طلال سلمان

ماذا أنتم فاعلون؟ اللصوص الدوليون قادمون

كتب نصري الصايغ:

ماذا انت فاعل. اقتربت من النهاية. لا أمل لسنوات. الذين قادوك إلى الهاوية، ما زالوا على “قيد السياسة”. لم يستسلموا بعد. ولن، إلا إذا الانتفاضة استعادت بداياتها. بداياتها حملت املاً بالتغيير. الذين خرجوا فجأة من سباتهم السياسي، كان بسبب 20 سنتاً فقط. العشرون سنتاً كانت الشرارة. فتحت الانتفاضة ملفات الدولة. رأت الدولة مسبية، مسروقة، محتلة، مزرعة، ورأت المرتكبين كلهم. كلن يعني كلن.

الانتفاضة ملأت الساحات. صار اللبناني خطيراً جداً. خافت السلطة. استقالت. هربت من المواجهة. اختبأت خلف الشرطة والجيش. خرست. فضلت التآمر على الانتفاضة. طنشت. حاولت الفتنة. فشلت. استمرت الساحات حاضنة للحراك. شنوا عليها غارات طائفية ومذهبية. فشلوا. حافظت الانتفاضة على قوتها، لكنها لم تستطع أكثر من ذلك. قوة لا تقوى حتى الآن على براثن السلطة المستذئبة، سلطة لجأت إلى العنف، امام انتفاضة سلمية، تتطلع إلى تغيير بوسائل دستورية، غير انقلابية. عنف غير مسبوق لتأمين نصاب ثقة، لا يثق بها الحراك، المعبر عن اكثرية فائضة، تطالب بالحرية والكرامة والعدالة ومعاقبة المرتكبين.

ماذا بعد؟ ماذا أنت فاعل الآن، غداً، بعد غد. لبنان ماضٍ إلى الهاوية. ما يحدث اليوم كارثة. اين منها مناسبة العشرين سنتاً؟ العشرون سنتاً كانت المفتاح الذي شرع الابواب فخرجت الجماهير بطاقة غضب غير مسبوق. ويومها، كان الامل كبيراً. يلزم المحافظة عليه.

انما… انما… انما ماذا انت فاعل اليوم وغداً. ما يجري جسيم وخطير جداً. العشرون سنتاً لم تعد شيئاً امام معركة افقار الشعب اللبناني برمته، باستثناء سارقيه وناهبيه ومنتفعيه وبائعيه. الحكومة الراهنة، فاقدة الثقة، ومعها احزاب محتلة لمواقعها منذ 30 عاماً، قررت أن تشلِّح اللبناني، راتبه، ماله، جنى عمره، ودائعه، قمحه، نفطه، سياحته، مدارسه، هذه الحكومة ستعالج الديون، ببيع البلد. لن تمس اموال النهابين والنصابين والفاسدين، وهم هنا ومعروفون من جيوبهم المنفوخة ومقاماتهم السياسية، كشركاء لتحالف الثروة والسلطة.

ماذا انت فاعل اليوم؟ من اجل عشرين سنتاً خرجت بكامل غضبك. فتحت مرحلة جديدة. كشفت عورة لبنان. فلماذا انت اليوم أقل حضوراً؟ انهم يذلونك امام المصارف من اجل حفنة من المال، الذي هو مالك وثمن تعبك وجنى عمرك. لماذا لم تملأ الشوارع والساحات بعد؟ ماذا تنتظر؟ أن تفقر أكثر؟ أن تتوسل غداً؟ أن تتسول بعد غد؟ أن تجوع في ما بعد؟ أن تطفر في الطرقات؟ أن تهاجر إذا تيسَّر ذلك؟

اللصوص الدوليون قادمون. يريدون منك أن تدفع ما معك، وما ليس بحوزتك. سيضع اللصوص الدوليون قيودهم على عيشك: ضرائب جديدة. رفع الدعم. استملاك المرافق. مصادرة الثروة البشرية. الخ.

فقل لي، ماذا انت فاعل؟

هل تعبت؟

هل يئست؟

هل تخليت؟

بالطبع لا. فقط انت تحتاج إلى من كان معك في الساحات. وفي الساحات لم تكن وحدك. اين أنتم الآن؟ لا شك انكم موجودون، ولكنكم تحتاجون إلى لحمة، إلى نسيج تحالفات، إلى تنظيم مجموعات، إلى آليات عمل متنوعة وموحدة. لا تخافوا من السياسة. لتكن صياغتها بناء على حقكم في التغيير. لبنان هذا لكم. انتزعوه منهم. لا تستطيعون ذلك وانتم فرادى. جمعكم الهائل والصارم يرعبهم. سيلجأون إلى الدم. مجرمون. اننا نعرف ذلك. سيلجأون إلى المذهبية. اننا نعرف ذلك. انما، ما هو غير معروف، عن الانتفاضة، انها لم تبنِ صفوفاً متراصة، من مشارب مختلفة.

البلد على حافة الافلاس، او انه أفلس وانتهى الامر. فيا شباب وشابات الانتفاضة اتحدوا، برغم تلويناتكم. أنتم الاقوى، إذا كنتم واحداً.

ولكم الفوز في نهاية المعركة.

هذا تفاؤل ام ماذا؟

بل هذا أمل، فليتحقق.

وليكن الأمر لكم.

انكم ترون وتشعرون وتعرفون وأنتم على وعي. تشبهوا بشعار القبضة الرائع. كونوا القبضة. امنعوهم. لا تدعوهم يبيعون البلد. اكسروا اياديهم. قليل من القوة؟ فليكن… إذا باعوا البلد، فلا حول ولا قوة الا بكم أنتم. انكم الأقوى إذا…

ضعوا الكلام المناسب وافعلوا الافعال المناسبة. ولتسقط كل الخلافات الصغيرة، والصغيرة جداً. ولتراعَ الخصوصيات قليلا، ثم قليلاً. ولنذهب معاً إلى حيث يجب أن نكون، وليمضِ زبانية السلطة إلى حيث يجب أن يكونوا.

هكذا؟

نعم هكذا. لأن المعركة عنوانها، اما نكون او لا نكون.

إني مُصّر على انكم ستكونون ولن يكونوا.

إلى اللقاء غداً وما بعده على طول، في الساحات، وحيثما يجب أن نكون.

Exit mobile version