«ثمانون» عادل إسماعيل: ابن دلهون يروي فضائح دولتنا!
ندر ان قرأنا للمؤرخ الكبير الذي فقدناه مؤخراً، عادل اسماعيل، كتابات عن لبنان ـ اليوم، عن دولته ومؤسساتها، وعن وزارة الخارجية فيه ومن تولوا شؤونها سواء في موقع الوزير أو الإدارة الداخلية أو السفارات في الخارج.
ولقد شاء القدر (أو المؤلف؟) أن يصدر آخر كتبه الذي خصصه لسياسة لبنان الخارجية، وتحديداً لوزارة الخارجية التي أعطاها عادل اسماعيل شبابه وكهولته جميعاً، بعد رحيله عنا، وهو قد أعطاه عنوانا يومي بمضمونه: «ثمانون… ذكريات في ما وراء جدار الصمت».
«ثمانون» عادل اسماعيل يؤشر أكثر مما يصرح، فهذا الدبلوماسي العريق لم يغادر لغته الراقية والتزاماته بالموجبات الأخلاقية تجاه دولته وزملائه في الوزارة التي عمل في مواقع كثيرة منها، في الداخل وفي عواصم عالمية متعددة… وهو قد جاهر بالتزامه في السطور الأولى: «طوال ستة عقود من حياتي حصرت كل اهتمامي في التحدث عن الآخرين ممن عاشوا في القرون السابقة، وأولئك الذين قاموا بأدوار مهمة في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر، وقد تحدثت عنهم كما لو كانوا أصدقاء لي وكنت واحداً منهم أعيش بينهم حياتهم اليومية بمآسيها وأفراحها.. اما اليوم وقد بلغت الثمانين من عمري فقد رأيت ان الوقت قد حان لأتحدث عن حياتي الخاصة».
في الكتاب الذي يضم بين جنباته محطات سياسية مهمة ومواقف ملتهبة في مواجهات قاسية بين العديد من القيادات العربية يلتزم عادل اسماعيل التحفظ الشديد، فيومئ ولا يصرح، ويشير ولا يفضح.
انه في الكتاب، كما في سلوكه، ابن قرية دلهون في اقليم الخروب، الفقير والمهمل والمتروك للريح، لا هو موضع اهتمام الدولة ولا السياسيين.. وهو يعترف انه، كغيره من أبناء الاقليم، سعى إلى الوظيفة العامة كسبا للعيش وتأميناً للمستقبل. وعلى هذا تقدم لامتحان وظيفة مساعد قضائي، فجاء أول الدفعة. ولكنه فوجئ باسمه وقد سقط من قائمة الناجحين عندما نشر المرسوم بتعيينهم، ثم تبين له ان من عينوا هم من لديهم وساطة.
المهم انه بعد حين قصد باريس وانتسب إلى جامعة السوربون، قبل ستين سنة.. وهناك تعرف إلى الدكتور الفرد خوري، الذي سيكون له دور مؤثر في مستقبله. فألفرد هو شقيق اميل خوري، الذي عرفه اللبنانيون مؤرخاً وكاتباً مجيداً، حتى لقد تم تمييزه بلقب «الكاتب الكبير»، والذي سيكون مستقبلاً شريك عادل اسماعيل في إنجاز مجموعة من المؤلفات عن تاريخ لبنان ـ ما قبل الدولة التي نعرفها.
عام 1957 عاد عادل اسماعيل إلى لبنان وعين مفتشاً للتعليم بدعم من المدير العام لوزارة التربية الدكتور نجيب صدقه الذي سيغدو صديق العمر… وبين «اللطائف» التي يرويها انه كلف بمنصب مقرر لجنة اصلاح وزارة التربية (مع بدايات العهد الشهابي)، وذات يوم، استدعي إلى القصر الجمهوري ليقدم تقريره إلى مجلس الوزراء، فإذا بالوزير الشيخ بيار الجميل ينتفض معترضاً ويرفض ان يستمع إلى حديثه من دون ان يكون حاضراً الأب اغناطيوس مارون، سكرتير عام المدارس الكاثوليكية!! وثمة واقعة أدهى: فقد اعترض مسلمو العاصمة والمدن الكبرى على تعيين عادل اسماعيل مديراً عاماً لوزارة التربية لأنه «ليس منا. انه ابن اقليم الخروب، وإسلامه فاتر. أي مسلم هذا الذي درس في باريس ويكتب بالفرنسية؟!». بالمقابل زار وفد من المطارنة الرئيس فؤاد شهاب ليبلغه رفض تعيينه في وزارة التربية «وهي وزارة توجيهية لانه مسلم متعصب، لم نعرفه ولم نتحدث إليه»!
انتهى عادل اسماعيل إلى وزارة الخارجية، ومرة أخرى بدعم من نجيب صدقه. وكان أول مركز عمل فيه القائم بالأعمال في اسبانيا، التي تعلم لغتها. وهناك وقعت له حوادث لافتة بينها ان بعضهم أراد تزوير سجلات السفارة، فحاول ان يجعل من الثمانمئة مغترب خمسين ألفاً بالتعصب، فلما اعترض هددوه بالنفي إلى سفارة ما في أفريقيا!
يروي عادل اسماعيل وقائع مخزية عن نفر من الدبلوماسيين العرب، بينهم من كان لا يعرف شيئاً عن تحويل مجرى نهر الأردن، وبينهم من وصل إلى باريس ليشتري قلم جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار بخمسين ألف دولار.
ولقد شهد عادل اسماعيل، وبعد هزيمة 1967 مباشرة، قمة الخرطوم الشهيرة بقمة اللاءات الثلاث. وهو يتجنب الخوض في وقائع ما دار بين القادة.. لكنه لا يستطيع القفز من فوق واقعة محددة وهي ان وزيراً لبنانياً طالب ان تضاف خسائر لبنان في موسم الاصطياف إلى خسائر العرب في الحرب! كذلك فانه ينقل عن رئيس الحكومة السودانية آنذاك محمد احمد محجوب انه قال للرئيس اللبناني: سمعت ان بعض اللبنانيين قد اشعلوا النيران على قمم التلال أو على سطوح بيوتهم ابتهاجا بهزيمة العرب! وبالمقابل فانه كان بين اعضاء الوفد اللبناني من «لا يريد ان يزج بلبنان في هذا الصراع الذي لا يعنينا»! ويذكر أيضا وأيضا بانه بحث، ذات ليلة، عن وزراء الخارجية العرب فاكتشف ان بعضهم قد انزووا في قاعة الاجتماعات يلعبون البريدج او البوكر، في حين كان الرؤساء مجتمعين لمناقشة امور مصيرية… (وكان الوزير اللبناني بين المقامرين!).
ينقل عادل اسماعيل كلمات مؤثرة للملك فيصل عن لبنان وأوضاعه المضطربة ـ آنذاك، كما اليوم! ـ بينها: «انتم مقبلون على كارثة، ويلزمكم الكثير من اليقظة والانتباه!. وبينها: حرام عليكم، بل حرام على العرب ان تغلق تلك النافذة التي يأتينا منها النور المشع والهواء المنعش»… كما ينقل عنه بعض ذكرياته عن أيام الفقر في مملكة الذهب الأسود، ومنها: «هل رأيت في حياتك طحين الشعير؟ قبل اكتشاف النفط في المملكة كنا جميعا نأكل خبز الشعير، فكانت النساء حين يضعن الماء على طحين الشعير لعجنه يتحول إلى كرويات صغيرة غير متماسكة… لهذا تضيف النساء بعض طحين القمح لكي يتماسك العجين… فأين طحين القمح العربي اليوم؟!».
على ان بين أهم ما يرويه عادل اسماعيل بعض الوقائع عن زيارة وزير الخارجية الأميركية هنري كيسنجر إلى لبنان ولقائه الرئيس سليمان فرنجية في مطار رياق العسكري في خريف 1973. وانطباعه ان كيسنجر يحفظ غيباً مقولات مكيافيلي صاحب «الامير»، وكان دائم الابتسام والضحك.. وأبرز ما قاله يومها: يؤسفني ان أترككم الآن، فبلادكم جميلة، وأنتم أهل ثقافة وعلم، والحديث معكم مفيد، ولقاؤكم مدعاة للراحة (!!) لكنني لا أستطيع البقاء معكم لأنني أنتقل الآن إلى إسرائيل وسأمضي الليل مع غولدا مائير… وأترك لكم ان تقدروا وضعي!
يروي عادل اسماعيل وقائع مرعبة تتصل بالحرب الأهلية، بينها سرقة البنك البريطاني والمعركة الوهمية التي دارت رحاها للتغطية، ومجزرة السبت الأسود وانعكاساتها على البلاد، وقادة الميليشيا الذين كانوا يعرضون على المستوردين البضائع التي سرقوها من المرفأ.
على ان أطرف ما يذكره هو انه رأى، ومرة واحدة طوال عشرين سنة، الملك فيصل وهو يبتسم، حاجبًا وجهه بكوفيته.
رحم الله عادل اسماعيل… لقد أعطانا مكتبة كاملة عن لبنان الذي صنعه غير أهله، وهو في هذا الكتاب الأخير يروي لنا بعض النتف عن لبنان كما صنعه بعض أهله… فلا نكاد نميز الفارق!
عن رحلة قصيرة في قلب الهموم العربية الكثيرة!
قال الصديق الذي يقاسمني عواطفي وأفكاري:
ـ أحمل إليك تحيات مطرزة بالشجن… الضاحك! تعرف أنني، حين تثقل عليّ الهموم بما يتجاوز الطاقة أهرب إلى عاصمة الحزن التي كانت مركز الأمل العربي في غد أفضل، القاهرة. اذهب لليلة أو ليلتين إلى رفاق السلاح في الزمن الجميل، او من تبقى منهم، فنتلاقى ليس للندب على الماضي ولكن لمحاولة استكشاف ما ينتظرنا في غدنا، بالاتكاء على خبراتنا وتجاربنا التي عرفتنا إلى حقائق حياتنا وما افترضناه من ثوابت اليقين في مجتمعاتنا قيد التكوين.
سألت: طمّنّي، أولاً، هل ما يزال النيل يتهادى بصمته المهيب ناشراً الخير على امتداد أرض المحروسة.
قال يكمل كلامه وكأنه لم يسمع سؤالي:
ـ تعرف أننا لم نعد كثيرين. بعضنا غادر بغير وداع، وبعضنا دارى خيبته بالتقاعد المبكر، وبعض ثالث قرر ان يبقى شاهداً صامتا، مفترضاً انه ـ بمجرد وجوده ـ يردع عن التمادي في الغلط حتى يحمي بعض بعض الانجاز الذي كان يعطي الغد ملامحه المضيئة، وثمة بعض أخير يحاول ابتكار اساليب جديدة للصمود في وجه الغلط الذي يكتسح المعنى النبيل للحياة.
قلت: البداية طبعا مع «الاستاذ».
قال: لا يجوز ان نبدأ بغيره، فهو الشاهد على زماننا الذي يعرف كل شيء عن كل من يستحق الذكر من أهل السياسة في الوطن العربي وعالم التأثير فيه بالقوة او بفنون الاحتيال الدبلوماسي وبينها استخدام «العدو» للارهاب، أو استخدام المصالح للاقناع! تعرف ان ليس لليأس مقعد في مجلس «الاستاذ». ليس أقوى ممن لا يطلب شيئا من غيره، لان ما عنده أعظم بكثير مما يحلم به من رفعتهم المصادفات الى سلطة بلا مجد. انهم يخافون مما يعرف في حين انه لا يخاف الا من جهلهم… ولقد تأخر الموت فنظم انتظاره المتبادل حالة الهدنة بين الطرفين.
قلت: ومَن بعد «الاستاذ»؟!
قال: تعرف انني من هواة الآثار، لذلك ذهبت إلى جامعة الدول العربية لأ تأكد ان ثمة بعد من يشغل مبناها العتيق الذي كان يحلم من بناه بأن يكون مركز القرار العربي الموحد… كان الضيوف كثرا في ذلك اليوم، فوجدت عند المدخل فلسطين، وفي قاعة الانتظار العراق اما الموعد الليلي فلأهل السودان.
أما الساسة من أهل «السلطة الفلسطينية» فيأتون اليها كلما احتاجوا إلى التغطية على تنازل جديد… وأما بعض الساسة من العراقيين فيأتون اليها بوصفها مكبر الصوت الموصل إلى واشنطن، في حين ان بعض الساسة من أهل السودان يجيئون كي ينظموا ـ معاً ـ قصائد الرثاء في الدولة التي أضاعها حكامها عبر صراعاتهم على السلطة التي استخدموا في سبيلها الدين والعرق والوطن فذهبوا بها جميعاً.
قلت: كانت هذه الزيارة ضرورية لترى بعدها كل شيء جميلاً.
قال: بل لقد كانت السهرة جميلة فعلاً، تتفجر الضحكات فيها متوالية كأنما لتعوض عن جفاف الأيام بأحداثها الكالحة، ولتكسر سور اليأس من اليوم والغد.. صحيح ان القاعة قد ضاقت عن استيعاب الهموم المتنوعة، سياسية وثقافية، معيشية وفنية، واننا اكتشفنا تدني المستوى الذي ضرب مختلف جوانب الحياة بدءا بالسلطة وانتهاء بالسلوك الاجتماعي، لكن روح الظرف التي تميز الاخوة المصريين كانت تجعلنا نضحك من مآسينا، حتى لو اعتبرته ضحكا كالبكاء.
[[[
طرفة السهرة كانت حكاية بيع جريدة «الدستور» في القاهرة من وراء ظهر رئيس تحريرها والعاملين فيها. أما بائع الامتياز فهو عصام إسماعيل فهمي، وقد كان والده واحداً من وزراء خارجية أنور السادات. وأما المشتري فهو واحد من «القطط السمان» السيد البدوي، الذي جمع بين الثروة والسياسة، فغدا رئيساً لحزب «الوفد» الذي لا يعرف كيف يحرر نفسه من تاريخه.
ولأن «الدستور» هي خلاصة نجاحات رئيس تحريرها إبراهيم عيسى الذي كلفته جرأته في المعارضة تهديدات ومحاكمات كادت تنتهي بسجنه لولا «العفو الخاص» الذي أصدره مَن بيده الأمر، فقد رفضت أسرة التحرير التي فوجئت بالبيع وبعزل رئيس التحرير قبيل منتصف الليل، هذا الأمر الواقع الذي يفرض عليهم.
تحرّك صحافيو مصر عموماً وانقسموا إلى جبهتين متعارضتين وثالثة محيّرة، تنتظر الموقف الفعلي للسلطة في اللحظة الأخيرة.
المهم أن حركة تضامن واسعة تلتف الآن من حول إبراهيم عيسى فتحميه، وأن أسرة «الدستور» ترفض من عيّنهم المالك الجديد رؤساء للتحرير، بل إن بعض هؤلاء قد خاف فاعتذر عن عدم قبول المنصب.
أما التشنيعات من حول المالك الجديد فأكثر من أن تحصى، وأبرزها أنه وكيل «الحبة الزرقاء» في مصر..
وخلال السهرة تعاقب قدامى رفاق السلاح في الإشادة بالتطوير الذي سيصيب الصحافة في مصر بفضل… الفياغرا!
شردت للخطة مع أفكاري: الصورة واضحة: في بعض بلادنا تصير «الدولة» كلية القدرة، تملك أسباب الحياة جميعا، من الوظيفة إلى الماء والكهرباء، الى الرغيف والتعليم، إلى مساحة الهواء الكافية لاطلاق الرأي. وفي البعض الآخر من بلادنا لا وجود حقيقيا للدولة، وعليك ان تتدبر أسباب حياتك جميعاً من الأمن إلى الخبز، ومن المدرسة إلى المستشفى، ومن الوظيفة إلى السكن. ومصادر الرزق محدودة ومعدودة، تحاول حماية نفسك بمرجعية ما، غالباً ما تكون «فئوية» أو «جهوية» أو «اقطاعية» أو كل ذلك معاً، وبالتالي فهي لاغية للدولة ولاغية لك كمواطن. تصير رعية.
عاد صديقي يتابع سرد وقائع السهرة، قال:
ـ في لحظة انتبهت الى ان المحتشدين في تلك الغرفة هم مجموعة من المواهب المعطلة… بينهم من كان رئيسا للتحرير في صحيفة كبرى ثم تم الاستغناء عنه لأنه اعتذر عن قبول منصب قيادي في الحزب الحاكم، وبينهم من أحيل على التقاعد قسراً لان رئيس مجلس الإدارة «اكتشف» متأخراً ان «زميله» هذا أكثر ثقافة ومعرفة منه… وبينهم من يرحل بكتاباته الى مواضيع تتصل بالسياسات الدولية حتى لا يصطدم بالسياسة الرسمية… بل لقد دلت بعض التشنيعات الضاحكة على ان لإسرائيل رأيها في توجهات رؤساء تحرير الصحف والمجلات الحكومية، وانها تشكو بعضهم فتتحول الشكوى الى قرار بالإقالة او بالتأنيب على أقل تقدير.
شردت مرة اخرى مع خواطر فجة: كيف نتحدث عن الإرادة والاستقلال والسيادة والقرار لآأخر الذي يحكمنا او يتحكم بنا. سقى الله أيام الانتداب او الاحتلال الأجنبي فقد كان الوضع مفهوما: الأمر لصاحب الأمر، وهو اجنبي دخيل. أما اليوم فقد بات الأجنبي «داخلنا».
انتبهت من شرودي وصديقي ينهض استعداداً للانصراف. قال:
ـ استعد كي نسافر معاً، بعد أسابيع. ان الأوضاع في مصر ليست مبهجة.. لكن جلسة مثل هذه التي أمضيتها مع الأصدقاء من رفاق السلاح تمدك بالأمل… لا تستغرب، قد لا تعرف مصدر الأمل تحديداً، لكن وجودهم، قدرتهم على التحمل، نمط مواجهتهم للمشكلات بالنكات والتشنيعات، صمودهم في وجه محاولات شراء أقلامهم.. ثم ارتباطهم بالأرض وناسها، كل ذلك يفتح باب الأمل… ولو الى حين!
وها أنا استعد لرحلة جديدة في قلب الأحزان ولادة الفرح الآتي ذات يوم.
مــن أقــوال نســمة
قال لي «نسمة» الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
ـ يزهر الحب متى شهد عليه عـشاق آخرون. تنشب مباراة بالنظرات الخاطفة والغمزات واللمسات، قبل ان يحـاول كل زوجين اثنين ان يفوزا بجائزة «العاشق الأعظم»!
حبــيــبي يدّعــي انه حامل الجــائزة… وأنا الشــاهد والشــهيد!