طلال سلمان

من اجل قلعة الحريات في مصر: يحيى قلاش يعيد مجد نقابة الصحافيين

تخوض الصحافة في مصر، نقابة صحافيين وصحفاً، منذ سنتين طويلتين معركة شرسة ضد محاولات قمعها وتحجيم دورها العريق وتأثيرها في مجتمعها.

ولقد ظلت هذه النقابة، على امتداد تاريخها، قلعة للحريات، ومركزاً تنويرياً ممتازاً، حتى في أكثر العهود قمعاً وتجهيلاً واظلاماً، خصوصاً وقد تسنم موقع النقيب فيها وكذلك أمين السر، نخبة من اهل القلم ورجال الموقف والكتّاب اللامعين من بينهم الراحلان احمد بهاء الدين وكامل زهيري وغيرهما من اعلام الصحافة في مصر والوطن العربي.

قبل عامين فوجئت مصر جميعاً، ومعها مختلف انحاء الوطن العربي بعملية بوليسية قمعية استهدفت نقابة الصحافيين في مصر بحصانتها وكرامة دورها، اذ هاجمت مقرها قوة من المباحث والشرطة بذريعة مطاردة صحافيين لجأوا اليها بوصفها “بيتهم” و”مركز الامان” المصفح بحصانتها المعنوية واحترام الشعب لدورها في حماية الحريات.

وكان طبيعياً أن تحمي النقابة، بشخص نقيبها يحيى قلاش، مقرها والمحتمين فيها من الصحافيين الذين لجأوا اليها، والذين لا يمكن أن يشكل “جرمهم” تهديداً لأمن الدولة وسلامة المجتمع، خصوصاً وانه يقع في خانة التعبير عن الرأي.

نقابة الحريات ونقيبها..

اليوم، يخوض يحيى قلاش معركته النقابية من جديد، وقد صارت له ملامح بطل الدفاع عن الحريات عموماً وعن كرامة الصحافيين خاصة بشخص نقابتهم هيئة لها حصانتها، وعن موقعه كنقيب شجاع خاض المعركة ببسالة وكفاءة حامل القلم.

ولقد ظهر قلاش في الايام القليلة الماضية في مقابلات تلفزيونية عدة، وأكد تمسكه بموقفه المبدئي والنقابي الشجاع الذي يهدف الى حماية كرامة النقابة المجسدة لكرامة مهنة الصحافة، أي حرية القول وحرية الرأي والرأي الآخر.

وستكون المعركة الجديدة واحدة من معارك الحرية في مصر التي اجهضت انتفاضاتها المجيدة في الصراع بين العسكر والاخوان، فاذا “الميدان” مقفل، واذا الحريات العامة في خطر حقيقي.. في ظل ازمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، خصوصاً وقد انهارت قيمة العملية المصيرية كما لم يحصل في تاريخها.

حمى الله مصر.. وقلعة الحريات فيها: الصحافة ونقابتها.

أنقل اليكم ما كُتب في بعض الصحف العربية حول أزمة الحريات في مصر بعنوان ما تعرضت له نقابة الصحافيين:

هكذا ما بين قمع المعارضين وقمع الحريات، انتقل ما يزيد عن 24 صحافياً في مصر من بلاط صاحبة الجلالة إلى بلاط أقسام الشرطة والسجون، وكل تهمهم أنهم مارسوا عملاً إعلامياً لا ترضى عنه الدولة، التي لا ترى في الإعلام سوى صوت واحد، هو صوتها من دون مخالف.

وارتفع عدد الصحافيين القابعين في السجون المصرية إلى 64 صحافياً وصحافية،

بصيص من الأمل تسرّب من داخل نقابة الصحافيين المصرية، “صاحبة الجلالة”، بعد فوز الكاتب الصحافي يحيى قلاش بمنصب نقيب الصحافيين… الفوز الذي أخرج النقيب السابق، ضياء رشوان، من أسوار النقابة، بعدما مرت الصحافة المصرية في فترة ولايته بأسوأ عامين على صعيد الحريات.

وكانت مصر قد احتلت المركز الثالث، بعد سوريا والعراق في عدد القتلى من الصحافيين، والمركز 159 من 180 دولة في مؤشر “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة، بعد وضعها على قائمة أخطر المناطق تهديدًا لحياة الصحافيين في العالم.

قلاش، ناصري الهوى والمؤيد لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 والإطاحة بالرئيس محمد مرسي، فاز بمنصب نقيب الصحافيين محمولاً على الأكتاف، والفضل في ذلك يعود، بحسب مراقبي سير العملية الانتخابية، لشباب الصحافة في مصر، الذين ضجوا من الواقع الأليم والمرير الذي أجبر “صاحبة الجلالة” على الانحناء والخضوع. آملين أن يروا في قلاش عودة حقيقية لريادة دور نقابة الصحافيين التي طالما كانت منبرًا للحريات، وكان سلمها قبلة للمتظاهرين والمحتجين حتى في أيام الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك.

من التحركات أمام نقابة الصحافة

نقابيّو الصحافة المصريون

قلاش كاتب صحافي في جريدة “الجمهورية”. شارك في كل فعاليات العمل النقابي منذ أوائل الثمانينيات، وانتُخب عضواً لمجلس نقابة الصحافيين لأربع دورات متتالية، كما عمل سكرتيرا عاما للنقابة لمدة 8 سنوات، وهي أكبر مدة يقضيها نقابي في هذا الموقع.

شارك قلاش في إدارة أزمة القانون رقم 93 لعام 1995 الذي أطلق عليه (قانون حماية الفساد)، من خلال لجنة كانت مهمتها المتابعة والإعداد لكل الفعاليات واللقاءات والإعداد للجمعيات العمومية والتكليفات الصادرة عنها التي ظلت في انعقاد مستمر لمدة تزيد على العام.

تمسك قلاش بملف حقوق الصحافيين وتحسين أوضاعهم، حتى إنه تعرض لاعتداء قوات الأمن عليه في سجن مزرعة طرة عام 1998 في أثناء زيارته مع الزميلين النقابيين جلال عارف ومحمد عبد القدوس لعدد من الزملاء المحبوسين على ذمة قضايا النشر. وشارك خلال الأعوام القليلة الماضية في أعمال اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير التي كان يرأسها الأديب بهاء طاهر، وكان متحدثًا رسميًا باسم اللجنة على مدى عامين.

سبق قلاش على مقعد النقيب، ضياء رشوان، الذي شهد عهده 674 انتهاكاً بحق صحافيين خلال عام 2014 وحده، بحسب توثيق مرصد “صحافيون ضد التعذيب”.

وسبق ضياء رشوان، النقيب ممدوح الولي، المنتمي لجماعة “الإخوان المسلمين”، والذي فاز على يحيى قلاش في الانتخابات التي أجريت في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011 بفارق 300 صوت انتخابي.

وقبل الولي، كان مكرم محمد أحمد، الذي دخل النقابة في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وتم التجديد له في ديسمبر/كانون الأول 2009، ولم يخرج منها إلا بعد أول انتخابات أعقبت ثورة 25 يناير 2011.

وسبق مكرم، جلال عارف، الذي دخل النقابة عام 2003، ومن قبله إبراهيم نافع، الذي ظل يتبادل مقعد النقيب مع مكرم محمد أحمد، منذ عام 1987.

أما الكاتب الصحافي صلاح جلال، فقد شغل منصب نقيب الصحافيين في الفترة من 1981 وحتى 1983. ومن قبله الكاتب الصحافي كامل الزهيري، في الفترة من 1980 وحتى 1982. وقبله الكاتب الصحافي يوسف السباعي، وعبد المنعم الصاوي، وعلي حمدي الجمال، وأحمد بهاء الدين، ومحمد عبد العزيز الشربيني، ومن قبلهم حافظ محمود، وحسين فهمي وصلاح سالم، وأحمد قاسم جودة، وحسين أبو الفتح، وفكري أباظة، ومحمود أبو الفتح الذي يعد أول نقيب للصحافيين عام 1941.

ولقد تأسست نقابة الصحافيين المصريين في نهاية شهر مارس/آذار عام 1941، بعد سنوات طويلة من نضال الصحافيين المصريين للحصول على كيان يمثّلهم ويدافع عنهم ويحترم حقوقهم. هكذا صدر في ذلك العام قانون حمل الرقم 10 وأعلن إنشاء النقابة مع تشكيل مجلس مؤقت. بعدها بتسعة أشهر، أي في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، أقيمت أول انتخابات في النقابة. حيث انعقدت جمعية عمومية للصحافيين، وتم تشكيل أول مجلس نقابة منتخب.

وتشكّل المجلس يومها من 12 عضواً: 6 يمثلون أصحاب الصحف و6 يمثلون رؤساء التحرير والمحررين.

أما مبنى النقابة الجديد فوضع حجر أساسه في يونيو/حزيران 1997. أما البناء الكامل بشكله الحالي فقد انتهى العمل منه في يوليو/تموز 2002.

Exit mobile version