طلال سلمان

أبـو يحيـى

لا يليق بك الحزن، يا روح الفرح، وها نحن جئناك لنتعلم منك عشق الحياة.
لقد اجتمعنا من حولك، وكنت تجمعنا فيك، تلهبنا حماسة، تطربنا حتى السكر، تنعشنا وتجعلنا «ندبك» فوق همومنا وأسباب قلقنا، في هذه المرحلة ولادة الحزن: ممتشقاً عصاك، تهشّ بها على العابس أو الجالس مسلماً بعجزه عن اللحاق بك وأنت تحلق بروحك ناثراً الفرح، مطارداً من يهرب من الحلبة بذريعة أنه لا يتقن الدبكة. كنت تصيح به وأنت تخبط على صدرك: منبع الفرح القلب، فانطلق، فإذا الليلة عمر..
ها نحن هنا، من حولك، وبيننا من كنت تناديه دائماً، حتى في غيابه: «وينو ابن حليحل»… ها هو علي حليحل الذي قدم لنا أجمل هدية بأن عرّفنا إليك قائلاً بزهو بعلبكي صريح: إن خطواته مشعة! انها لتكاد تكون شعراً! ثم قدم لنا معك بعض أجمل ما غنى الناس فزادوا عشقاً لبعلبك. كذلك فهو من جعل «العرجه» لغة لزخم الشباب وزهو الرجولة حين عززهم بالصوت الشجي.
ولقد بتنا مدمنين: نقصدك حيث أنت، في بعلبك، في بيروت التي انبهرت بك وجعلت ماجدة الرومي تغني وهي تطير نشوة، نقصدك في الخيام ومسرحها في الحاصباني وسائر الجنوب، في أنحاء الجبل، حيث يحلّ الفرح حيثما حللت مع رفاقك الذين نحسبهم «ختايرة» وما هم بالختايرة، وإنما شُبّه لنا..
ها نحن من حولك نمتحن طلال حيدر في شعره وقدرته على أن يجاريك في انتزاع التأوهات بشعره أكثر مما تنتزع منها بحضورك يا روح الفرح..
وها دير الأحمر تشارك ببعض قصيدها الذي تظلّ نبرته بعلبكية.
وها هم رفاقك وتلامذتك قد اجتمعوا وهم يقسمون أن يحموا وجودك فيها بالحفاظ على خطواتك باعتبارها مدرسة – جامعة.
ولقد انتبهت الدولة إلى خطورتك أخيراً، فجاءك من يمثلها في تكريمك.. أيها العمود السابع في هيكل بعلبك التي تكبر بأهلها وبروحها التي كنت بعضاً منها. أما مَن يمثلها هنا فقد غدا منّا لأن الدولة نسيت عمر ياسين وما نسينا، كذلك فقد أوفدت لنا من أهلنا في بعلبك والقاع، فشكراً أنها لم تفرض علينا من يخاف من الفرح.
هيا يا أبا يحيى، إلى الحلبة… لا يحلو الكلام في حضورك! أعرف أنك مستغرق الآن في مغازلة الجميلات، فامنحنا دقائق وعُد إليهنّ أيها الفارس النبيل.

Exit mobile version