طلال سلمان

نظام طائفيي وطائفيك!

يعيش “الشعب” في لبنان حالة من الانقسام الدائم والمثبتة قواعده في الدستور والقوانين المرعية الاجراء و.. النفوس، بحيث يستحيل التخلص منها بغرض استعادة وحدته.

يبدأ الانقسام سياسياً، كما في كل جهات الارض ودولها.. وتكون حلوله واضحة بل معروفة.. ثم ينزلق الحوار إلى وهدة الطائفية والمذهبية فيتردى متحولاً إلى شتائم واتهامات بالتعصب والانغلاق ومجافاة روح العصر، فاتحاً الباب امام ريح الحرب الاهلية التي تكمن دائماً خلف الابواب المواربة.

كل حكومة جديدة مشروع انقسام خطير ينتهي بحكومة “كيف ما كان”، بذريعة تحقيق التوازن، مما يقرب البلاد من خطر الحرب الاهلية.

ذلك أن السياسة في لبنان، وبالتحديد عند صناعها واقطابها وممارسيها، هي مجرد قناع للأغراض والمصالح التي لها زعامات دائمة بقوة ادعاء تمثيلها للطوائف والمذاهب..

الطائفة قدس الاقداس، وهي اهم من الدين بما لا يُقاس.. خصوصاً وان الطوائف ما ولدت ونمت واستكملت “شخصيتها” الا على حساب الدين، يستوي الامر في ذلك عند المسيحيين كما عند المسلمين.. فالقديسون والاولياء الصالحون اهم من الانبياء، والزعماء السياسيون أخطر من الانبياء والقديسين والأولياء في آن معاً.

لقد توقفت الحروب الدينية والمذهبية، في العلن، منذ زمن بعيد.. لكنها استبطنت في دول الشرق السياسة… فوراء كل خلاف سياسي، في الغالب، غرض طائفي او مذهبي مستبطن لكي يمنح “الزعيم” قوة لا يتيحها موقعه في اللعبة السياسية، الا اذا جنح بها الى الطائفية او المذهبية مما ينذر بحرب اهلية جديدة، ويكون السبيل إلى منعها الغاء السياسة واحزابها العقائدية وشعاراتها الاقتصادية والاجتماعية، والعودة إلى المنطق الطائفي والمذهبي، وبالتالي إلى التسويات العرجاء والمشوهة لطبيعة الصراع بما يدفع البلاد إلى حافة الحرب الاهلية..

لهذا، وفي ظل نظامي طوائفي فرضته التسويات الدولية على لبنان، بمعزل عن إرادة شعبه، بل عبر فرض التقسيم الدائم طائفي المنطلق على شعبه، تنتفي السياسة كصراع افكار ومصالح بين مكونات شعبه، لتحتل الطائفية المسرح وتتحكم باللعبة السياسية فتلغيها، بذريعة تجنب الفتنة.. في حين أن الصراع السياسي، بالعقائد والافكار والمطالب الموحدة، هو الذي يلغي الطائفية ويعزل الطوائفيين باعتبارهم من محركي الفتنة ومستثمريها والمنتفعين باحتدامها.

النظام الطوائفي مصلحة اجنبية فرضها المستعمر، واستولد لها طبقتها الحاكمة، وابتدع لها دستور هجين، بعضه فرنسي، وبضعه الآخر ملفق، مع تمويه عبر بدعة “الوحدة الوطنية” بما هي توازن مستحيل بين “الاكثر” و”الاقوى” مما يديم الخلل في “النظام” ويمنع الوحدة الوطنية، ويجعل الحياة السياسية مستنقعاً تتوالد فيها الجراثيم السرطانية والزعامات الطائفية، ويحكم على “الشعب” و”وحدته الوطنية” بالاندثار.

على هذا فان هذا النظام الذي استولده الاجنبي ورعاه لحقبة طويلة، يحتاج دائماً إلى “راعٍ” يشكل المرجعية التي تبتدع الحلول، من داخل النظام وليس من داخل “مصلحة الوطن” او “الدولة”، بما لا يخلخل تركيبة هذا النظام المستولد في غيبة شعبه..

وليست الانتخابات، أي انتخابات وكل انتخابات الا محاولة تزينية لهذا النظام، لا تمس جوهره المحروس بالدول الذي اصطنعته وحمته حتى اليوم..

ربما لهذا تتبدى أي انتخابات، وكل انتخابات، رئاسية كانت، او نيابية، وكأنها مشروع حرب اهلية جديدة… وضمن هذا السياق ذاته يمكن النظر إلى أي مشروع لتشكيل حكومة جديدة.

وبالنتيجة، يفرض على هذه المجاميع من الطوائفيين التي تسمى “الشعب” أن تعيش في ظل مناخ حرب اهلية مفتوحة… وعليها، كل مرة، أن تدفع من حقها في “وطن” و”دولة” ثمن “السلم الاهلي” الذي يهدده تعيين “حاجب” في هذه “الوزارة” او نقل “ضابط” من فصيلة إلى أخرى او محاسبة لص او قاتل او مرتكب من هذه الطائفة او تلك..

فكيف بالرئاسة الأولى والحكومات وقوانين الانتخابات؟

ترلم، ترلم، ترلم… طائفيي، وطائفيك!

 

Exit mobile version