طلال سلمان

الرّجال وطناً..

نشرت في جريدة “السفير” بتاريخ 6 تشرين الاول 1974

امتدت اليد المغلولة إلى شمس الظهيرة فاستمطرتها زنابق.

الزنابق صارت جسوراً. الجسور صارت مدافع. المدافع صارت شموسا. الشموس صارت رمالا.

الرمال صارت رجالا. الرجال صاروا بيوتا،

والبيوت هي الوطن. والوطن هو الأمة. والأمة هي المجد والنصر والأغنية والطفل والأم والأب والحبيبة والشجرة ورماح السنابل ونفح الطيب المضمخ بعطر الأرض.

والأرض تنتمي إلى الإنسان بمقدار ما ينتمي الإنسان إليها، فإذا فر منها فرت منه. والفرار انتحار بالعيش من غير اسم ولا أصل ولا هوية.

وسيناء مقبرة الجوازات والبطاقات الشخصية وكل ما يشير إلى الجنسية ومصدر الهوية الواحدة.

والجولان لا تعترف إلا بوحدة الدم الذي سقاها فرواها وأنبت في قفارها البيارق والرايات وابتسامة العائدين إلى ذواتهم، إلى أسمائهم وأصولهم والذكريات الحميمة وحق الحلم بالمستقبل.

والمستقبل 6 تشرين ثان وثالث ورابع وإلا التهموا السادس من تشرين او سرقوه منا ليعطونا بدلاً منه السادس من حزيرانز

والمستقبل زنود سمراء تنتصب غابات من حول القدس، تدك السور وتحرر السجان من كذب الأسطورة وعبودية مصالح الآخرين، وتعيده إلى إنسانيته وإلى التاريخ الحي.

وفلسطين شجيرة ياسمين تسحق الآن بفرعها في أربع رياح الأرض العربية: في المغرب، في الجزائر، في تونس، في ليبيا، في السودان، في العراق، في الكويت، وطبعاً في لبنان، وحتى في الأردن والسعودية إضافة إلى النجوع والقرى والدساكر والمزارع في سوريا ومصر العزيزة.

وفلسطين قطرة دم تتدحرج فوق ضمير العالم فتمسح عنه الصدأ وتعيد إليه الروح.

وفلسطين هي فرح الزمان الآتي بقوة 6 تشرين، وهي قوة عجز عن مسخها السحرة والحواة والسماسرة وأيتام الهزيمة.

وتحية إلى كل أولئك الذين وهبونا أعمارنا وأسماءنا وشرف الانتماء إلى هذه الأمة المجيدة،

تحية إلى الرجال الذين أعطونا الأرض والزمن وبقي أن نكمل ما بدأوه في تلك الظهيرة الخالدة من تشرين 1973.

Exit mobile version