طلال سلمان

اسقاط رئيس ام سقوط جمهورية

لا يُصلح الخطأ بخطيئة.. وما جرى في الخرطوم كان لا بد ان يعطي ثماره المرّة في بيروت، وقد أعطاها مدوية الوقع والصدى.
وهكذا فقد عاد القلق يفرد جناحيه الأسودين على اللبنانيين، يوم أمس، عبر سلسلة ردود الفعل التي كان ختامها خليطاً من المهزلة والمأساة يهز ويهدد بدايات الثقة بلبنان التي أعاد استيلادها مؤتمر الحوار الوطني بجلساته التي قدمت نموذجاً فريداً في بابه، والتي رأى العالم في سياقها مشهداً أجمل من أن يكون حقيقياً.
وإذا كانت رحلة الخرطوم قد أساءت بنتائجها إلى القيمة المعنوية لمؤتمر الحوار (فضلاً عن المقاومة) فإن الشجار، المخطط بعناية والمفتعل بقصد مقصود أمام عدسات مصوري التلفزيون، قد تجاوز بالاساءة شخص رئيس الجمهورية ليصيب مؤسسة الحكم ذاتها… بغير أن ننسى لمن تنتمي أغلبيتها!
ومما زاد في تعقيد الموقف وجعله مستعصياً على الفهم، ان سعد الحريري، وهو رئيس هذه الأغلبية، كان في تصريحاته الأخيرة، سواء الصحافية منها أم المتلفزة، أو وصولاً إلى ما قاله في اعقاب لقائه الاستثنائي والرئيس المصري حسني مبارك، قد تحدث بمنطق مغاير تماماً، يتجاوز محاولة التبرير البائسة في المجلس النيابي، كما يناقض في الجوهر طبيعة التصرف غير اللائق بمؤسسة مجلس الوزراء في جلسته البتراء…
على أن قمة المفارقات جاءت في الحديث الليلي لوليد جنبلاط والذي أعاد فيه تركيز الحملة على النظام السوري، مصححاً بذلك »مركز الهجوم«، بافتراض أن »خلع« رئيس الجمهورية من بعبدا يبدأ من دمشق وفيها… مع إدراكه بأن مثل هذا الموقف يعقد الحل إذ يستعدي العرب، وبالذات منهم المؤهلين للمبادرة التي اعتذر سعد الحريري عن عدم الأخذ بها، وكاد يطلب تجديدها.
مع ذلك، يؤكد الجميع انهم عائدون الإثنين المقبل إلى طاولة الحوار! ويصدقهم اللبنانيون لأنهم يدركون ان ليس من خيار آخر مفتوح أمام المؤتمرين، على اختلاف اهدافهم… خصوصاً أن ما لن يمكن التوافق عليه بين المتحاورين لا مجال لأن »يؤخذ« في الشارع،.. فالشارع شوارع، والعودة اليه إليها لن تؤدي إلا إلى تدمير ما تبقى من صورة السلطة، وربما »الدولة المركزية«. فالشوارع في ظل التخاصم ستكون بمثابة التوغل في اتجاه فيدرالية الطوائف.
أي انه بدلاً من اسقاط رئيس الجمهورية سنكون أمام احتمال سقوط الجمهورية.
… إلا إذا تنبه المتحاورون في اللحظة الأخيرة إلى انه مع مثل هذا الاحتمال لن يكون أي منهم في صف المنتصرين!

Exit mobile version