يستحق اللبناني معاناته. هذا ما صنعته يداه. اتهام الطبقة السياسية وحدها غير جائز. اللبنانيون يتحملون مسؤولية ما آلت اليه حياتهم. السياسيون اللبنانيون ما كانوا قدراً. لقد انتقاهم، جيلاً بعد جيل، لبنانيون بحماسة طائفية، ودعموهم بالمزيد من التأييد. الانتخابات الأخيرة برهان: أعادوا إلى المشهد السياسي ممثليهم ومن مثَّل بهم على مدى عقود.
يستحق اللبناني مأساته. هي من صنعه وحده. صحيح أن معظمهم مدعوم خارجياً، دعماً علنيا، ولكن تطويبه زعيماً، او حاكماً، أو نائباً، او وجيهاً، او مرجعية، تم بإرادات الشعوب اللبنانية.
يستحق اللبناني ماضيه، بكل حروبه ومآسيه. ويستحق حاضره بكل بلاويه: بلا كهرباء؟ هذه مسؤولية الشعوب اللبنانية. بلا بيئة نظيفة؟ هذه القمامة وهذه النفايات تربَّت على تحزبه المذهبي. هذه الديون المليارية؟ كل هذا الهدر وهذه السرقات تمت بموافقته وقبوله. كل ما يصيب اللبنانيين اليوم هو من صنع ايديهم.
ولذلك، عليهم أن يدفعوا الثمن. المستقبل الأسود على الابواب. غدا، قد يحصل المتوقع: أن يجوع اللبنانيون. ليس هذا تهويلاً ابداً. الالسن “العلمية” تنطق به، وتحذر من الانهيار، ونتوقع أن تصبح الليرة اللبنانية، حبراً على ورق واعداداً من أصفار، بلا قيمة شرائية. ليس هذا سيناريو تآمري، إنه وليد سياسات النهب والهدر والسرقة والفجور التي تشكل العقيدة الاخلاقية لسياسيي لبنان المحظيين بهتافات تصدح: “بالروح، بالدم، نفديك يا فلان”. (ضع الاسم او الاسماء المناسبة محل لفظة فلان، أن كنت تتجرأ على ذلك). وعليه، يستحق اللبناني أن يجوع، أن تأكله القمامة، أن يتشرد من بيته، أن يصرف من عمله، أن يتخلى عن تعليم اولاده، أن يعيش بلا كهرباء، بلا ماء، وبلا أخلاق ايضا. كان عليه، أن يخرج من بيته وبؤسه، شاهراً سيفه. لم يفعل. كان مشغولاً بالاصطفاف الحاد، في معركة تأليف الحكومة. وقف مع “التيار” ضد “القوات” ومع جنبلاط ضد المير، ومع سنة “المستقبل” ضد سنة الشيعة، ومع الشيعة ضد “المستقبل”، مع “المردة” ضد كذا، ومع ذلك ضد شبيهه… يستحق اللبناني أن يخاف ويشعر بالقلق على وجوده كإنسان في لبنان، لأنه فرَّ بوجوده ليتحف البلد، بسلالة إبادة الامل، وتعميق التشاؤم.
السيناريوهات مخيفة جداً. الاستحقاقات المالية الداهمة غير مضمونة التسديد. الديون لا سداد لها. المزيد منها حاجة لإستمرار آليات الهدر. يتولى إدارة الهدر والسرقة، نواب ووزراء وزعماء، تم تطويبهم كذلك، في موسم الانتخابات الأخيرة.
الإعلام، على دين ناسه، والناس على دين زعمائها وطوائفها. لذلك، نقل المعركة، من ميدان المحاسبة والمساءلة، إلى سبق التأليف المتعذر. نظام فاسد يدعمه فاسدون. هنا العلة. هذا النظام يتناسب مع ازماته. ويلائم زعماءه، والناس الذين في كل وادٍ مذهبي يهيمون.
قد تنفع الصلوات. لم يعد عندكم غير الله، لتتكلوا عليه، ولا أظنه سيستجيب لكم سيتلو عليكم الآية: “هوذا بيتكم يترك لكم خراباً”.
إذا حدثت معجزة عدم الانهيار، وهذا ممكن، فليس يعني هذا، أن “الآلهة” اللبنانيين، وهم من أصحاب السوابق في النهب والهدر، لن يرتدعوا، ويسجدون إلى جانبهم، شعوبهم التي تصفق لهم وتدعمهم.
غدا، موعد القصاص. والقصاص مجاعة. أيها للبنانيون، هذا ليس مجازاً. أسألوا جنبلاط عن ذلك.