طلال سلمان

إسرائيل 2024: صعوبات في القطاعات كلّها

غزة ـ حلمي موسى

اليوم السابع والثمانون. صباح جديد، يوم جديد، شهر جديد وعام جديد. وتمنياتنا بالسلامة والفرج والنصر كل يوم وشهر وعام لشعبنا الصامد.

يوم أمس، أعلن جيش الاحتلال عن بدء تقليص عدد قواته العاملة في عدوانه على قطاع غزة. وأوحى هذا الإعلان بأن الامور تسير وفق خطة العدّو، وأن العدوان حقق أغراضه والوقت حان للعودة الى الوضع الطبيعي.

والحديث يدور عن ما بين خمسة الى سبعة ألوية، بينها على الأقل لوائي احتياط. ومعروف أن تنفيذ هذا القرار يتم تدريجيا وقد يبدأ بعد أيام ويستمر لأسابيع.

ويأتي القرار بعد مرور ما يقرب من ثلاثة شهور على بدء الحرب، بناء على أسباب كثيرة، ويتعين وضعه في سياقه.

هناك، بداية، الجانب المعنوي الرامي للإيحاء للجمهور الإسرائيلي بأن الحرب تقترب من نهايتها وأن الانجازات تشير الى ذلك.

وهناك أيضا الجانب الاقتصادي، حيث أنّ هناك قطاعات كاملة في الاقتصاد شُلّت تماما، ولم تعد فاعلة، وخصوصا بسبب غياب العمالة الفلسطينية في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات العامة، بالإضافة إلى تجنيد ما يزيد عن ربع مليون جندي للمشاركة في العدوان.

ومعروف أن تجنيد موظفين وعاملين في القطاع التكنولوجي أضرّ كثيرا بالاقتصاد الإسرائيلي وأن محاولات جلب عمال من كل من الهند والصين ودول أوروبا الشرقية وجنوبي شرقي آسيا لم تنقذ الاقتصاد الإسرائيلي. من جهة أخرى، وضعت الحكومة خطة لتعويض غياب العمالة الفلسطينية بعمّال من سريلانكا والصين والهند ومولدافيا. وتتجاوز حاجة إسرائيل لليد العاملة الثلاثمئة وخمسين ألف عامل لكي تتمكّن من التخلي عن العمالة الفلسطينية من الضفة والقطاع.

ولا بد من الإشارة أيضا الى أنّ القوات التي يُراد تقليصها في غزة لن تكون جميعها قيد التسريح، بل بعضها فقط، حيث تعود الألوية الأخرى، خصوصا النظامية منها، إلى دورتها الاعتيادية في التدريب والحراسات وما شابه. ومعروف أن من سيتم تسريحهم لا يشكّلون إلا نسبة ضئيلة من عديد القوات الإسرائيلية، سواء تلك العاملة في غزة أو المجهزة احتياطيا لاحتمال اندلاع حرب مع حزب الله في الشمال. فعديد القوات المراد تقليصها لا يزيد عن عشرة الى 12 ألفا من بين مجمل حجم قوات يقترب من نصف مليون جندي بين نظامي واحتياطي.

هكذا، فإن القرار في جانب منه يسمى معنويا لتهدئة الرأي العام خصوصا في القوات الاحتياطية، ويمسى في جانب آخر إنعاشا لقوات تُنقل من ساحة القتال إلى مناطق اعتيادية أو أقل خطرا.

ويبدو أن قرار تقليص القوات لم يكن بالغ الأثر بين الإسرائيليين نظرا لأن الحرب مازالت قائمة.

وعند منتصف الليلة الماضية، أطلقت المقاومة عشرين صاروخا نحو تل ابيب، ومن شمالي غزة، ما يؤكّد أن وجود قوات الاحتلال في شمالي القطاع لم يوفر سيطرة تامة ولم يمنع استمرار العمليات ضد قواته ولا إطلاق الصواريخ على مدن ومستوطنات الداخل.

إلى ذلك، يستمر قادة إسرائيل، وخصوصا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في التهديد باحتلال محور فيلادلفيا في رفح، فيما الحرب مازالت جارية بقوة في أحياء الدرج والتفاح في مدينة غزة. ويدفع نتنياهو لرفض عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، ما يُبقي الحرب من دون آفاق للحل.

ويرفض سكان مستوطنات الشمال وغلاف غزة العودة الى مستوطناتهم بالرغم من إغراءات الحكومة. ومعرف أن هناك ما لا يقل عن مئتي ألف مستوطن غادروا مستوطنات غلاف غزة بأمر حكومي. وقد أقرّت الحكومة استمرار تمويل وجودهم في فنادق ومنتجعات حتى نهاية شهر شباط المقبل.

ويوم أمس أيضا، أُعلن عن زيادة أسعار الوقود في إسرائيل بنسبة لا تقل عن ثمانية في المئة. وهذه واحدة من جملة إجراءات بدأتها حكومة نتنياهو لزيادة الضرائب بهدف تغطية تكاليف الحرب.

وليست المصاعب الاقتصادية والمعنوية سوى جزء من مجموع المصاعب التي تعترض الجيش والقيادة السياسية التي تصطدم بين وقت وآخر بالإدارة الأميركية التي تتعرض بدورها لضغط الرأي العام لمواطنيها. وإذا أخذنا بالاعتبار حجم الخلاف بين الدولتين في كل ما يتعلق باليوم التالي، فإن هناك حذر من تصاعد الخلاف. وذهب أمنون إبراموفيتش، وهو أحد كبار المعلقين السياسيين في القناة 12 الإسرائيلية إلى حد التحذير من أن إسرائيل، إذا أرادت أن تخوض الحرب من دون الولايات المتحدة، فعليها “أن تخوضها بالعصى والحجارة”.

إلى ذلك، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل أن حاملة الطائرات جيرالد فورد ستغادر المنطقة الأيام المقبلة. على صعيد آخر، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن الأجهزة الأمنية والنيابة العامة تخشى أن توجّه “محكمة العدل الدولية” إلى إسرائيل تهمة “قتل شعب” في غزة، بعد الدعوى الذي قدّمتها جنوب أفريقيا”، مضيفة أن “الجيش والنيابة بدآ الاستعداد للتعامل مع هذه الدعوى، وستجري وزارة الخارجية الإسرائيلية اليوم اجتماعا حول الموضوع”.

في كل حال يبدأ العام وسط خلافات المسؤولين في الكيان، على أمل أن يزداد تأججا، خصوصا بين المتطرفين في حكومة نتنياهو وبين الأقل تطرفا من بينهم.

Exit mobile version