طلال سلمان

الاسلام ليس مسؤولاً عن تخلفنا

همج ام برابرة أم متوحشون؟

من نحن؟

محمد بن سلمان من عندنا. اليمن دم مجنون ومجاعته عار عربي. وحوش بأنياب عربية وعرقية. سوريا، وما تبقى منها. ضحية برابرة منها وفيها ومن خارجها. بلاد ما بين النهرين، موطن الحضارات التامة، تحوَّلت إلى مقتلة ومناحة مذهبية ودينية وعرقية، من صِنعنا. العراق لا يجتمع على وطن. بلدان الخليج تعوم على نفط وامارات متناسلة وممالك متوارثة وثروات مبددة. اموالها مستباحة ومباحة. السعودية مملكة ذات موهبة وهابية، وذات تراث رجعي، وذات تطلعات “امبراطورية” محلية، بقيادة ادوات بربرية ومتوحشة. مصر مصابة بالخرس. شعب عظيم يلوذ بالصمت، ويغرز أظافره في لحمه الحي. عذاب في الروح والجسد وفقدان الأفق. مئة مليون من الغلابى تحت وطأة عسكر قابض، ورأسمال يقبض. ليبيا ساجدة على قتلاها. عبث عربي وأممي يستولد نزاعات مرعية ومحروسة من خارجها. الجزائر، بنت المليون شهيد، باتت عجوزاً في عز شبابها، يحكمها عجوز برهبة القوة. لبنان، معجزة الوقوع في الفراغ، يتبوأ الفشل ويرعاه امراء الحرب ومراجع الطوائف وزعماء المال وميليشيات الفساد.

تونس، الوحيدة، حمت نفسها بالحرية الصعبة والديمقراطية الأصعب.. من يتذكر الصومال. مات من زمان عربياً. من نسي السودانيين.

كل هذا من عندنا. لماذا؟ من نحن؟ همج ام برابرة ام متوحشون؟

يندر أن تجد دولة عربية تعامل شعبها انسانياً بمعايير الجدوى والتقدم والرفاهية والحقوق. يستحيل أن تجد شعباً عربياً يسائل حكامه. ممنوع ويعاقب كل من يتجرأ على السؤال، فكيف المحاسبة؟ هذا من الممنوعات ومرتعها وخيم.

كم قُتل قبل الخاشقجي؟ القتل سنة عربية، والشواذ ضئيل. كم عدد السجناء السياسيين والمنفيين والهاربين والطافرين من بلادهم وانظمتهم وظلمهم! كم شهيداً بريئاً لم يرتكب الا السؤال، ولم يتفوه بالتأييد للمملكة او الامارة او النظام او الديكتاتور؟ كما يحتاج اللبناني إلى اذلال فظ كي يقول لحكامه: هيا أسقطوا؟ ولا مرة. اللبنانيون يدافعون عن قادتهم، وناهبي اموالهم، ومنتهكي حقوقهم، بالروح والدم وصناديق الاقتراع.

ترى، لماذا كل هذا؟

لماذا نحن مختلفون عن كل العالم، فوق هذه الكرة الجميلة؟

فلنحاول الصعب. لنجب عن السؤال، لماذا نحن الاستثناء؟

يستعجل البعض: الحق على الاسلام. لا. ليس الإسلام هو السبب ابداً. الدين الاسلامي ليس سبباً في بؤسنا الحضاري وتخلفنا السياسي وتخبطنا في مستنقع الفشل.

لنعد إلى الاسس التي قامت عليها هذه الدول المنكوبة شعوبها.

الغرب الاستعماري كان الاساس الذي منح المحظيين دولاً على قياس طائفي، عشائري، عائلي، بوظيفة تخدم مصالح هذا الغرب بالذات… اعطانا دولاً، مارونية، هاشمية، سعودية، نهيانية، صبَّاحية، وكان يرغب بدولة درزية واخرى علوية في بلاد الشام.. وهكذا، قامت دول محكومة من عائلات مالكة، بنظام حديدي محروس من دول الرعاية والحماية الغربية. طبيعة الحكم ديكتاتورية. حاشية الحكم، خبراء اجانب، والشعوب مغلوب على امرها، محرومة من الحرية والديموقراطية والحقوق.

لا أحد يحاسب هذه العائلات الحاكمة. من يجرؤ؟ الحاكم هو الواهب والمانع. لا يساءل ملك او امير او زعيم. المطلوب شعبيا، رضى الحاكم وعلى الناس الطاعة ولو بلغ الظلم حد الاغتيال والقتل. صورة ابن الخاشقجي، مصافحاً قتلة ابيه، نموذج سياسي، وصورة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. الحاكم يسير في جنازة القتيل.

قلًّدت الانظمة الديكتاتورية العسكرية، انظمة السلالات الملكية والاميرية، وتفوقت عليها. مارست السلطة المطلقة. أطعموا الشعوب شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية. مجانين. فعلوا العكس تماماً. مزقوا ما كان موحداً. حولوا الاوطان إلى سجون، محروسة بجلاوزة الأمن، وأفقروا البلاد والعباد، وأثروا الحاشية والأقارب والزبائن وخدم السلطة.

حيث لا محاسبة لا تقدم. حيث لا حقوق، لا سياسة. حيث لا ديموقراطية لا حياة انسانية.

كذبوا علينا. رفعوا شعار فلسطين بإصبعهم الاوسط. عذراً على هذا التعبير. ما ارتكبوه كان فظيعاً أوصل العرب إلى صفقة العصر. لم يُسأل شعب ما، عن ذلك. لم تُسأل مصر، ولا الاردن، ولا السعودية، ولا قطر، ولا الامارات ولا مسقط ولا … أحد.

لا، نحن الشعوب العربية، لسنا همجاً ولا برابرة ولا متوحشون إذاً، لماذا تُعامل هذه الشعوب وكأنها بهائم في زرائب السلطان؟

الاجابة في مقالة ثانية.

 

 

 

Exit mobile version