طلال سلمان

اطفال فلسطين اهدافا

هو المونديال …
مع ذلك، لا بأس من أن تسجل في قلبك، إلى جانب الفرق المتنافسة على كأس العالم ، أسماء هذه الباقة من الأطفال الشهداء في فلسطين المحتلة: عالية غالية (9 سنوات)، هنادي غالية (18 شهراً)، هيثم غالية (6 أشهر)، أشقاء هدى غالية التي ما زال نحيبها يتردد في أسماع العالم وهي تدور بين أجساد ذويها المقطعة بالقصف البحري الإسرائيلي؛ هشام المغربي (4 سنوات) وشقيقه ماهر المغربي (9 سنوات)، محمد جمال روقة (5 سنوات)، سامية الشريف (6 سنوات)، بلال الهسي (16 سنة).. وقد تضاف إليهم قبل أن تصل هذه السطور إلى القارئ أعداد أخرى من الأطفال والفتيان، خصوصاً بعد مذبحة الأمس..
هو المونديال ..
و المونديال بالنسبة لإسرائيل هو موسم صيد الفلسطينيين بامتياز، وإن كان هذه السنة قد ركّز على الأطفال (مع ذويهم)… (ولنتذكّر أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان في مثل هذه الأيام من حزيران 1982 قد تزامن مع المونديال..).
هو موسم الصيد الإسرائيلي للفلسطينيين، أطفالاً بالدرجة الأولى، ورجالاً ونساءً (بينهن حوامل)، أما العالم، وفي الطليعة منه العرب، فمشغول بصراع العقول والعواطف والمصالح، عبر الأقدام، على الكرة والأهداف التي تأتي بالمجد والمال بأرقام فلكية..
إضافة إلى المونديال هناك الحرب الدولية العربية على حماس وحكومتها المستولدة ديموقراطياً وفق التوجيهات الأميركية، والتي لم يتخلف عن ميدانها أحد بدءاً من السيد الرئيس محمود عباس وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي الذي عيّن البنك الدولي أمين بيت المال ينفق ما يتجمع من صدقات على الشعب الفلسطيني، من فوق رأس حكومتها ومن دون علمها ناهيك بإذنها!
.. ولأنه المونديال ، فقد غفلت جامعة الدول العربية عن واجبها الطبيعي في إيصال ما جمعته من تبرعات شعبية بعدما تعذر تحصيل الالتزامات الرسمية التي تعهدت بها دولها إلى الحكومة المنتخبة ديموقراطياً، فقررت أن تخضع بكل مسؤولياتها القومية لما قرّره الاتحاد الأوروبي، لتهريب المساعدات الدولية ودفعها مباشرة وبغير وسيط إلى فقراء الموظفين الفلسطينيين مع اقتطاع ميزانية توضع بتصرف السيد الرئيس ينفقها بمعرفته وحسب ما يريد ويقرّر!
إنه المونديال …
ونعوش أطفال فلسطين تتوالى في الطريق إلى المقابر، مؤكدة أن إسرائيل قد حققت معدلاً قياسياً في الأهداف … بل إنها استبقت الزمن فسبقته، ولم تنتظر أن يكبر هؤلاء الأطفال ليصيروا مقاتلين/ مجاهدين/ استشهاديين، وحسمت الأمر اليوم، فأعدمت الغد وهو طفل يحبو.
إنه المونديال ،
فلا داعي للسيرة العراقية، حيث يدفن قتلى الغد قتلى اليوم بالعشرات، بالمئات، وهم ينتحبون، ثم يواصلون حياتهم في انتظار المذبحة/ المذابح التي تتوالد تحت الرعاية الأميركية على مدار الساعة.
إنه المونديال ..
والقتل اليومي بالاحتلال ومن أجله يتواصل، في ظل العجز العربي المطلق، وانشطار القيادات بين مستسلم للاحتلال يحكم في ظله وأحياناً باسمه، وبين مهادن يطلب التفاوض فلا تستجيب له إسرائيل ومع ذلك يزكي رغبتها في السلام ويدين شريكه الاضطراري (حماس) كما فعل أبو مازن علناً في بترا ، بحضور المسؤولين الإسرائيليين وحملة جائزة نوبل تحت الرعاية الملكية للهاشمي الذي يكاد لا يفصله فاصل عن الإسرائيلي.
إنه المونديال ..
فلنتابع انتصارات الذين صار من حقهم أن يلهوا، بينما نحاول في بلادنا أن نصل إلى أهدافنا فنضيع عنها وتضيع منا، ولا يبقى إلا أن نتفرج على لعب الآخرين بمصائرنا!

Exit mobile version