وإيران ستساهم في استقرار المنطقة ورفاهيتها»، وأكد «إننا نقوم بدور مسهّل من اجل حل قضية البرنامج النووي الإيراني من طريق الديبلوماسية والحوار»، مشيراً الى اعلان طهران المشترك في 17 ايار الماضي.
وبالنسبة الى العلاقة مع مصر، قال رئيس الوزراء التركي ان بلاده تولي اهمية لعلاقات التعاون والتنسيق المنتظمة مع القاهرة في الموضوعات الاقليمية مثل عملية السلام في الشرق الاوسط وغزة وعملية المصالحة بين الفلسطينيين.
وعدد اردوغان التطور الذي طرأ على العلاقة مع السعودية «احدى الدول المهمة ليس فقط في التطورات الإقليمية بل ايضا في المجالات ذات البعد العالمي». وقال انه توجد منفعة كما لتركيا كذلك للسعودية في حماية الامن والسلام والاستقرار الاقليمي. والبلدان يشاركان بشكل فاعل في الجهود الاقليمية في اتجاه حل شامل للصراع العربي الاسرائيلي ولضمان المصالحة بين الفلسطينيين وتحسين الوضع في غزة وضمان الاستقرار في دول مختلفة.
وأشاد اردوغان بالوثيقة الصادرة عن قمة لشبونة (الحلف الأطلسي)، وأكد ان تركيا سواء في اطار حلف شمالي الأطلسي او في اطار العلاقات الثنائية ستستمر بدعم الاستقرار في افغانستان.
وأشاد اردوغان بنظرة الرئيس الاميركي باراك اوباما للسلام «لكن السياسات غير المقبولة التي اتبعتها اسرائيل بعد ذلك أقفلت نافذة الفرص». وقال إن نظرة الولايات المتحدة المتساوية لكل الاطراف والتمييز بين الطرف الذي يريد السلام بصدق والطرف الذي يضع عقبة امام السلام حمل اهمية اساسية من زاوية كيفية وصول هذه الجهود الى السلام.
وفي ما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته «السفير» مع أردوغان:
÷ ما هو تقييمكم للعلاقات التركية اللبنانية وما هو موقف تركيا من الأزمة الداخلية في لبنان؟
} بين تركيا ولبنان روابط تاريخية وثقافية قوية. وتركيا صديق قديم للبنان يريد بكل صدق لكل المجموعات التي تعيش في لبنان أن تعيش في سلام وسعادة واستقرار ورفاهية. ولا شك لدينا بأن الشعب اللبناني وكل المجموعات السياسية اللبنانية تنظر إلينا بمشاعر الصداقة والأخوة.
نحن نتابع عن كثب التطورات في لبنان. ونؤمن بضرورة أن يحافظ لبنان على خصوصيته في التنوع الثقافي وأن يعيش معا كل الناس بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والاتنية.
ونضيف لذلك أهمية كبيرة لمحافظة لبنان على الاستقرار وعلى وحدته السياسية وسيادته. ولقد كنا في هذا الاطار كما خلال عملية إعلان وقف النار في حرب 2006 كذلك خلال الأحداث التي وقعت عام 2008 الى جانب لبنان واللبنانيين.
كما نتابع بقلق التوتر المتصاعد في لبنان المرتبط بالمحكمة الخاصة في لبنان. وتركيا ترى ضرورة عدم تسييس المحكمة وما يتصل بها من موضوع شهود الزور وأن تدار المحكمة في إطار حقوقي كامل.
ويحمل أهمية كبيرة بقاء المسألة المتعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان ضمن حدودها الخاصة، كما يحمل أهمية كبيرة عدم إتاحة المجال أمام تصدعات ذات أساس مذهبي أو اتني يمكن أن تنعكس على كامل المنطقة. لذا يجب إنتاج حلول توافقية قبل أن تفضي اختلافات وجهات النظر الى حدوث أزمة.
نحن لا نريد أن يتزعزع السلام والاستقرار في لبنان كما لا نريد أن تحدث صدامات جديدة في البلاد.
إن عدم استقرار يمكن أن يعيشه لبنان في هذه المرحلة الحساسة التي تمر فيها المنطقة يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية في المنطقة عموما.
واذ ندعو في كل مناسبة كل الأطراف الى الاعتدال، فإننا ندعو الى المساهمة في الجهود من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.
إن تركيا التي ترى لبنان على أنه لاعب مستقل وسياديّ ستواصل جهودها من أجل رفع العلاقات بين البلدين الى مستويات أعلى.
في هذا الاطار فإن من التطورات المهمة اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ولبنان والوثيقة السياسية المشتركة المتعلقة بتأسيس «مجلس التعاون الاستراتيجي الأعلى» بين البلدين. وبذلك تكتسب العلاقات الثنائية أبعاداً جديدة ويتثبت مبدأنا في أن تكون مشكلات المنطقة بيد دول المنطقة.
ومن هنا التحرك التركي لاستكمال الحلقات الناقصة في مجلس التعاون الاستراتيجي الأعلى الذي نؤسسه بين تركيا ولبنان وسوريا والأردن.
هذا المجلس الذي لم يسبق له مثيل في منطقتنا يهدف الى المساهمة في الاستقرار والرفاه الاقليميين من طريق التعاون الاقتصادي والارتباط المتبادل.
÷ ماذا عن تطور العلاقات التركية السورية؟
} تتطور العلاقات التركية السورية على أساس الروابط التاريخية والثقافية المتجذرة بين شعبينا والصداقة والجيرة الحسنة والتعاون وتشكل نموذجا لكل دول المنطقة. واكتسبت علاقاتنا بعداً جديداً بتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي الاعلى. وبرئاسة رئيسي الحكومة في البلدين تم التوقيع في اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي الاعلى في كانون الاول 2009 على خمسين اتفاقية وتم التأكيد مرة اخرى على إرادة التعاون الوثيق. وسوف ينعقد الاجتماع الثاني للمجلس في وقت قريب.
ونحن نرى ان سوريا بلد مفتاح من أجل إيجاد الحلول لمشكلات المنطقة، ولا سيما في العراق ولبنان وفلسطين. ونحن نشعر بالسرور من تطور علاقات هذا البلد مع دول مختلفة على المستويين الاقليمي والدولي.
÷ ما هي نظرتكم للعلاقات بين تركيا وايران؟
} تستند العلاقات بين تركيا وايران الى مبادئ أساسية من عدم التدخل في الشؤون الداخلية والجيرة الحسنة والتعاون الأمني. ونحن نطور علاقاتنا مع ايران وفقا لما تتطلبه الجيرة. وقد سجلت العلاقات الاقتصادية بين بلدينا تقدماً مهماً في الآونة الأخيرة. ونحن نؤمن بأن العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وايران ستساهم في استقرار المنطقة ورفاهيتها.
تركيا تريد أن يسود السلام والاستقرار في المنطقة ولدى جميع الجيران. ونثق بأن مناخ الثقة والاستقرار في المنطقة عموما سيكون الضمانة لتنمية شعوب المنطقة ورفاهيتها. وتركيا ترغب في أن يتم حل كل مشكلات المنطقة بالطرق السلمية. بهذا الفهم نحن نقوم بدور مسهّل من أجل حل قضية البرنامج النووي الايراني من طريق الدبلوماسية والحوار. وإعلان طهران المشترك في 17 ايار الماضي هو نتاج جهودنا في هذا الاطار ووثيقة وليدة المجال الدبلوماسي.
في أصل الحل اللقاءات بين ايران ومجموعة الخمسة + واحداً وفي الايام المقبلة سوف يتحقق مثل هذا الاجتماع. وسنكون جاهزين للمساهمة الضرورية في النقاط التي تحتاج الى المساعدة.
÷ كيف تنظرون الى مستقبل الوضع في العراق؟
} إن ترسيخ الامن والاستقرار وتحقيق السلام في العراق هو من بين أولويات السياسة الخارجية التركية. ان عراقا بتمام أراضيه وبوحدته السياسية ومتصالحاً مع جيرانه ومستقراً ومرفهاً يحمل أهمية محورية في جهود تشكيل حزام من الامن والرفاهية في جغرافيا الشرق الاوسط. وبلدنا على أساس هذا المفهوم يدعم بقوة استقلال العراق ووحدته السياسية وتمام أراضيه ويعتني بأمنه واستقراره ويقف على مسافة واحدة من كل فئات سكانه والى جانب إخوته العراقيين في كل شيء وسنواصل ذلك.
وفي تقييمنا للتطورات الأخيرة في العراق فإننا قابلنا بسرور بدء العملية الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة في اثر اجتماع البرلمان العراقي في 11 تشرين الثاني.
وفي هذا الاطار نحن نتمنى أن تكتمل العملية السياسية في أقرب وقت بتشكيل حكومة على أساس توزع القوى وشاملة ومتوازنة ومتكئة على التوافق الوطني وما تم التوصل اليه من تفاهمات.
وتركيا ترى أن العملية الدستورية التي بدأت خطوتها الأولى وما ينتج منها في إطار المصالحة الوطنية تكتسب أهمية كبيرة من زاوية ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي في العراق ومواجهة الشعب العراقي مستقبلاً مرفهاً. وتركيا سوف تواصل تقديم الدعم القوي للجهود من أجل الاستقرار في العراق الصديق والشقيق.
÷ ماذا عن العلاقات الثنائية بين أنقرة والقاهرة؟
} نحن نولي أهمية لتقوية علاقاتنا الثنائية مع مصر التي هي ذات مكانة خاصة في الشرق الاوسط ومنطقة المتوسط وأن تكون في تعاون في الموضوعات الاقليمية.
علاقاتنا مع مصر تتطور بسرعة. وسوف تتقوى أكثر بالزيارات العالية المستوى وآليات التشاور الثنائية والتعاون الذي يتطور بسرعة كما بمجلس التعاون الاستراتيجي الذي سيتأسس بين البلدين. وخلال الزيارة التي سأقوم بها في المرحلة المقبلة الى مصر سوف يتم التوقيع مع نظيري المصري أحمد نظيف على الاعلان المرتبط بإقامة هذه الآلية.
وفي موازاة التطورات السياسية فإن علاقاتنا الاقتصادية تتقدم. وحجم التجارة مع مصر تضاعف مرتين ونصف المرة في الفترة التي أعقبت توقيع اتفاقية التجارة الحرة عام 2007. وتجاوزت في العام 2009 الثلاثة مليارات دولار. وقد وقع وزراؤنا المسؤولون عن التجارة الخارجية في اسطنبول في شهر تشرين الاول الماضي على اتفاقية آلية الاستشارة العليا في الموضوعات التجارية والاقتصادية.
واليوم تعمل في مصر أكثر من مئتي شركة تركية ووصلت الاستثمارات التركية في مصر الى مليار ونصف المليار دولار. والى جانب الزيادة في الخدمات التي يقدمها المتعهدون الاتراك في مصر فإن التعاون المشترك بين المبادرين الاتراك والمصريين وصل الى مستويات عالية.
ان مصر لاعب إقليمي مهم من أجل المساهمة البناءة في جهود تحقيق الاستقرار والسلام والامن الإقليمي. ان تركيا تولي أهمية لعلاقات التعاون والتنسيق المنتظمة مع مصر في الموضوعات الاقليمية مثل عملية السلام في الشرق الاوسط وغزة وعملية المصالحة بين الفلسطينيين ولبنان واليمن والسودان.
÷ هل أنتم راضون عن تطور العلاقات التركية السعودية؟
} تتطور علاقاتنا مع السعودية تطوراً مرضياً وبسرعة في كل المجالات على أسس القيم المشتركة التي نتقاسمها وروابط الصداقة التاريخية بين شعبينا.
وقد لعبت اهمية كبيرة في هذا التطور الايجابي الزيارات الرسمية العالية المستوى واللقاءات المتبادلة التي اكتسبت زخما مع الوقت. وأخذت تركيا والسعودية مكانيهما بين دول مجموعة العشرين ذات الاقتصادات القوية. وقد سجلت الدولتان تطوراً اقتصادياً ثابتاً وكذلك تقدماً مهماً في العلاقات الاقتصادية وفي حجم التجارة الثنائية. وبلغ حجم التجارة الثنائية في العام 2008 55. مليارات دولار تراجع الى 35. مليارات دولار في العام 2009 بسبب الازمة المالية العالمية. لكن مع تراجع هذه الازمة عاد حجم التجارة الى الارتفاع وعرف زيادة قدرها 30 في المئة في الاشهر الثمانية الاولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة نفسها من العام الفائت وبلغ حوالى 3 مليارات دولار.
والسعودية إحدى الدول المهمة ليس فقط في التطورات الاقليمية بل ايضا في المجالات ذات البعد العالمي. وهناك منفعة كما لتركيا كذلك للسعودية في حماية الامن والسلام والاستقرار الاقليمي. والبلدان يشاركان بفعالية في الجهود الاقليمية في اتجاه حل شامل للصراع العربي الاسرائيلي ولضمان المصالحة بين الفلسطينيين وتحسين الوضع في غزة وضمان الاستقرار في دول مختلفة مثل السودان والعراق ولبنان وافغانستان واليمن.
÷ هل يمكن العلاقات التركية الاسرائيلية أن تعود الى طبيعتها السابقة لحادثة أسطول الحرية؟
} اننا نبذل جهودا مخلصة ومكثفة من اجل اقامة السلام والاستقرار في الشرق الاوسط ورفاهية شعوب المنطقة. ونظهر رد الفعل الضروري تجاه أي خطوة تستهدف عرقلة هذه الجهود.
في إطار فهمنا هذا، وكما وضعنا ثقلنا من أجل السلام عبر المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل التي تحمل أهمية كبيرة للسلام الشامل للصراع العربي الاسرائيلي، فإننا أدنّا بشدة العدوان الاسرائيلي على غزة الذي كان سببا لقطع مفاوضات السلام.
وكم هو مؤسف ان الحكومة الاسرائيلية لم تدرك معنى هذه الجهود وأهميتها وزهقت أرواح أكثر من ألف إنسان بريء بينهم نساء ومسنون وأطفال. كما أن اسرائيل تضع أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة في سجن مفتوح. وهاجمت قوافل المساعدات الانسانية في المياه الدولية التي كانت تنقل المساعدات الانسانية الى ناس تحت حصار غير إنساني. ولم يتردد الاسرائيليون في قتل فتى في التاسعة عشرة من عمره كل ما كان يحمله في يده آلة تصوير واتهم بأنه «إرهابي». وقد حان الوقت لكي يقول العالم «كفى» للممارسات غير الانسانية التي تقوم بها اسرائيل أمام أعين العالم.
الى ذلك فقد سجلت التحقيقات الدولية من جانب «بعثة جمع المعطيات الدولية» التي شكلها مجلس حقوق الانسان «ان اسرائيل استخدمت القوة المفرطة وعنفاً غير ضروري ولا يصدق». كما أعتقد أن اللجنة التي شكلها الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، آخذة بعين الاعتبار تقرير لجنة حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، سوف تسجل أنه لا يمكن أية دولة أن تكون فوق القانون الدولي.
وعلى الرغم من أننا تحركنا باعتدال بعد الاعتداء فإن تعرض مواطنينا للمرة الأولى للقتل على يد دولة أجنبية يتطلب تقديم الاعتذار الرسمي من جانب اسرائيل والتعويض. وما عدا ذلك فلا يمكن علاقاتنا مع اسرائيل أن تعود الى طبيعتها.
÷ ماذا عن النظرة التركية للعلاقات الإقليمية بعد مؤتمر حلف شمال الأطلسي؟
} لقد اعتمدت قمة لشبونة في 19 و20 تشرين الثاني وثيقة المفهوم الاستراتيجي التي ستحدد وجهة الحلف للسنوات العشر المقبلة. وقد ساهمت تركيا بفعالية في بلورة هذه الوثيقة. كما اتخذت القمة قراراً مبدئياً في موضوع تطوير مسألة الدرع الصاروخية. وقد عبرنا في كل مناسبة على ضرورة أن يحقق هذا النظام الذي له صفة دفاعية مساهمة في تعزيز الامن الاقليمي والدولي وليس فقط أمن دول الحلف. ولفتت تركيا في كل محادثاتها المطولة قبل القمة وبعدها نظر الحلف الى أن تؤخذ في الاعتبار التهديدات الكونية للصواريخ البالستية وليس التهديدات المحتملة من كل دولة على حدة. ودافعنا عن ضرورة قابلية حماية الدول من الاخطار التي يسببها انتشار السلاح والصواريخ البالستية من دون تحديد بلد معين بذاته. وقد راعت الدول في بيانها الختامي حساسياتنا ولم تشر الى اسم أي دولة كتهديد. وقد شكل الموقف التركي أثناء القمة وخلال عملية اتخاذ القرار مظهراً بارزاً على جهودنا المتجهة لتصفير المشكلات مع جيراننا كما على جهودنا لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا.
كما نشر الحلف إعلانا حول التعاون بعيد المدى بين الحلف وأفغانستان والتخطيط لنقل السلطة الى الافغانيين بدءا من العام 2011. لكن هذه العملية لا تعني سحب المجتمع الدولي يده من أفغانستان بل أكد على إرادة الحلف لمواصلة دعم أفغانستان. وتركيا سواء في اطار حلف شمال الأطلسي او في اطار العلاقات الثنائية سوف تواصل بإصرار دعم الاستقرار في أفغانستان وتعزيز التنمية ودعم الشعب الأفغاني الصديق والشقيق والدولة الافغانية.
÷ كيف تقيمون السياسة الأميركية في الشرق الاوسط؟
} نحن نعتقد أن هدفنا في اتجاه إقامة سلام بنّاء وشامل في المنطقة وجلب الاستقرار والسعادة والرفاهية لشعوب المنطقة يتطابق مع نظرة الادارة الاميركية تجاه المنطقة.
ولقد وضع الرئيس الاميركي باراك أوباما من خلال خطابيه في أنقرة والقاهرة لوحة واعدة وإيجابية في موضوع السياسات التي ستتبعها الولايات المتحدة تجاه الشرق الاوسط من زاوية إقامة السلام وتعزيز الاستقرار. لكن السياسات غير المقبولة التي اتبعتها اسرائيل بعد ذلك ومنها العدوان على غزة وبناء المستوطنات أقفلت نافذة الفرص التي فتحتها مواقف أوباما.
ان نظرة الولايات المتحدة المتساوية لكل الاطراف والتمييز بين الطرف الذي يريد السلام بصدق والطرف الذي يضع عقبة أمام السلام حمل أهمية أساسية من زاوية كيفية وصول هذه الجهود الى السلام.
أعتقد ان المجتمع الدولي سيتحتم عليه تقديم الدعم لجهود الولايات المتحدة في هذا الشأن.

Exit mobile version