طلال سلمان

نتنياهو يراوغ في المفاوضات وسط ارتفاع ضغط الشارع

رفح ـ حلمي موسى

177 يوما على العدوان، وما بعد الضيق إلّا الفرج. ونحن بانتظار الفرج، مؤمنين بحقنا في الحياة الكريمة الحرة على أرضنا. كان هذا ديدنا ولا يزال، وكلنا أمل بأنه يقترب. أيام تمضي وتقربنا من يوم نيلنا حقوقنا كاملة على أرضنا، ثمرة معاناة شعبنا وتضحياته.

***

تضاربت التقديرات بشأن نوايا حكومة بنيامين نتنياهو من وراء إرسال وفدين للتفاوض على وقف النار وصفقة التبادل في القاهرة وفي الدوحة، بين أسوأ النوايا وأقلها سوءا.

واشتدت حملات أهالي المحتجزين الإسرائيليين ضد نتنياهو، يتهمونه بعرقلة التوصل إلى صفقة عن عمد ولاعتبارات غير جوهرية. ولا تخفي إسرائيل حقيقة أن الوفدين المرسلين إلى العاصمتين العربيتين هما على مستوى مهني متدن، ولا يملكان تفويضا واسعا للتفاوض، وفي ذلك نوع من الصفعة لكل من أهالي المختطفين الإسرائيليين، وللإدارة الأميركية الضاغطة للتوصل إلى اتفاق.

وترددت تقديرات بأن الغاية من إرسال وفدين هي الإيحاء بجدية حكومة نتنياهو في تسريع الاتصالات وتقريب فرص التوصل إلى اتفاق. إلا أنّها تقديرات تدحضها هتافات المتظاهرين الإسرائيليين الذين صعّدوا من مواقفهم ضد نتنياهو، داعين للإطاحة به لعرقلته الدائمة لإبرام صفقة. ويقدّر البعض أن تحرّك نتنياهو يعود إلى تكتيك تفاوضي يراد منه خلق تنافس أو تناقض بين الوساطتين المصرية والقطرية. وكثيرا ما أبدت أوساط إسرائيلية ارتياحها للوساطة المصرية مقابل انتقادها للوساطة القطرية. غير أن عددا كبيرا من المختصين الإسرائيليين يعتقدون أن المطلوب ليس مدى الارتياح لهذه الجهة أو تلك، وأن المعيار هو مقدار الجدية والجدوى والنتيجة، معتبرين أن نتائج الوساطة القطرية كانت ملموسة ومقبولة.

وبحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”، المقرّبة من نتنياهو، فإن الفجوات الجوهرية القائمة في المفاوضات لم تمنع استئناف الاتصالات في القاهرة والدوحة على حد سواء.

ومن المتوقع أن يجري الوفد الإسرائيلي في القاهرة لقاءات مع طواقم المفاوضات ضمن التفويض الذي منحه نتنياهو يوم الجمعة لاستئناف الاتصالات. وكان رئيس الموساد ديفيد بارنيع قد أعرب عن اعتقاده أمام كابينت الحرب، يوم الخميس، بوجود فرصة للتوصل إلى اتفاق، الأمر الذي أجبر نتنياهو على تخفيف اعتراضاته.

ونقلت “إسرائيل اليوم” عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه من المتوقع أن يعرض “الأميركيون والمصريون اقتراحات وساطة جديدة يمكن أن تلبي مطالب إسرائيل”، ملقيا باللوم على حركة “حماس” التي “مازالت حتى الآن، متمسّكة بموقفها من انسحاب الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي لا يسمح بالتقدم نحو صفقة”.

ولم يأت الحديث على شرطي “حماس” الأساسيين المتمثلين بوقف الحرب والانسحاب من القطاع، إلى جانب شروط صفقة التبادل.

ومن الواضح أن إصرار حماس في المفاوضات على عودة غير مشروطة للنازحين إلى بيوتهم في غزة وشماليها تشكل حاليا “قطب الرحى” في الخلاف بالنسبة لسلطات الاحتلال. فإسرائيل تصر على بقاء محور نيتساريم، وتتمسّك بـ “حقها” في ضبط عودة النازحين عدديا ونوعيا، وإخضاعها لمراقبتها.

وقد انتقل هذا الخلاف إلى داخل كابينت الحرب، حيث رأى وزراء، بينهم غادي آيزنكوت، أهمية توسيع تفويض الوفد الإسرائيلي من جهة، وحلحلة الموقف من عودة النازحين إلى الشمال من جهة ثانية. ورأى وزراء وجوب التمسك بالاقتراح الأميركي، في حين بقي نتنياهو، وتابعه رون دريمر، على موقف رافض تماما لأي تعديل على الموقف الإسرائيلي المعلن، متمسكا بشن عملية برية ضد رفح.

وكتب المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إيتمار آيخنر، أن وفدا إسرائيليا على مستوى مهني سيصل إلى القاهرة اليوم بدعوة مصرية من أجل عرض اقتراحات “جديدة” في محاولة لتوصل إلى صفقة تبادل مع “حماس”، وأنه وفقا للتطورات سيتقرر إذا كان من المفيد إرسال رئيسي الموساد ديفيد بارنيع ورالشاباك رونين بار لمتابعة المباحثات. وكرر المراسل الكلام عن أن “جوهر الخلاف” هو عودة النازحين إلى شمالي القطاع، حيث أن العائق هو بقاء محور نيتساريم واستمرار سيطرة إسرائيل على حركة الناس والبضائع بين شمالي القطاع وجنوبيه.

ونقل آيخنر عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه إذا حلت مسألة عودة النازحين إلى الشمال، “سيتضح حينها إن كانت “حماس” قد استخدمت هذا الشرط لكسب الوقت أم لا.”، ناقلا عن مصادر أنه “إذا تم حلّ هذه المسألة فإننا سنعرف إن كانت حماس تلعب معنا أم لا”.

وشدد آيخنر على أن لدى الجانب الإسرائيلي غضب شديد على قطر التي استضافت حتى الآن غالبية جولات الاتصالات. ويتركز الغضب على أن قطر، في نظر العدو، لم تمارس ضغطا على “حماس” لقبول المقترح الأميركي، وهو كان سبب إعادة الوفد الإسرائيلي من الدوحة بعدما قضى هناك عشرة أيام.

وفي إطار إظهار أنها راغبة بتحريك المفاوضات، عرضت إسرائيل الإفراج عن معتقلي “صفقة شاليط” الذين أعادت اعتقالهم (بعد تحريرهم ضمن الصفقة) مقابل إعادة جثماني الجنديين اللذين أعلنت موتهما، هدار غولدن وأورن شاؤول، وكل من أبراهام منغستو وهشام السيد المحتجزين في غزة منذ العام 2014. وهذا المقترح يعتبر جديدا خصوصا وأن إسرائيل كانت ترفض حتى الآن مناقشة قضايا جثامين قتلاها تاركة ذلك إلى المرحلة الأخيرة.

ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مصدر إسرائيلي قوله “نحن طوال الوقت نحاول تحقيق الهدف، والمماطلة والعراقيل تأتي دوما من جانب “حماس”. وقنوات المفاوضات دوما مفتوحة مع الوسطاء”.

في غضون ذلك، صعّدت عائلات الأسرى الإسرائيليين ومعارضو نتنياهو من تظاهراتهم في تل أبيب، معلنين أنهم سينظمون تظاهرات في القدس المحتلة أيضا، وفي الكنيست.

وتطالب المسيرات في تل أبيب، الذي يرتفع عدد المشاركين فيها يوميا حتى قدّر ليلة أمس بعشرات الآلاف، بإبرام “صفقة الآن”، وعلت هتافات وشعارات تطالب برحيل نتنياهو فورا عن سدة الحكم.

ووقعت صدامات مختلفة بين المتظاهرين وبين رجال الشرطة الذين حاولوا بأوامر من وزير الأمن إيتمار بن غفير قمع المتظاهرين ومنعهم من قطع الشوارع.

وقالت ابنة أحد المحتجزين في غزة: “بعد الآن لن نرجو أحدا. نحن نعلم أن هناك صفقة على الطاولة وأنتم تمنعون إبرامها. من الآن سوف تروننا في كل أنحاء الدولة ونحن سوف نحرقها. لقد سئمنا من أكاذيبكم. أنتم تقولون إنكم تبذلون كل جهد، لكنكم فعلا لا تفعلون شيئا”.

Exit mobile version