طلال سلمان

هدية بوش الى شارون

بضربة واحدة، غيّرت الولايات المتحدة الأميركية جدول الأعمال الفعلي لاثنين وعشرين دولة عربية (ما عدا الكسور)..
بل إنها غيّرت أو بدّلت موضوع الاهتمام الفعلي للمواطن العربي على امتداد الأرض العربية، لتجرّعه خيبة أخرى من أنظمته ومن عجزه عن التغيير.
بضربة واحدة، فرضت الإدارة الأميركية الجديدة تراجع انتفاضة الأقصى عن موقع الصدارة في الاهتمامين الشعبي والرسمي، بوصفها مركز الدائرة بالنسبة لمجمل التطورات المحتملة في المنطقة، وخصوصاً أنها تتصل بالموضوع الأساسي للصراع الأصلي، العربي الإسرائيلي، وهذه المرة على أرض فلسطين وكنتيجة مباشرة لنضال شعبها وتضحياته التي بلا حدود.
صار العراق هو الموضوع، والعراق من باب نظامه المختلَف عليه إلى حد الحرب، وليس من باب معاناة شعبه لحصار التجويع والرعب، هذا الشعب الذي دفع وما زال يدفع ثمن حروب نظامه والحروب على نظامه، وهي مفتوحة ولا تبدو لها خاتمة في المدى المنظور.
بل صار صدام حسين هو الموضوع، لكي يستعيد الصف العربي انقسامه، وليجد الراغب في الهرب من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومن واجبه القومي (بل الإنساني؟!) في دعم الانتفاضة وحماية ما تبقّى من فلسطين ومن شعبها فيها، الذريعة وباب الخروج تحت عنوان أنه ضد طغيان صدام في الداخل وضد مقامراته الدموية في الخارج وآخرها غزو الكويت.
كانت قضية نضال مشروع لشعب مقهور من أجل حقه في أرضه وفي قدسه الشريفة عاصمة لدولة هي في منزلة الأحلام… وكان الإسرائيلي محاصَراً بجرائم قتل الأطفال واغتيال البيوت والأشجار وحصار التجويع والإذلال لشعب سبق أن هجَّره بالمجازر المنظمة التي صار أبطالها حكاماً، وآخرهم هو هذا الذي »انتخبه« الإسرائيليون قائداً في الألفية الثالثة، ألفية ثورة الاتصالات والمواصلات وحقوق الإنسان..
وها هي القضية في طريقها لأن تتحول إلى انقسام سياسي من حول نظام صدام حسين، الذي تسبّبت مقامراته الحربية في جعل العرب عربَين، وفي خسارة العرب »حربين« غير مبرّرتين، وفي إعادة الاعتبار إلى الاستعمار جديده والقديم طالما قد اكتسب صورة »الحامي« بل »المحرِّر« من »احتلال« الشقيق!
صار للقمة موضوع غير ما كان يفترض أنها ستجتمع من حوله حتى لو لم يكن من أجله مباشرة.
.. ووصل الانقسام إلى داخل الأرض المحتلة، فاندفع بعضهم نحو صدام حسين، ولو من باب الرد على العدوان الجديد أو دعم الضحية الجديدة القديمة.
وتعددت سبل الهرب من حيث لا يجوز الهرب.
بضربة واحدة قدم جورج د.بوش هدية زفاف غالية كما الدم الفلسطيني لشريكه في رحلة الاستطلاع الجوي للاحتلال الذي تريده إسرائيل أن يدوم: السفاح أرييل شارون.

Exit mobile version