طلال سلمان

مخبر ملكي!

»بشرتنا« الحكومة الأردنية، نقلاً عن وزير الخارجية الروسية، نقلاً عن الدوائر الحاكمة في تل أبيب، بأن إسرائيل تخطط لعملية عسكرية كبرى ضد لبنان، انطلاقاً من جنوبه.
لم تستهجن الحكومة الأردنية مثل هذا التهديد المباشر، ولم تشجبه او تتصل »بأصدقائها« الحاكمين في تل أبيب معاتبة، ولا هي أرسلت تحذر »الاخوان اللبنانيين« بغير اعلان، بل أخذت تضرب الطبول كأنما للتمهيد للعملية الاسرائيلية الكبرى ضد لبنان الذي ربما ترى انه يحتاج الى »تأديب« لأنه ما يزال يقاوم بدمه مشاريع الحلول المنفردة التي تشابه اتفاق وادي عربة، والتي يمكن اعتبار »لبنان أولاً« عنواناً لها.
بالطبع لن يتأثر اللبنانيون بهذا التهديد الجديد وخصوصا انهم سمعوا ويسمعون أعنف منه وأقسى (وبالنار مباشرة) كل يوم وعلى ألسنة زعماء التطرف في إسرائيل مدنيين وعسكريين.
الفارق الوحيد ان التهديد الاسرائيلي يجيئهم الآن بلسان عربي، ولكنهم أيضا تعوّدا ان يسمعوا مثله بلسان عربي لبناني عبر عملاء اسرائيل في الشريط المحتل من الأرض اللبنانية.
ومن قبل، وخلال اجتياح نيسان سنة 1996، الذي يمكن تلخيصه بمجازر قانا والمنصوري والنبطية، تولت الحكومة الأردنية (وإن برئيس آخر هو الكباريتي) إبلاغ إنذارات اسرائيلية الى الحكم في لبنان.
لم يتورع الكباريتي الذي أقيل لمبالغته في الاعجاب بإسرائيل نتنياهو، عن إيصال تهديد إسرائيلي مباشر إلى بيروت مفاده ان الجيش الاسرائيلي سيتقدم حتى طريق بيروت دمشق، وان نيرانه ستدمر المنشآت والبنى التحتية في لبنان.
ولم يكن الإبلاغ »وشاية« على إسرائيل أملاها »التضامن العربي«، بل كانت محاولة إسرائيلية مباشرة لترويع اللبنانيين وإرهاب الحكم في لبنان ليتحول الى تنفيذ المهمة الاسرائيلية »باجتثاث حزب الله من جذوره« للقضاء على المقاومة الباسلة التي تجعل الاحتلال أكثر كلفة من ان تطيقه أسرائيل.
ها هي الحكومة الاردنية تكرر تبرعها فتقوم بدور مكبر الصوت للتهديد الاسرائيلي، وتلجأ الى »الهجوم« بدلا من الدفاع عن تفردها وهرولتها وانحيازها الكامل الى الطرف الاسرائيلي في الصراع ضد حق العرب في ارضهم، وضد الحد الادنى من التضامن العربي، فتشترك مع اسرائيل وتركيا في تطويق سوريا، وتقدم قواعد عسكرية للقوات الاميركية على الحدود المشتركة مع كل من العراق وسوريا لمحاصرة دمشق من جهة والضغط المباشر على بغداد لتخرج نهائيا من الصراع العربي الاسرائيلي بما يضعف الصمود السوري اللبناني، ثم تندفع الى مؤتمر الدوحة وهي تعي تماما جسامة الأذى الذي تلحقه بالتضامن العربي وأهمية الخدمة التي تقدمها للتطرف الاسرائيلي.
في أي حال لا عتب على حكومة تفرّط بأمن بلادها وشعبها، فتفرج عن العملاء الكبار للموساد وقد ضبطتهم بالجرم المشهود يغتالون واحدا من كبار قادة »حماس« في عمان، اذا هي لعبت دور المروّج للعدوان الاسرائيلي على لبنان.
ان حكومة تتآمر على شعبها لن تكون رحومة مع اللبنانيين، فهي هنا وهناك مجرد أداة اسرائيلية!
وقد سبق للرأس في عمان ان أبلغ تل أبيب بما وصل الى علمه عن استعدادات عربية لحرب تشرين!

Exit mobile version