خذ حصتك من البراءة يا زياد. اترك لهم ذل “الانتصار”. لك ولنا، نعمة الغضب. فلنغضب معاً. نحن ضد “لبنانهم” هذا. لبنانهم يشبههم. قمامتهم اقوى من نفاياتهم، بلادهم، التي لهم، مزبلة، أينما أقمت، تقع على زواحف بشرية، بحقارات سياسية نتنة.
اغضب يا زياد. فلنغضب مثله ومعه. نحن ايضا ضحية معلنة. اسفرت “المحاكمة” عن حقيقتها السفيهة. “حقيقة” تضاف إلى ضحايا المزبلة. ليس “القضاء” وحده ضدك، وضدنا. المشهد برمته، مبني على الاعتداء علينا. السياسة، في “لبنان” تشبه القضاء عليك، وعلينا.
اعداؤك يا زياد، لا دين لهم ولا طائفة. انهم من سلالة الاغتصاب. اغتصبوا البلاد، كل البلاد التي لنا. اغتصبوا الجبال والسهول والشواطئ والفضاء وما تحت الارض. هذا لبنانهم وحدهم. اغتصبوا الوزارات والرئاسات والمؤسسات والجامعات. مدوا اياديهم القذرة إلى خبز الفقراء الانقياء الضعفاء. سرقوا من جيوب الضعفاء، مالاً لينقصوا عجز الموازنة. اغتصبوا كل “لبنانهم” واقتسموه قسمة طوائفية “متوازنة”.. ولن يرتدعوا.
“وإذا بليتم بالمعاصي”… ولم يستتروا ولن. هذه البلاد لهم، وليست لنا، يريدون “للبنانهم” شعباً يشبههم. ولقد وجدوه مستعداً لحراسة المكتسبات، ولشن غزوات سياسية طائفية على مواقع الفساد والافساد، لوراثتها وليس لمحاربتها.
مشهد المحاكمة يمت بصلة ما، بمسرح “اللامعقول”. لعلهم قرأوا فرانز كافكا. كل عبقرية المسرحيين في لبنان، لا تصل إلى جودة اخراج تمثيلية “المحاكمة”. لا تخطر في بال عبقري شرير. يلزم أن يتم تعميم اصالة التفاهة والسخف والاستخفاف. مسرحية بَلْقَاء: المطلوب براءة المرتكبين، واتهام الابرياء. وكان لهم ما ارادوا. رد الفعل، كان في انقسام سياسي طائفي حقير روتيني. نحن يا زياد، لسنا في هذا الحضيض القذر. لسنا سنة ولا شيعة ولا موارنة ولا ننتمي إلى هؤلاء، مرتزقة الطوائف وسلالاتها، من “كبيرهم” الاكبر، إلى حقيرهم، او حُقَرائهم الاصغر.
ما يقنعنا اليوم، أن الذين وقفوا معك من “الغلابى” المؤمنين بقيم العدالة والحرية والديموقراطية ودولة الحقوق والقانون، كانوا كثرة كثيرة. لقد نطقوا بالحق معك. الآخرون خرسوا عن الحق، وأوغلوا في استثارة الطائفية، أحقر المخلوقات اللبنانية واكثرها سفالة. وأفدح ما فيها من سفهاء، برتب عالية ورخيصة، وبرتب وضيعة وقذرة.
ثم، يا زياد، هل كنت تنتظر غير هذا؟ الا تعرف المثل الشعبي السائد: “الكلب ما بيعض خيو”. هؤلاء “اخوة” في الارتكاب. لقد نجوت منهم ببراءتك الدامغة. يا لذل الاتهام! يا لفداحة الضمير البائس! يا لبؤس الوطن بمرتكبيه! اخترعوا لك العمالة. ما أسهل ما ارتكبوه. يعرفون ذلك. عادة لبنانية وضيعة. الخيانة وجهة نظر. غريب جداً. كيف نظل من ركاب هذه القافلة التي تعاقر الخيانة، اينما اتجهت.
تصوروا لو فازت الخيانة. تصوروا لو مضوا في “التراجيديا” إلى نهايتها. تصوروا زياد عيتاني، معلقاً على تهمة الخيانة. نعم. كان ذلك ممكنا جداً. من له قدرة اخراج وتمثيل “مسرحية البراءة” لمفبركي العمالة، يستطيع أن يربط حبل المشنقة ويغسل يديه من زياد عيتاني.
زياد عيتاني، ليس قصة تُروى. كان يلزم أن تكون مفصلاً في السياسة اللبنانية. مثل هذا يُسقط حكومات، يغير عهوداً، ليعاد إلى الحق نصابه. عبث. “لبنانهم” يحتفل بهذا الاداء المسرحي الباهظ والحقير “لبنانهم” يشبههم. انظروا اليه جيداَ. انه معروض امامكم بكل بشاعته وجبنه وسياسته وفضاءه وقدره.
نحن لسنا من هذا “اللبنان” ابداً. لهذا نتطلع إلى زياد، “فنحتفل” بمرارة الاعتداء والنجاة من اظافر القضاء والقدر.
هذا القضاء، منك وعليك. فاحذره كثيراً. ولا تناموا بين القبور كي لا تروا منامات وحشية وموحشة.
هنيئاً لك يا زياد. ويا أنبل من في لبنان، الذين رفعتم صوتكم عاليا، يلزم أن نصل إلى مرحلة نرفع فيها قبضاتنا في وجوههم السافلة… فإلى يوم آخر يا زياد. يوم العدالة لكل المظلومين، في السياسة والمال والتعليم والهيئة وهلم جرا.
شكراً، لكل من رفع اصبعه احتجاجاً على “مسرحية البراءة المجرمة”.